-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خلّيها.. تبور!

خلّيها.. تبور!
إ.منير

استقالة الجزائري من الحياة، ولا نقول من الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فقط، تجلى بشكل صريح في انزوائه مع عالم الخيال الأزرق، يمارس بطريقة “مازوشية” تهديم ما تبقى من جسور بينه وبين ذاته، بعد أن حوّل جسور علاقته مع السلطة إلى رميم، إلى درجة أنه رفع شعارا غريبا، يطالب فيه بترخيص كل ما غلا سعره بالترك، حتى وإن كان ذلك دواء أو غذاء أو نصف دين.
“خليها” كلمة جديدة قديمة، تصنع حاليا مُنجدا جديدا أو ثقافة حياة تدعو إلى القطيعة مع كلّ ما هو معقّد في حياة الجزائريين، فقد بدأ الأمر بالسيارات التي ارتفع سعرها بشكل رهيب، وضد قوانين الاقتصاد، فجاء الطلب بترك هذا المنتج الحديدي للصدإ، حتى وإن كان الطلب من باب “مكرَهٌ أخوك، لا بطل”، صيحة مزيج بالفكاهة في بادئ الأمر، ولكنها بعد ذك طالت مختلف مناحي الحياة، بدءا بالسيارة واللحوم والسمك، ووصولا إلى الزواج ومناسك الحج، ومجرّد المطالبة بترك الأرض للبور أو المرأة للعنوسة، هو في حد ذاته قطيعة مع الذات، ومع الحياة بشكل عام.
الحديث عن توقيف صاحب صرخة “خليها تصدّي” عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتحقيق معه، كان يمكن أن يكون إيجابيا لو تعلق الأمر برجال اجتماع وسياسة وعلم نفس واقتصاد، لبحث حالة اليأس التي بلغها بعض الجزائريين والسِلبية التي وُوجهوا بها، وكان يمكن أن يُنسِف بالكامل هذه الصيحة “الشاذة”، من خلال المعالجة قبل أن تنتشر في كامل الجسد، فيترك المواطن السيارات للصدإ على الأقل من دون أن يدعو غيره إلى ذلك، ويترك اللحوم الحمراء والبيضاء والسمك وزيارة البقاع المقدسة والزواج وهو مقتنع بأن الدولة بذلت ما يجب أن يُبذل، لأجل ضبط الأسعار وكبح جماح الجشع، من أجل صورتها قبل صورة ولبّ المواطن اليائس، الذي صار يتسلى بأغنية “خلّيها”، بما يُشبه تعاطي الراح إلى حدّ الثمالة، هروبا من مشاكل تعصف به من كل الاتجاهات.
نتفق جميعا على أن التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، كان وبالا علينا، فقد أبعدت مواقع التواصل الاجتماعي الجزائريين عن التواصل وعن الاجتماع، فغالبية الأطفال الذين دخلوا عالم الإجرام وفساد الأخلاق ودرجة الانتحار بالحوت الأزرق وبغيره، وغالبية الشباب الذين غرقوا في المدخلية والأحمدية والرافضية والإلحاد، وغالبية النساء اللائي طلبن الخلاعة والسفور، إنما انطلقوا من المحطات الزرقاء، ونشهد أيضا بأن الدولة، مثلها مثل المجتمع بأئمته وأساتذته وإعلامه واختصاصييه كان غائبا عن المعركة، وأحيانا ضمن ضحاياها، إن لم نقل طرفا ضمن الطائفة الباغية.
ألم يحن الوقت بعد لأجل أن نغيِّر هذا “المنكر” الاقتصادي باليد أو باللسان، ولا نرفع شعار “خليها”؟ ألم يحن الوقت لأجل حذف هذه الكلمة نهائيا من قاموس الجزائريين، الذين بلغ بهم اليأس درجة المطالبة بترك الغذاء والدواء والزواج وفرائض الإسلام، ليس من باب “إذا غلا الشيء أرخصته بالترك” وإنما هروبا إلى .. المجهول؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • الفيلسوف

    واعرة و لقيتها يا كاتب المقال لو لم تكن شاعر بلاط لآزرت بني جلدتك ضذ مصاصي الدماء الجدد حتى وإن لم يعد لهذا الشعب دماء لأنهم أكلوا اللحم و الشحم و نقوا العظم و أحتسوا شراب الدم أتريدون منا أن نشتري كيلو غرام موز ب500 دج لكنكم لا تريدون حديثا عن smig تريدون منا أن نسدد فواتير بما بفوق 7000 دج و يا ليته كان لي مكيف هواء و راتبي لا يتعدي 25000 دج وتريدنا يا صاحب المقال أن نقول كل ما تغلى تولى مليحة لا حول و لا قوة إلا بالله فيكم يا شعراء البلاط.

