-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دكتوراه الدعوة الإسلامية.. مسابقة بمفرداتٍ خاطئة!

دكتوراه الدعوة الإسلامية.. مسابقة بمفرداتٍ خاطئة!
ح.م

ليس هذا المقال من باب التجنِّي والإرجاف أو الاصطياد في الماء العكر، وتعويق مسابقات مصيرية تنتظرها الأجيال المتخرجة بفارغ الصبر منذ سنين، وإنما تحتم عليّ كتابته جراء تهاطل سيول الاتصالات التي ترد علي من قوافل الحيارى والتائهين من حملة شهادة الماستر سواء أكانوا من طلابي أم من غيرهم بخصوص مرجعية الامتحان في تخصُّص الدعوة الإسلامية والمادة الأساسية فيه وهي (مناهج الدعوة)، وبخصوص مفردات البرنامج والمقرر الدراسي الذي سيُمتحنون منه والذي ستتكون الأسئلة من رحمه.

وما دفعني للكتابة في هذا الظرف والوضع العصيب والحساس حالة الغموض والضبابية التي يعاني منها الطلاب المتخرجون من قسم الدعوة والإعلام أو من قسم الدعوة والثقافة الإسلامية سابقا من جهة، وحيرتهم في المراجعة والمذاكرة في برامج ومقررات خاطئة وغير مطابقة لعنوان المقياس، إذْ أنّ عنوان المقياس شيءٌ ومفرداته شيء آخر من جهة ثانية، ثم حالة التكرار وعدم الوضوح التي تكتنف مفردات برنامج مادة الدعوة الإسلامية ومشتقاتها ولدّاتها، والذي هو عندي كمتخصص منذ أكثر من ثلاثة عقود 1987-2021م متضارب وخاطئ ولا يعبر عن محتوى عناوين المقاييس. وسأبين ذلك من خلال الخليط الهجين الذي أعدَّه غير المتخصصين خلال الندوات الجهوية التي كان يُرسَل إليها غير المتخصصين من شلل وعُصب وجماعات العميد والمدير..

وقبل أن أذهب لأبيّن بالدليل هذا التخبط والعشوائية والتكرار والخطأ في ضبط مفردات البرنامج المعتمدة من قبل الوزارة، فإنني أودُّ أن أوضح أنني لم أكن يوما ما عضوا في لجنة من لجان صياغة البرامج العلمية في تخصصي الدقيق، بالرغم من أقدميتي المهنية والعلمية والبيداغوجية، فأنا أول من درّس مقياس الدعوة الإسلامية ورجالها سنة 1994م 1414هـ المعتمَد من قبل جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بكلية العلوم الإسلامية لطلبة السنة الثانية قسم أصول الدين الجذع المشترك، وكانت تُسمى وقتها (المعهد الوطني للتعليم العالي للعلوم الإسلامية)، وكل من جاء من بعدي إما من طلابي أو من الموظفين الجدد، ومع كل هذا فبرنامج جامعة الأمير عبد القادر لهذه المادة أعدّه كبار العلماء: الغزالي، القرضاوي، البوطي، العلواني، جمال ومحي الدين عطية، محمد كمال الدين إمام… وكنتُ حاضرا في تلك الندوة سنة 1989م كطالب في قسم الدراسات العليا بدعوةٍ من الإدارة، وكان برنامجا سنويا رائدا معتمَدا في خمسين جامعة إسلامية في العالم، قبل أن تمتدّ إليه أيدي الصبيان والأغرار والغِلْمَةِ من المتنطعين والرويبضات الناتئين في كل مأدبة.

