-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
العالقون خارج الوطن بسبب كورونا

ديون ومشاكل إدارية أزمات نفسية وموت في الغربة

نسيبة علال
  • 2093
  • 4
ديون ومشاكل إدارية أزمات نفسية وموت في الغربة
ح,م

فجأة، وفي ظل لا مبالاة العالم، انتشر فيروس كورونا كالنار في الهشيم، ما اضطر دولا وحكومات إلى وقف رحلاتها الجوية والبحرية، والإسراع في إجلاء أكبر عدد ممكن من الرعايا، باستثناء أولائك الذين تهاونوا في إنهاء إقامتهم، أو تريثوا في اتخاذ قرار العودة سريعا إلى أراضيهم، طمعا في أن ينتهي كابوس كورونا في ظرف قياسي وتعود الحياة إلى مجراها الطبيعي.

تحصي الجزائر ما يقارب نصف مليون من أبنائها المتمدرسين في مختلف المعاهد والجامعات الأجنبية. آدم، طالب دكتورا لغة إنجليزية في بولندا، كان على وشك الانتهاء، ووضع الرتوشات الأخيرة على أطروحته، ليتخرج ويعود إلى الجزائر لقضاء رمضان والعيد رفقة العائلة. إدارة الجامعة أعلمت الطلبة بأن المناقشات ستتوقف لفترة غير محددة، وأنه من حق الطلاب الأجانب أن يسافروا إلى أهاليهم. يقول آدم: “فكرت مليا، وقررت المجازفة بالبقاء في بولندا، والاحتفاظ بثمن التذاكر، كنت واثقا بشكل من الأشكال من كوني سأتخرج وأعود للاحتفال بنجاحي وزواجي، المقرر بداية شهر جويلية. الآن، في نهاية جوان، لم يتسن لي وضع أطروحتي، بسبب غلق المكتبات والإدارات لفترة طويلة. والورطة الأكبر، أن حفل الزواج سيتأخر مزيدا من الوقت، وكل هذا له انعكاسات على ميزانيتي المالية.

تجارة خاسرة.. ديون وإفلاس

من بين الدوافع التي يسافر الجزائريون كثيرا لأجلها، تجارة مختلف الأغراض النسائية.. رشا، ذات الثلاثين عاما، هي بائعة ملابس محترفة، لها زبوناتها الوفيات، ذهبت بداية مارس الفارط لتجلب لهن سلعا مميزة من تركيا، وقبضت قبل ذلك مبالغ مالية معتبرة كتسبيق على طلبيات يجب تأكيدها، خلال وجود رشا بإسطنبول، تم إعلان حالة الطوارئ بسبب فيروس كورونا، وتكثفت الرحلات الجوية لإجلاء الجزائريين هناك، ولكنها لم تبال، وقررت إتمام فترة إقامتها. تروي رشا: “ظننت أن الأمر لن يتجاوز أسبوعا أو أسبوعين، غير أن المدة طالت كثيرا، وتعرضت خلالها لضغط رهيب من قبل الزبونات اللواتي أرسلن إلي المال، وأجبرت على توظيف بعضه لمصاريف هذه الأيام وإيجار الإيواء..”. وتؤكد رشا أن الكثير من نظيراتها يعانين من المشكل ذاته في تركيا، وهن ينتظرن بفارغ الصبر

وبهلع كذلك، عودة الرحلات الجوية، فالجميع يتوقون العودة، ولكنهم مرعبون من فكرة إفلاسهم، وعدم وفائهم لعملائهم في الجزائر.

ذهبوا للعلاج فماتوا حجرا

كل هذه التدابير الوقائية الصارمة، التي اتخذها العالم لمحاربة فيروس كرونا من الانتشار، لم تكن كافية لحماية ملايين الناس.

الحاجة فضيلة، سيدة سبعينية، أصيبت بورم خبيث، منذ سنة تقريبا، ورغم حالتها المادية المزرية تمكن المحسنون من إرسالها لاستئصاله في تونس، فامتطت الحافلة رفقة ابنتها الأربعينية، وخضعت للعلاج اللازم في مصحة خاصة هناك. وقد أكد الأطباء تعافيها التام، ولكن بشرط أن تحافظ على راحتها للشهرين المقبلين. عادت الحاجة فضيلة أدراجها إلى قريتها، في ظل الحجر الصحي، لأنهما لا يملكان مبلغا كافيا لتمديد الإقامة في تونس، غير أن السلطات التونسية والجزائرية لم تسمح بمرور حافلة الوكالة، التي قامت بنقلهم، فصبرت الحاجة فضيلة واستسلمت لعجزها وآلامها إلى أن وافتها المنية غير مرتاحة، بعيدا عن الأهل، واكتفت ابنتها بترديد عبارة صادمة تداولها ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي: “وضعوا تدابيرهم لحمايتنا من الموت بالكورونا، لكنهم قتلونا بالإهمال والقوانين المجحفة..”. وما حالة الحاجة فضيلة، التي توفيت في تونس دون أن يتمكن أبناؤها من رؤيتها، إلا مثال صغير عن الحصيلة الثقيلة للجزائريين، في مختلف بلدان العالم، على غرار تركيا وفرنسا ومصر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • Mus

    إفتحوا لنا المطار نحن العالقون نموت في صمت .

  • النهاية الغير سعيدة

    عندما أقرأ هذا المقال...أقول أنّ ما فعلته الشابة الجابونية كان صائبا

  • كلمة انصاف

    كل واحد يراجع حسباته اولوياته علاقاته مع الله الاهل الناس يحمد الله على نعمه الظاهرة و الباطنة ما يعلم و ما لا يعلم. يخدم دوارهم و يسكت.

  • Lsd

    علقت في إحدى الدول أين اشتغل, تم إجلاءي من السفارة الامريكية, لم يسالوا إن كنت من مواليد سوق أهراس أو جاكرتا, و مكان و تاريخ صدور جواز سفري الامريكي, أو إن كنت مقيم أو لا في تلك الدولة...دخلت أمريكا, و رحب بي ب"مرحبا بكم في بلدكم, سعداء بعودتكم بخير...".... الدول التي تحترم مواطنيها..