-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دارفور كرة سابحة في بحر من الدماء

دارفور كرة سابحة في بحر من الدماء
ح.م

الأجواء الدافئة لا تداوي جروح المتناقضات العرقية في السودان الواقع فوق سندان التقسيم المعبر عن إرادة القوى الدولية المتنفذة، وحظوظ استتباب السلام بين الأعراق المتصارعة أعلنت عن غيابها منذ البدء، والقيادة السودانية التي تقابل قادة الحركات المسلحة المتمردة في دارفور، تدرك سر ضعفها في ظل تدخلات وأطماع دول الجوار والدول الكبرى المؤثرة في مستقبل إقليم دارفور ووحدة السودان.

أعنف مواجهات يشهدها إقليم دارفور منذ توقيع اتفاق للسلام في أكتوبر 2020 كان يؤمل أن يضع حدا للحرب الدموية، في أرض باتت لغة السلاح فيها هي اللغة الأوحد.

يتجدد العنف الأهلي بعدما أنهت البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) نهاية العام الماضي رسميا مهمتها التي بدأتها في 2007، على أن تتولى حكومة السودان مسؤولية حماية المدنيين.

تزداد حدة الحرب الأهلية في ظل متناقضات دولية تفوق حدة التناقض العرقي الراغب في التقسيم السياسي، إنها حدة تناقض المصالح السياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية في إقليم دارفور السابح ككرة في بحر من النفط المكتشف من قبل شركة شيفرون الأمريكية، تحول إلى كرة سابحة في بحر من الدماء.

وكشفت مؤتمرات السلام عن تضارب حسابات الدول الفاعلة بالصراع الداخلي، من خلال التوافد المذهل للوفود الإعلامية والسياسية الآتية من الصين المستثمر الذي يحتل المرتبة الأولى في الخرطوم معبرا عن نجاح خطة تدخله في إفريقيا وعواصم آسيوية وأوروبية وأمريكية، حاملين ملفات التناقضات حول مستقبل إقليم دارفور وثرواته الهائلة التي جعلت لكل طرف دولي أجندة خاصة به في حيثيات الحضور في أزمات دولة السودان. دارفور.. القادرة على إرواء عطش العالم الغربي للنفط: تحولت إلى مساحة لصراع النفوذ بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وجذبت حتى الصين التي تقرر لأول مرة في تاريخها السياسي المشاركة بقوة سلام دولية خارج حدودها وتحديدا في دارفور، وفرنسا ترى نفسها الأحق بنفط دارفور الواقعة في جغرافية دول المنظمة الفرنكفونية، لكن الولايات المتحدة الأمريكية التي تتبنى الفصائل المتمردة ترى حقها قائما دون سواها في نفط يعود الفضل إليها في اكتشافه، وبين الاستراتيجية الأمريكية والاستراتيجية الفرنسية يشتد التناقض الذي يجعل كل الأطراف الأخرى على هامش المؤثرات.

ولعبة الصراعات والتناقضات القبلية والعرقية هي التي تجعل السلام أبعد ما يكون في دارفور بعد ما كان على قلب سودان موحد، المتمردون يتهمون حكومة الخرطوم بتفجير الصراعات العرقية والقبلية من أجل ألا يتوحد سكان دارفور في انتزاع حقوقهم السياسية والاقتصادية: عبر دعم ميليشيات من القبائل العربية “الجندويد والزريقات والهبانية” لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير.

والغريب أن قادة المتمردين ليسوا أصيلي دارفور في معظمهم، فهم ينتمون إلى قبيلة الرئيس التشادي السابق إدريس دبي التي لها امتداد في ليبيا، باستثناء قبيلة فور التي يتزعمها عبد الواحد محمد نور المقيم في فرنسا.

كل هذه المؤثرات الدولية والإقليمية تجعل القارة الإفريقية مسرحا لحروب تزيدها فقرا وجفافا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!