-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خطة “ب” تستبق الفشل المبرمج للجنة الوساطة

حبيب راشدين
  • 1764
  • 2
خطة “ب” تستبق الفشل المبرمج للجنة الوساطة
ح.م

على بعد أسبوع من الدخول الاجتماعي، ما زالت الأزمة الناشئة عن إفراغ موقع الرئاسة باستقالة بوتفليقة في أفريل الماضي تراوح مكانها، مع تسجيل إخفاق واضح للطبقة السياسية في التوافق على مخرج آمن، يبدأ حتما بملء الفراغ في أهم مؤسسة لصناعة القرار، وإدارة شؤون الدولة، ورعاية مصالح البلد وعلاقاته الدولية، وقد أنفقنا من الوقت ضعف ما كانت تسمح به المهلة الدستورية تحت رئاسة رئيس دولة مؤقت، لا يسمح له الدستور بتسليم صلاحيات رئيس الجمهورية إلا لرئيس منتخب.

فالمخرج الدستوري كان واضحا منذ البداية، وقد تمسكت به مؤسسة الجيش التي كان لها الدور الأبرز في إسقاط العهدة الخامسة وإحباط مناورة “العصابة” لتمديد العهدة رغم أنف الحراك، كما كان لها دور في تنشيط وحماية عملية تطهير البلد من رؤوس العصابة الفاسدة، قد أمنت الحراك الشعبي مما قد يخشاه بعضهم من “الثورة المضادة” وإعادة تدوير الجناح الفاسد من النظام، كما أبدت مؤسسة الجيش استعدادا طيبا لمرافقة الحراك الشعبي، وتلبية طلباته المشروعة الموضوعية، على رأسها شروط تأمين العودة للمسار الانتخابي من العبث بصوت الناخب.

الآن وقد غلقت الأبواب بلا رجعة في وجه خيار الانتقال خارج الدستور، لم يبق من خيار سوى التوافق على حزمة الشروط القانونية والتنظيمية لحماية الاستحقاق الرئاسي القادم من العبث والتزوير، وربما لم نكن في حاجة إلى جنة الوساطة والحوار، وقد كان بوسع رئاسة الدولة، مدعومة بمؤسسة الجيش، الذهاب مباشرة إلى مراجعة سريعة لقانون الانتخابات والقانون العضوي للهيئة المشرفة على الانتخابات، بطرح مشروع قانون يعرض على البرلمان، يفي بالحد الأدنى من مطالب الطبقة السياسية المعلومة منذ أكثر من عقد.

أمامنا أربعة أشهر قبل نهاية السنة، وهي كافية لمراجعة قانون الانتخابات، وتأسيس هيئة مستقلة تنقل لها جميع صلاحيات الأشراف الكامل على تنظيم وإدارة جميع مراحل الاستحقاق الانتخابي، مع منح حصة وازنة للقضاة ورجال القانون في تشكيلة الهيئة، تدعم مركزيا بنخبة من الشخصيات الوطنية المستقلة، ومحليا بنخب شابة من الحراك تضمن إشراك فعالياته في التأمين الميداني للاستحقاق القادم.

حتى الآن، ودون أي موقف مسبق من لجنة الوساطة والحوار، فإنها في اعتقادي تكون قد باشرت مهامها بذهنية الهواة، وارتكبت أكثر من خطيئة، فخرجت دون سابق إنذار من دور “الوسيط المسهل للحوار” إلى محاولة التأثير القبلي على مخرجاته، بدءا بطرح اشتراطات مسبقة لم تكن من صلاحياتها، وانتهاء بمقترح تقييد الرئيس القادم بالتزامات يفترض أن تكون جزءا من البرامج المتنافسة، ولست متأكدا من كونها سوف توفق في ما بقي من الوقت في إدارة حوار له أكثر من معوق، قد أقصيت منه أحزاب الموالاة، وترفضه أغلب أحزاب المعارضة العالقة حتى الآن في أكثر من صيغة للانتقال خارج الدستور، وليس فيه أدنى فرصة لإشراك ممثلين عن حراك معوق يفتقر إلى أدوات ترشيح ممثلين عنه في مختلف ربوع البلاد.

أمام هذا الفشل المبرمج لمسار الحوار بقيادة لجنة الوساطة، يفترض من السلطة القائمة أن تبادر من الآن بتنشيط خطة بديلة، بطرح سريع لمشروع قانون تعديل قانون الانتخابات ومراجعة القانون العضوي للهيئة المستقلة، تستبق فيهما أبرز مطالب الطبقة السياسية، وتبقيهما منفتحين على ما قد يصدر من اقتراحات من المعارضة الدستورية داخل البرلمان، وما قد يصلها من نشطاء الحراك، ثم تبادر إلى دعوة الهيئة الناخبة لاستحقاق رئاسي ينظم قبل نهاية السنة بمن حضر، ويترك الحكم النهائي للهيئة الناخبة لتجسيد مضمون المادتين السابعة والثامنة، وتحييد قوى التعطيل التي أشار إليها قائد الأركان منذ يومين من وهران، وهي بلا شك أقلية قد حرمتها خياراتها العقائدية المعادية للرأي الغالب في المجتمع من فرصة انتزاع الوكالة الشعبية عبر الصندوق، سوف تتحرك حتما للتشويش على الانتخابات، لكنها أعجز ما تكون عن إفشالها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • لطفي / الجزائر

    الذي لا يعمل لا يخطيء .... الجيش عمل عملا غير مسبوق في تاريخ الجزائر . إن أخطأ فذلك لأنه عمل.
    الذي لم يعمل خيرا لبلاده و شعبه و يخطيء من عمل مخادع و جبان .
    أخطاء الجيش-إن وجدت- هو ثقته في تحاور الجزائريين . فهل تحاور الجزائريون فعلا؟ ربما ليس بعد. و هذا المرجح و هو الحاصل .
    مشكلة الجزائريين ضعف ثقافة الحوار بينهم و انعدام الثقة بينهم ... الحوار ثقافة تكتسب و لا تنبت من الأرض و لا تسقط مع المطر .. و الثقة ممارسة و عادة ..

  • ياسين

    ما يؤخذ على لجنة الحوار هذه أنها تتميز بعقدة التفوق و الاقصاء و هذا لا يخدم لا الحوار في حد ذاته و لا المصلحة العليا للشعب و الوطن...فإن كانت تدعي أنها لجنة حوار و وسطاة فيجب أن تكون كذلك و تسعى لمحاورة جميع مكونات المجتمع (أحزاب سياسية، جمعيات، شخصيات وطنية) من دون إقصاء إلا من أقصى نفسه للوصول إلى إجماع وطني يخرج البلد من عنق الزجاجة التي ورطتنا فيه العصابة (92-2019) و أذنابها التي تصلها التعليمات و الإيحاءات من هنالك من وراء البحر؟؟؟