-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

درسٌ كبير من رواندا الصغيرة!

حسين لقرع
  • 2273
  • 7
درسٌ كبير من رواندا الصغيرة!
ح.م

بعد أن أرسلت في 27 فبراير 2019 قمرا اصطناعيا إلى الفضاء الخارجي لتمكين تلاميذ مدارسها من الأنترنت مجَّانا لاستزادة معارفهم وتدريبهم على البحث منذ نعومة أظافرهم، أعلنت رواندا منذ أيام تصنيعَ هاتفين محمولين ذكيّين، وافتخرت بأنهما أولُ هاتفين يُصنَّعان في إفريقيا بإمكاناتٍ محلية، في حين لا تزال الجزائر وجنوب إفريقيا ومصر وإثيوبيا تكتفي باستيراد أجزائه وتركيبها!

وتطمح رواندا الصغيرة التي لا تتعدى مساحتُها 26.338 كلم2؛ أي أقل من 40 بالمائة من مساحة ولاية الجلفة (66.415 كلم2)، إلى منافسة هواتف سامسونغ الكورية، وغزوِ الأسواق الإفريقية بعد أن تُجسَّد في جويلية 2020 منطقةُ التجارة الحرة لإفريقيا، كما تطمح إلى أن تصبح قطبا تيكنولوجيا إقليميا كبيرا…

قصّة الثورة التكنولوجية والاقتصادية الرواندية بدأت عام 2000؛ إذ تولّى رئاسةَ هذا البلد الإفريقي الفقير رئيسٌ عرف كيف يضع الخطة المناسِبة لانتشال بلاده من مخلفات الحرب الأهلية والفقرِ معاً، فبدأ بالمصالحة بين قبيلتي الهوتو والتوتسي اللتين أدخلتا البلدَ في حربٍ أهلية عرقية طاحنة سنة 1994 قضت على نحو مليون إنسان وكادت تفكّك البلد أو تحوّله إلى دولةٍ فاشلة كالصومال، فوضع الرئيسُ دستورا جديدا يحظر خطاب الكراهية العرقية ويجرِّمه. وبعد 5 سنوات من إرساء المصالحة والاستقرار السياسي، كلّف فريقَ خبراءٍ بوضع خطةٍ تنموية للنهوض باقتصادها، فوضعوا خطّة متكاملة من 44 محورا تنمويا وأسموها “رؤية 2020″، وبدأ التنفيذ وأوفدت رواندا لجانا إلى شتى بلدان العالم التي شهدت تجاربَ تنموية ناجحة للاستفادة منها، وتفجّرت الطاقاتُ الرواندية المحلية، كما جلب البلدُ الكثير من الاستثمارات الأجنبية بفضل سياسة “الشباك الوحيد للاستثمار”، وفي ظرف عشر سنوات فقط (2005- 2015) تضاعف الإنتاجُ المحلي ثلاثين مرّة، وبلغت نسبة النمو الاقتصادي 9 بالمائة سنويا، وهي الأعلى في إفريقيا ومن بين أعلى المعدَّلات في العالم، وتراجعت معدلات الفقر من 60 بالمائة في 1995 إلى 39 بالمائة حاليا، وحظيت حكومتُها بوصف “الحكومة الأكثر كفاءةً ونزاهة في إفريقيا”…

ويلخّص الخبيرُ الاقتصادي الرواندي كليت نييكزا سرّ نجاح بلاده، المستعمَرة الفرنسية السابقة، في تصريح لأحد المواقع العربية قائلا: “إذا استطعتَ أن تجعل المطار خاليا من الفساد والرشوة، وخدمةَ الأنترنت في البلاد سريعة، وإجراءاتِ الاستثمار بسيطة، والشبابَ يتحدَّثون الإنجليزية، فإنك ستحصل على دولة فعّالة، وستجذب الشركات والمستثمرين من كلّ أنحاء العالم”.

