-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دولة “فلسطينية” في سيناء!

حسين لقرع
  • 4132
  • 3
دولة “فلسطينية” في سيناء!

يعكف أربعة من كبار المسؤولين الأمريكيين هذه الأيام ومنهم كوشنر صهر الرئيس ترامب والسفير الأمريكي بالكيان الصهيوني ديفيد فريدمان، على صياغة مبادرة “سلام” جديدة يحلو لهم وصفها بـ”صفقة القرن” لـ”حل” القضية الفلسطينية.

الخطوط العريضة لهذه المبادرة، وفق ما تسرّب منها إلى حدّ الساعة، تنصّ على إقامة “دولة فلسطينية” في صحراء سيناء تحت غطاء “السلام الإقليمي”، وتأجيل بحث موضوع القدس، وتطبيع عربي شامل مع الاحتلال، مقابل مساعدات مالية “سخيَّة” للسلطة تقدّمها الولايات المتحدة والسعودية والإمارات! 

 لا يحتاج أيّ متتبع إلى بذل جهد تحليلي كبير حتى يدرك أن الهدفين الرئيسين لهذا المخطط الأمريكي هما: تصفية القضية الفلسطينية برمّتها والتطبيع العربي الكامل مع العدو الصهيوني وقبول احتلاله لكل فلسطين عدا قطاع غزة الصغير، فحتى إقامة الدولة الفلسطينية على الضفة وغزة؛ أي على 22 بالمائة فقط من فلسطين التاريخية كما يريد عباس، يرفضه الكيانُ الصهيوني الذي يريد ابتلاع الضفة والقدس وهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه، وعلى الفلسطينيين أن يقبلوا بدولةٍ “فلسطينية” بديلة لهم خارج فلسطين، مقابل رشوة أمريكية وعربية تُقدَّم لهم تحمل اسم “مساعداتٍ مالية سخيَّة”! 

المبادرات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية ليست جديدة؛ فهناك مبادرات عديدة تقدَّم بها رؤساء أمريكيون منذ عقود، ورفضها الفلسطينيون والعرب، لكن الجديد هذه المرة هو أن الفلسطينيين وحدهم هم الذين يرفضون مبادرة ترامب، أما العرب فقد أضحت عدة دول فاعلة تؤيد الخطة، حتى إن وسائل إعلام صهيونية وغربية عديدة تحدّثت عن أن الهدف من “استدعاء” وليِّ العهد السعودي للرئيس محمود عباس قبل أيام إلى الرياض هو تخييره بين أمرين: إما أن يقبل مبادرةَ ترامب كما هي أو يستقيل، وفسّرت “التايمز” البريطانية هذه اللهفة التي تبديها دولٌ عربية لإنجاح “صفقة القرن” برغبتها في التنسيق العلني مع الكيان الصهيوني ضد إيران من دون أن تُتَّهم بخيانة القضية الفلسطينية! 

المعضلة التي تواجه الفلسطينيين الآن، هي أنهم يواجهون عدوا استيطانيا شرسا يملك آلة ترسانة عسكرية جبارة، ويحظى بدعم غربي قوي، والأكثر من ذلك فقد أضحى هناك خذلانٌ عربي كبير لقضيتهم واستعدادٌ لبيعها بأبخس الأثمان لترامب والصهاينة، وهناك ترويجٌ عربي متصاعد للتطبيع مع الاحتلال وتقديمه، بلا أيّ خجل، على أنه أصبح “صديقا جديدا” و”حليفا”، وثمة مقابلاتٌ صحافية عربية تُجرى مع السفاحين الصهاينة ولقاءاتٌ سياسية مع قتلة أطفال غزة، وثمة أيضاً عداءٌ سافر للمقاومة التي أصبح بعض “الأشقاء” لا يخجلون من وصفها بـ”الإرهاب” ويشتركون في محاصرتها والتضييق عليها.. 

الفلسطينيون يعيشون لحظات تاريخية عسيرة يتعرّضون فيها لضغوط إقليمية ودولية كبيرة للتخلي عن ثوابتهم الوطنية والتنازل عن بلدهم مقابل منحهم منطقة بسيناء تعشّش فيها “داعش” للاشتغال بمحاربتها بدلا من مقاومة الاحتلال، وقد يُقطع عنهم المددُ المالي العربي ويحاصَروا ويُحارَبوا إذا رفضوا خطة ترامب لتصفية قضيتهم، ولعلّ أحسن ردّ عليها هو تعزيز المصالحة، والتخلي عن أوسلو، والعودة إلى خيار المقاومة الشاملة بشتى الوسائل، ولا ريب أن الفلسطينيين سيدفعون أثمانا باهظة جدا لتحرير بلدهم، ولكننا لا نشكّ لحظة بأن الكلمة الأخيرة ستكون لهم مهما كان حجم تضحياتهم ومعاناتهم، وحجم التآمر العربي والدولي عليهم، كما كانت للجزائريين في 5 جويلية 1962 بعد 132 سنة كاملة من الاحتلال الاستيطاني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • الطيب

    يجب أن نتوقف مطولاً عند سؤال مهم يا أستاذ . مَن هو الذي ربط تحرير فلسطين بهذه الكيفية المهينة بالعرب !؟ و هل حقًا للعرب قدرة على تحرير فلسطين أو حتى الاشتراك في شرف تحريرها !؟ ....أولى الخطوات و أهمها لتحرير فلسطين هي ضرورة توحد أهل فلسطين في جبهة واحدة مهما كانت الظروف و سحب أوراق قضيتهم من على طاولة العرب و الصهاينة و الأمريكان ، ثم التوكل على الله وحده فإما نصر منه وحده بلا شريك أو موتتة الشرف بكيفية شبيهة بما حدث في الجزائر في 1نوفمبر 1954.

  • صالح بوقدير

    المقارنة بين الجزائر وفلسطين لاتصح لأن فرنسا لم تطلب من الجزائرين تكوين دولتهم في الصحراء الغربية أوموريطانيا
    تصفية القضية الفليسطنيةبدأت منذ خروج المقاتلين الفلسطينيين من فلسطين والتحاقهم بالشتات تحت تهليل وتصفيق الاعلام العربي بأن الفلسطنيين خرجوا منتصرين
    إن فلسطين لن يحررها حكاما يعبدون الدينار والخميصة ولا جبابرة منحوا ملك الغير فهي بالنسبة لهم مسألة وقت لتحرير العقد لفائدة الكيان
    إن تحرير فلسطين مرهون بقيام صحوة شاملةونهظة متكاملة للأمةترفض عباءة الوصايةوتستعيد الحق المغصوب بكل وسيلةممكنة.

  • الجاهل/الأمازيغي القح

    ***السلام عليكم.منذ معاهدة أسلو والعالم يتسلى بالفلسطنيين،و هذا الغدر العربي سيدفع الفلسطنيين بالتخلي عن تسول المواقف العربية و الإلتفات إلى الداخل الفلسطيني لبناء نواة موحدة تقوم علىها الوحدة و تعقد العزم على المواجهة بالحزم.السلام عليكم***.