-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دستور الكويت: أركان بناء دولة

دستور الكويت: أركان بناء دولة
ح.م

نشأة الدستور في الكويت لها خصائص انقلاب مدني معاصر، في محيط إقليمي ظل متمسكا بتقاليد موروثة، رافضا كل أشكال الحداثة في حياة مدنية تواكب المتغيرات المدونة في تشريعات دستورية ترتقي بحضارة العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم .

تخطت الكويت منذ استقلالها عام 1961، قيود ذلك المحيط الإقليمي، وسلكت نهج حياة مدنية حضارية، يأخذ فيها أبناء المجتمع دورهم الحيوي في بناء دولة فتية، خرجت من نطاق الحماية البريطانية، ودخلت في تحديات جديدة .

كان الاستفتاء على كتابة الدستور المدني بغية إقراره بإرادة شعبية أولى القرارات الإستراتيجية التي اتخذتها الكويت بعد أقل من عام على استقلالها، فكان الإعلان عن أول مجتمع ديمقراطي دستوري في منطقة الخليج العربي التي تخضع إماراتها آنذاك للاستعمار البريطاني.

استند دستور الكويت على خلفية تاريخية، شرعها حاكم الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح “1950-1965″ الذي لقب بـ”أبو الدستور” حيث أنشأ ما سمي بـ”المجلس الأعلى” قبل الاستقلال، وهو من أمر بصياغة دستور لتنظيم الحياة السياسية، ومازال الكويتيون يعيدون إلى الأذهان دعوته لتجسيد مبدأ الحرية في الحياة عام 1959:

“الحياة الديمقراطية هي سبيل الشعب الذي يحترم إرادته في الحياة الحرة ولا كرامة من غير حرية ولا حرية من غير كرامة. لا فرق عندي بين مواطن ومواطن ولا بين كبير أو صغير، الكل سواسية في الحقوق والواجبات، أحبهم إلى الوطن أكثرهم نفعاً له، وكلنا من هذا الوطن وكلنا له نفديه ونخلص له ونذود عنه كيد الكائدين وطمع الطامعين.”

وإذ أعلنت الكويت استقلالها عام 1961، قرر أمير الكويت عبد الله السالم الصباح تجسيد مقولته تلك فوق أرض قابلة للحياة، داعيا إلى تأسيس نظام ديمقراطي يشترك فيه الشعب بالحكم، وكانت البداية بوضع دستور دائم للكويت، مهد لإجراء أول انتخابات برلمانية لاختيار أعضاء مجلس الأمة الأول في تاريخ الكويت، في 23 يناير 1963، وتشكلت الوزارة لأول مرة وفق الفصول والمواد الدستورية الحديثة.

الحداثة التي انتهجتها الكويت في نظم حياة مدنية عززها الدستور، ترافقت مع ثورات فكرية شهدها العالم العربي دفاعا عن منطق الحرية، لم تتعارض مع الشرائع الإسلامية الدينية، فالإسلام في مضمون رسالته السماوية يدعو إلى تأصيل الحرية في عمق المجتمع الإنساني، فكما قال المفكر التونسي خير الدين باشا: “أن كل شيء يناهض الحرية، لا يمت إلى الإسلام في شيء، الحرية والهمة الإنسانية اللتين هما منشأ كل صنع غريب، غريزتان في أهل الإسلام، مستمدتان مما تكسبه شريعتهم من فنون التهذيب”.

مبادئ ترسخت، عززت انسجامها مع عادات وتقاليد المجتمع الكويتي الذي لا يعرف التحزب أو الاصطفافات أو الانعزالية أو الفئوية، وهو المتآلف في بيئة اجتماعية متجانسة يتصالح فيها الحاكم والمحكوم على قاعدة الحقوق والواجبات الواردة في تشريعات دستور دائم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!