بالمقابل، كان حكامُنا منذ الاستقلال يملأون الدنيا بلغة الخشب الفارغة ويتبجّحون بأنهم سيمكّنون الجزائرَ من “الالتحاق بركب الدول المتقدّمة” قريباً.. اليوم تغيّر الوضع ويجب أن نتحدَّث فقط عن “الالتحاق بركب رواندا” البلد الإفريقي الصغير الذي كان غارقا في الفقر والتخلُّف والحرب الأهلية ولا يملك بترولاً ولا ثرواتٍ باطنية هائلة، لكنّ الحُكمَ الرشيد لرئيسه بول كاغامي، ونزاهتَه وكفاءته وسلامة تخطيطه وحسنَ استغلال الكفاءات المحلية واستقطاب الاستثمار الأجنبي… مكَّنه من أن يصبح أحدَ أكبر بلدان العالم نموا، فأضحى يصنِّع هواتفَ ذكية بعقول أبنائه وإمكاناته المحلية، ويتفاخر بتجاوز الجزائر وجنوب إفريقيا ومصر.. هو درسٌ ذو دلالاتٍ كبيرة لبلدٍ كان يتشدَّق بأنه سيصبح “يابان إفريقيا”، فأغرقه نظامُه الشمولي في الفساد حتى أذنيه وبدّد ثرواته ومقدراته وهجّر علماءَه وشبابه وأوصله إلى حافَّة الإفلاس.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • sekkaoui chaabane

    الا ترى ان رئيس الجمهورية الذي هو رمز البلاد يرتدي بدلة ايطلية و و رئيس دولة مالي يظهر بظهر لباس محلي يجسد تقاليد وسلوك و امة و نحن نكتب بالفرنسية و لباس ايطالي و افكار تخريبية فخرج جيل دينسوري يحرق كل مhz$ti

  • محمد

    أكلت الجزائر فئة تدعي التطور والتبصر والثقافة وفي الحقيقة هي داء وسقم ومرض عضال فتك بمقدرات الجزائر من كل النواحي ويفتخرون بجلب فرنكات من فرنسا وكأن فرنسا صاحبة حقوق وصدق المثل الذي يقول ( المال مالنا ويتمزاو علينا)

  • ابوعمر

    أنغولا يحكمها أبناءها..والأبناء الأصلاء يحافضون على بلدهم...وهو العكس عند الحكام مجهولي الأصل والفصل والأساس...وهو حال الجزائر ..التي حكمها ويحكمها المشبوهين ....انه الواقع الذي لايجهله الجميع....

  • احمد عمر

    لم احلم ابدا السفر الى فرنسا بل عندما جاءتني عقد عمل قمت بتمزيقه وسافرت لدول عربية مرتين لكن عندما علمت بروندا بدأت أتابع اخبارها لدرجة أني فكرة في الهجرة إليها وقلت في نفسي الشباب الذي يهاجر ما وراء البحار لماذا لا يهاجر من وراء الاشجار وقررت ان اهاجر الى روندا بعد انتهاء هذه السنة باذن الله لان الجزائر لن تستقيم فلو وضعة ذيل الكلب في القالب 100 عام ثم أخرجته فسوف يعوج كما كان في البدايته و هكذا بلادنا ودليل يبرمون صفقات لبيع البلاد حتى يضعوا رئيس القادم تحت امر الواقع. انتخابات لن انتخب والبلد سوف اتركها لاصحابها وانا ابلغ 41 سنة سأهجر حتى لا يقول الله لي ألم تكن أرض الله واسعة. وحسبنا الله

  • جزائري

    احنا ما نديروا لا كما رواندا لا كيما تونس حتى يروحو قاع ....تغنانت .....

  • قل الحق

    كان حكامُنا منذ الاستقلال يملأون الدنيا بلغة الخشب الفارغة ويتبجّحون بأنهم سيمكّنون الجزائرَ من “الالتحاق بركب الدول المتقدّمة” قريباً.
    ,و لا زالوا يفعلون، الجزائر مليئة بالكفاءات التي همشت و المؤسسات استحوذ عليها اشخاص معينين سياسيا، فهم وكلاء سياسيين و ليسو مسيري مؤسسات. كما ملأنا البرلمان بالحفافات عن طريق التعيين بدل الانتخاب لنثبت اننا اعطينا للمرأة حقها، كذلك فعلنا في المؤسسات بتعيين مدام دليلة التي ليس لها اي كفاءة في مناصب حساسة، في نفس الوقت تم تعيين ابن الدشرة و الصهر و ابن فلان و علان بدون وجه حق.
    مؤسسات تحولت الى ريع و ملكية خاصة للبعض و ما هكذا يبنى الاقتصاد انه تدمير الاقتصاد.

  • جزائري حر

    رواندا تحررت من الفرنسية وأعتمدت الإنجلزية كلغة للعلم وليس مثل عبيد فرنسا اللي خلاوها على الجزائر وعلى فرنسا لأنهم يحبون فرنسا لأجل أنا أتكلم الفرنسية فأنا فرنسي دكي ومتحضر يعني بالمظاهر فقط وأما العمل فشعب الله المختار لاااااااااااااااااااااا لا يعمل وإلا ما معنى أن يكون مختار من الله وإبن الله