ومن يومها وأنا الوحيد الذي أُدرِّسه في تلك الكلية إلى أن أطل علينا نظام (L.M.D) المشؤوم سنة 2007م والذي فُرض علينا من قبل نظام بوتفليقة بالرغم من كتابتنا واعتراضنا العلمي والمنهجي والتجرُبي والمرجعي عليه بالعشرات من المقالات والأبحاث المنشورة داخل الجزائر وخارجها، ومن يومها امتدّت إليه أيادي العبّاثين والمرتزقين من غير المتخصصين، ممن لم يكتبوا فيه مقالا واحدا، وممن لم تكن لهم تجربة سنتين في تدريسه، وممن يمشون في ركب الأنظمة الفاسدة ومع كل موجة، ممن كان العمداء السابقون ينتقوهم ليمثلوا الكلية في وضع البرامج في الندوات الجهوية والوطنية، فوضعوا لنا هذه البرامج العشوائية المكررة وغير التراكمية، والتي تفتقد إلى أهمِّ صفة في برامج التكوين وهي البناءُ المعرفي والمنهجي المتراكم، فهي خلوٌ من هذه الميزة التكوينية الأصيلة.

والمطلع على المقاييس الدعوية الرئيسة الثمانية المعتمَدة من طرف الوزارة سيتبيَّن بسرعة ومن غير كثير عناء أن واضعها غير خبير ومتخصص فيها، فهي مجرد عناوين مختلفة لمضامين واحدة بأبنية لغوية متباينة ومضطربة ومتداخلة، وهذه المواد هي:

 1– مدخل إلى علم الدعوة سنة أولى سداسي ثاني.

 2– مناهج الدعوة سنة ثانية أصول الدين جذع مشترك.

 3– الدعوة والمتغيرات الدولية سنة ثالثة سداسي أول.

 4– فقه ومناهج الدعوة سنة أولى ماستر سداسي أول.

 5 – مناهج البحث في الاتصال الدعوي سنة أولى ماستر سداسي ثاني.

 6– الرأي العام والدعوة سنة ثانية ماستر سداسي ثاني، عدا مادتين هما (1- أعلام الدعوة للسنة الثانية أصول الدين الجذع المشترك السداسي الثاني، 2- أعلام الدعوة الإسلامية في الجزائر السنة الثالثة السداسي الأول) اللتين اعتمدتا من خلال نقل  برنامج جامعة الأمير عبد القادر.

والمطلع على المفردات سيتبين أنها برنامج ومفرداتٌ واحدة، ولكنها بعناوين مختلفة، والذي يدرسها جميعها سيكتشف بسرعة كيف يكرر نفسه في كل حصة ومادة وسنة، ولكنها عندما تُعطى للعديد من المدرِّسين تبدو كأنها عادية جدا ولا تكرار فيها.

وإليكم بشيء من العجالة توضيح هذه البرامج المتداخلة والمكررة في مجال الدعوة الإسلامية، فمقرر مادة (مدخل إلى علم الدعوة) للسنة الأولى نسخة مكررة فيما بينها من مفردات داخليا، فضلا عن كونها مكررة في نصف مفرداتها من مقرر مادة (مناهج الدعوة) للسنة الثانية أصول الدين الجذع المشترك، والذي لا يمت بأي صلة لمادة (مناهج الدعوة). وهو ذاته المقياس مكرر لمفردات مقرر السنة الأولى ماستر السداسي الأول (فقه ومناهج الدعوة) وهو ذاته مكرر في مفردات السداسي الثاني ماستر (مناهج البحث في الاتصال الدعوي)، ويبدو جليا في أركان العملية الدعوية (الداعية، الرسالة الدعوية، المدعوين، الوسائل والأساليب). وكذلك الأمر في مادة (الرأي العام والدعوة) في شقه الميداني القياسي مع سابقه (مناهج البحث في الاتصال الدعوي)، وهذا الأخير مكرر ومقسوم على المقياسين السابقين.

أما المواد الدعوية الأخرى كمادة (الدعوة الإسلامية والمتغيرات الدولية الجديدة) فمفرداته تدرَّس في مادة الفكر الإسلامي، ومادة (إدارة المؤسسات الدعوية) أو (إدارة العمل الدعوي) وهي عنوان لرسالة دكتوراة أشرفتُ عليها وناقشتها سنة 2010م وُضعت كمقياس لأغراض غير مبررة وغير علمية، لأنها تدخل في علم التسيير والإدارة والبرمجة أكثر منها في الدعوة. ولمن أراد تفصيل المناقشة نحيله على مضامين مفردات البرنامج في موقع الكلية مفصلة.