  • يتبع ( خليه يفسد)

    والخسائر تتراكم على التجار اخيرا وبعد كل هذا اتفق حثالة التجار الخاسرين وهم خاسئون بأن يبيعوا البيض بربع سعره مع تقديم اعتذار رسمي في الصحف وفاز الشعب الابي في معركة مع التجار الجشعين الاندال الخونة وفائزا بان يشتري البيض بخصم 75 بالمئة من سعره هنيئا للشعب الواعي المثقف فكريا والعارف لمصلحته

  • خليه يبعبععع

    الى كاتب المقال المحترم قصة للعبرة :
    قبل بضع سنوات استيقظ الشعب الارجنتيني صباح احد الايام واذا بتجار الدواجن والبيض قد اتفقوا على رفع سعر البيض دون ان يفكروا ولو للحظة ان هناك من لا يستطيع ان يجد قوت يومه وان هناك من يكد النهار والليل ليسد رمق اطفال جياع هل تعلمون لماذا ,لانهم تجار جشعين وماذا حصل بعد ذلك رفع المواطنين الارجنتنيين لافتة ( خلوه يفسد ) فماذا تتوقعون بعد ايام تكدس البيض في الثلاجات والمخازن والمستودعات ولم تنته القصة هنا اتفق التجارعلى اعادة السعر السابق ولكن الشعب الابي رفض ان يشتري البيض وذلك ليتأدب التجار فعاد التجار وخفضوا من سعر البيض والشعب العظيم مرة اخرى رفض الشراء

  • عبد الحكيم بسكرة تابع

    لقد انقلبت موازين الأفكار عندما يدعو كاتب المقال الى استعمال اليد او اللسان للتغيير أجدر من الفكرة (السلمية الحضارية )"خليها تصدي"فيقول:ألم يحن الوقت بعد لأجل أن نغيِّر هذا “المنكر” الاقتصادي باليد أو باللسان، ولا نرفع شعار “خليها”؟ ما الازعاج في هذا ام ان اطرافا زلزلت من تحت اقدامها فاختلطت عليها الحسابات فدعت الى مواجهةالسلاح الفتاك "خليها تصدي" ويحيرني كاتب المقال عندما ينكر ان هذا السلوك هو من باب اسلامي اي تطبيقا لترك السلعة في حالة الغلاء فيقول:الذين بلغ بهم اليأس درجة المطالبة بترك الغذاء والدواء والزواج وفرائض الإسلام، ليس من باب “إذا غلا الشيء أرخصته بالترك” وإنما هروبا للمجهول

  • محب الدين

    و اله العظيم غير تعيي أهذا ما وصلت إليه بعد إستقرائك للأوضاع لقد كثر خدام البلاط و لن أزيدك .

  • عبد الحكيم بسكرة

    لقد انقلبت موازين الأفكار عندما يدعو كاتب المقال الى استعمال اليد او اللسان للتغيير أجدر من الفكرة (السلمية الحضارية )"خليها تصدي"فيقول:ألم يحن الوقت بعد لأجل أن نغيِّر هذا “المنكر” الاقتصادي باليد أو باللسان، ولا نرفع شعار “خليها”؟ ما الازعاج في هذا ام ان اطرافا زلزلت من تحت اقدامها فاختلطت عليها الحسابات فدعت الى مواجهةالسلاح الفتاك "خليها تصدي" ويحيرني كاتب المقال عندما ينكر ان هذا السلوك هو من باب اسلامي اي تطبيقا لترك السلعة في حالة الغلاء فيقول:الذين بلغ بهم اليأس درجة المطالبة بترك الغذاء والدواء والزواج وفرائض الإسلام، ليس من باب “إذا غلا الشيء أرخصته بالترك” وإنما هروبا للمجهول

  • عبد الحكيم بسكرة

    , فتأتي أنت و تقول"المواطن اليائس، الذي صار يتسلى بأغنية “خلّيها”، بما يُشبه تعاطي الراح إلى حدّ الثمالة، هروبا من مشاكل تعصف به من كل الاتجاهات" ماذا تريد ايها الصحفي من المواطن ايسكت دهرا آخر كما سكت من قبل ليتسنى لكل ناهب ان يمتص دماء الشعب و يعيث في الارض فسادا