-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دبّر راسك!..

جمال لعلامي
  • 498
  • 1
دبّر راسك!..

العُطَلُ المَرَضيَّةُ عُطَلٌ مُرْضِيةٌ أيضًا.. لكن، صدقتَ أخي جمال، ولا ينقضي عَجَبُ “أَلِيس” في الجزائر! تتحدث الحكومةُ عن 14 مليون عامل وموظَّف استفادَ مِن عُطلةٍ مَرَضيَّةٍ، وكأنَّها تتحدَّثُ عن اكتِشافٍ عظيمٍ! كأنِّي بها اِكتَشَفتْ أخيرًا الدَّاءَ الوَبيلَ الذي يَنخَرُ جَسَد الاقتصادِ الجزائريِّ، وعرفَتْ أنَّ الدَّواءَ قد يَكونُ في منع الموظَّف من المَرَضِ تحتَ شعار كُبرائِنا “دَبّر راسك، ماعلاباليش بيك، اخدم ولّا شَوّر”، فَهيَ تُلقي اللّائمةَ على هؤلاء الموظَّفينَ والعُمَّالَ الذينَ يدَّعونَ المَرضَ ادِّعاءً، ويأكلونَ سُحتًا، مثلما أفتى أبو عبد الله غلام الله بحُرمةِ أموال الأساتذةِ المُضربين فيما سبقَ. نعم، مِنهم من يأكُلُ سُحتًا، وكُلٌّ يأكُل السُّحتَ بِطريقته!
لوْ أنصَفتْ الحُكومةُ حقًّا، لَجنَّدتْ الباحثينَ والخُبراءَ لِدراسةِ هذه الظاهرة، ولكنَّ الأمرَ عندها لا يستَحقُّ، لأنَّ الجزائريَّ لا يُحبُّ العمَل، ولسانُ حال المسؤول عندنا: “خرُّوب بلادي.. ونحنُ جزائريُّون ونعرف بعضَنا”، لذلكَ لا يَحتاجُ الأمرُ إلى دراسةٍ علميَّةٍ، بل إلى إجراءات إداريَّةٍ مِن نوعِ “صُنع مَحلِّي”، تَخنُقُ المُوظَّفَ، وتُقيمُ الغَشَّاشَ على الجادَّةِ. ألا يُمكِن أن يكونَ هذا سببًا لادِّعاء الجُنونِ أيضًا؟!
بالتأكيد، يوجدُ موظَّفون يتحجَّجون بالمَرضِ، لأنَّ عُطلةَ شهرٍ واحدٍ لا تَكفيهمِ لِتفريغِ ضغطِ سنةٍ كاملةٍ، أو لأنَّه يعملُ أكثرَ مِن الأجر الذي يُعطاهُ، بينما يعمل غيرُه أقلُّ من الأجر الذي يستَحقُّ، أو لأنَّ ضَغطَ الإدارةِ الجزائريَّةِ مُتفرِّدٌ في العالَمِ كُلِّهِ، فهو أوصَلَ خلقًا كثيرًا إلى الموتِ، أو إلى الإصابةِ بأمراضٍ مُزمِنةٍ، أو لأنَّ الموظَّف ابتُلِي بِمسؤول يساوي ضغطُ يومٍ من العمل معهُ ضغطَ سنة، فلمَ لا تتكلَّمُ مصالح الضمان الاجتماعي عن الموظفين المرضى حقيقةً، وعن أسبابِ مرضهم، وماذا فعلت لِعلاجِهم.
الموظف الجزائريُّ بحاجةٍ إلى ما يُشجعهُ على البقاء في مكان عمله، وإلى ما يُخفف عنه ضغطَ العَملِ، لا إلى مزيدٍ من الضَّغطِ، لماذا يَنسَوْن أن الجزائريَّ يدخلُ مكانَ عَمله وهو يحمِلُ ضغوطًا اجتماعيَّةً ونفسيَّةٍ، أم يَحسبون أنه يبيتُ ليلتهُ في منتجعاتِ انطاليا؟ في بلادِنا لا يملك المسؤولون إلّا تقليد الآخرين في سياساتهم، أو الاستِبداد بالتَّفكيرِ دُون أهلِ التَّفكير، ولمداراة هذا العَجزِ يَهرعونَ إلى إصدارِ قوانينَ وإجراءاتٍ، تَزيدُ الأمرَ تعقيدًا.
حمدي.ع

.. والله، أحرجتني يا سي حمدي، ولم تترك لي ما أقوله، فالنصب والاحتيال، مرض، وسرقة الوقت، مرض، والآفات الاجتماعية، مرض، وانهيار القيم والأخلاق، مرض، وكلّ الأمراض، مرض، فشفانا الله وعافانا من كلّ الأوبئة!
نـُشر في 15- 12- 2018

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جوطي الحاج

    ابحث لماذا يقطف شباب الجزائر طماطم اسبانيا ويهرب من طماطم الجزائر؟!