ولكن المشكلة الكبرى التي سيواجهها الطلابُ في امتحان الدكتوراة هي مفردات مادة (مناهج الدعوة) أو (فقه ومناهج الدعوة)؛ إذ لا يوجد مؤلفٌ واحد لصاحب مشروع الدكتوراة البعيد عن الاختصاص، أو أعضاء فريق التكوين الذين معه ممن كتب مؤلفا واضحا في ضبط تفاصيل ومفاهيم وتعريفات واصطلاحات مادة (مناهج الدعوة)، وهذه المفردات هي: (1– مدخل حول مناهج الدعوة. 2– الداعية ورسالته ومؤهلاته. 3– الإعداد الرسالي للداعية. 4– تقويم الواقع. 5– أهداف الدعوة الإسلامية. 6- أساليب الدعوة الإسلامية. 7– فقه الدعوة الإسلامية). وهي مكررة داخليا إذ أنّ مفردة رقم 2 هي مفردة رقم 3. ومفردة رقم 4 و5 و7 هي واحدة تدخل في مفردة رقم 7 فقه الدعوة. فضلا عن أن عنوان المقياس لا يحوي سوى المدخل من عنوان المقياس فقط، والباقي كله مكررات من برنامج السنة الأولى بأبنيةٍ ومفردات أخرى مختلفة، وما سيليه من مفردات السنة الأولى ماستر (فقه ومناهج الدعوة) و(مناهج البحث في الاتصال الدعوي) و(الرأي العام والدعوة).

وإليكم شرح وتوضيح الخطوط العامة لمادة مناهج الدعوة ومفرداتها الصحيحة التي لم أجد أحدا أصغى إليها، أو كتب فيها، أو بررها اصطلاحيا ومفاهيميا، لاعتمادهم على كتابات الأقدمين التي تجاوزتها المعارف والأبحاث الدعوية الحديثة، أو قدَّموا فيها مطبوعاتٍ تتضمن مفردات عنوان المقياس (فقه مناهج الدعوة) وهي حسب التوضيح التالي:

1 – منهج: وهو مجموع القواعد والضوابط والطرق والمعالم الضامنة لنجاح المشروع وتمام الخطة.

2 – دعوة: هي مجموع الجهود المبذولة في سبيل التعريف بالإسلام ورسالته إلى الناس.

3 – مناهج الدعوة: هي كل القواعد والطرق والمسالك والسبل.. الكفيلة بإيصال الإسلام للناس.

وهي أنواع وأصناف وفق العناوين الآتية:

1 – المنهج النبوي: (منهج الأنبياء والمرسلين).

2 – منهج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في الدعوة في المرحلة (الأرقمية، المنبرية، العلمية).

3 – المنهج العقلي: (منهج الفلاسفة، المناطقة، المتكلمين، المحدثين، القصاص والتراجم والسير والمؤرخين..).

4– المنهج الصوفي: (منهج أهل السلوك والوسطاء والأقطاب والمريدين..).

5– المنهج الأصولي والفقهي: (منهج علماء الأصول والفقهاء والمقاصديين).

6– منهج دعوة الكبار والصغار والنساء والرجال وأنواع المدعوِّين (سويُّو الفطرة، مدخنو الفطرة، قوى المناوأة والاستكبار..).

7– المنهج الاستشرافي المستقبلي في الدعوة.

8 – المنهج الفكري: (العلم، الفكر، الهيأة، النظام).

9 – المنهج الاتصالي: (من يقول؟ يقول ماذا؟ لمن؟ بأيِّ وسيلة؟ وبأي تأثير؟ وبأي رد فعل؟).

10 – المنهج التواصلي الاجتماعي: (الداعية، الرسالة، المدعوين، الوسيلة، الأثر).

11- المنهج الإلكتروني والرقمي: (الوسائل الرقمية والإلكترونية المعاصرة).

12- المنهج العولمي: (السياحة، الترفيه، التسلية، الفنون، الآداب، الثقافة، الإشهار، الدعاية، التربية، البيئة، الخدمات الإنسانية والإغاثية، الصناعة..).

هذه هي مناهج الدعوة، وكل ما سيكتشفه العقل من مناهج جديدة في سبيل إيصال الإسلام للناس، وقد حوتها العديد من المؤلفات التي لا يتّسع المجال لذكرها.

وخلاصتها كلمة أتوجَّه بها إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومفادها: أن الطلبة امتحنوا العام الماضي في مفردة غير موجودة في البرنامج المشوش، وانصبَّ السؤال على (التكامل المعرفي للداعية)، وهو غير موجود أصلا، لا كمقياس ولا كمفردة ضمن مقررات الدراسة المعلن عنها صراحة في مادة (مناهج الدعوة)، ولا أدري كيف اهتدت لجنة صياغة الأسئلة إلى هذه الإشكالية التي لم يدرسها الطلاب؟ وفي المسألة كثيرٌ من الإشكالات والتساؤلات..

بقيت كلمة ثانية وأخيرة للوزارة عن مشروع إصلاح الجامعة الجديد القديم جدا.. الذي يُوكل للهُمَّل والمعطوبين فكريا والعاطلين عن الإنتاج العلمي مصيره كمصير سابقيه الذين انتقدناهم منذ عقود.. فمتى يوكل الأمر لأهله؟ أم إنها علامات الساعة الصغرى عندما يُوسد الأمر لغير أهله؟ أللهم اشهد أني بلغت.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • المقنع الكندي

    العلم نسبي وغير ثابت.. أين هي نظريات الكم و الزمان وقياسه بالسنة الضوئية أمام النانو والكوانتم؟؟ بينما علوم الوحي ثابتة لأنها من عند الله.. وقد حاول علماء الغرب كشف الأخطاء في القرآن الكريم والسنة النبوية فلم يجدوا طريقة سوى الإيمان والدخول في الإسلام..

  • المقنع الكندي

    لا يوجد علم ثابت لا يتغير يتغير الزمن كلها نظريات فقط تصلح لفترة زمنية معينة ثم تأتي نظرية تدحضها وتبين عيوبها ونقائصها.. فأين هي نظرية النشوء والارتقاء لتشارلز داروين؟ واين هي نظرية النسبية لأنشتاين؟ وهكذا أيها الجامعيون؟!. وشكرا

  • جزائري

    الشكر الجزيل لك أيها الاستاذ الكريم على شهادتك وجعلها الله في ميزان حسناتك وانت معرف بالاسم والصورة مما يعطي شهادتك مصداقية وثبوت . ولمن يريد الدليل الواضح الجلي الى ماآلت اليه احوال الجامعة من الفساد المتعمد ينظرالى المعلق الرامز لنفسه ب BM ..فلنقرأ هذا التعليق لنفهم أن المفسدين المرتزقة الذين لامستوى لهم لاتعبيرا ولاكتابة ولكن لا يضيعون اي فرصة لتسجيل حضورهم وبث سمومهم ويصوتون لانفسهم كذبا ووبهتان.

  • جزائري

    ...... وكأن المقال يخاطب العامة الدهماء وليس طلبة الدكتورا الدعوة الاسلامية !!!... يا للعجب أين أوصلتنا العصابة من الضياع والمهانة على كل المستويات. ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

  • BM

    علما بدون علم يجب أن نفرق ماهو علم ما هو معرفة وتاريخ و أساطيرو معتقدات و إيمانيات فكلامك و دكتوراتك تصنف ضمن ألإيمانيات و ألمعتقدات ألتي يغلب عليها ألأساطير و ألخرافات أما ألعلم و ألعلماء هو إنتاج مادي يمكن قياسه و إدراكه و إخضاعه للتجربة نتائجه ثابتة لا تتغير بتغير لا ألزم ان و لا ألمكان

  • abdou

    بارك الله فيك

  • نور الدين

    بارك الله فيك.