-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ذو الوجهين

ذو الوجهين
ح.م

قال الكاتب المصري توفيق الحكيم، الذي لم يكن في بعض أقواله حكيما، كما لم يكن في بعض مواقفه موفقا، قال في كتابه الذي سماه “عودة الوعي”، الذي لم يستعده إلا بعد أن مسّه الكبر، ودخل مرحلة “أرذل العمر”، التي لا يعلم المرء عندها بعد علم شيئا: “إني أرجو أن يبرئ التاريخ عبد الناصر، لأني أحبه بقلبي، ولكني أرجو من التاريخ أن لا يبرّئ شخصا مثلي، يحسب في المفكرين، وقد أعمته العاطفة المحبّة للثورة عن الرؤية، ففقد الوعي بما يحدث حوله..”. (عودة الوعي. دار الشروق. مصر. ط 2. ص64).

شخص عندنا معدود في المثقفين، وله عدة كتب منشورة، وهو مناضل في الحزب الذي أسسه الرجال ثم سيطر عليه كثير من الانتهازيين، والمتملقين، و”المرتشين” فشوّهوا تاريخه المجيد، ولطّخوا اسمه الشريف.. وقد وصل هذا الشخص عن طريق هذا الحزب إلى “البرلمان”، ولا أعلم إن كان وصل بطرق شريفة أم بطريقة “ولد عباس – طليبة” وغيرهما.

في سنة 1999، كان هذا الشخص ممن اغتروا أو غرّروا بـ “معجزات بوتفليقة”، فانحاز إليه، ومزّق عدة أحذية من كثرة “الشطيح” في تجمعاته، وتورّمت يدّاه من كثرة التصفيق في “كرنفالاته”، وتمزّقت حباله الصوتية من كثرة “التبراح” في “صوقه”.. ثم استوى “بوتفليقة” على عرش الجزائر على طريقة “اللعاب حميدة والرشام حميدة”، وبدأت مثالبه تتضاعف بـ”متوالية هندسية”، وبدأت فضائح بطانته وحاشيته تتضخم، وتعكر جو الجزائر، وهو منشغل بتلميع صورته، والتخطيط لـ “عهداته” مهما كثرت، رغم أنف الدستور، وبشراء الذمم الخربة.. من “أحزاب” و”مثقفين” و”علماء” و”شيوخ زوايا” و”مغنين” و”رياضيين”.

أدرك بعض الذين “عليهم دعوة الخير” أن هذا الشخص “المعجزة” سيعجز غيره في “الفساد”، وقد قال أحد الأشخاص الكبار أن الجزائر قد لا تنتهي من إصلاح فساد بوتفليقة في مدة زمنية طويلة، فبدأ هؤلاء الذين “عليهم دعوة الخير” يغادرون سفينة بوتفليقة.. نادمين على تزكيتهم له، وتغليط الجزائريين الذين لا يعرفونه فيه.

لقد التقيت في منتصف العهدة الأولى لبوتفليقة مع هذا الشخص “المثقف”، ودون أن أكلمه في اختياره قال لي – والله على ما أقول شهيد -: “لم أندم في حياتي على شيء كما ندمت على مساندتي لبوتفليقة”، وقال ما قال حتى ظننت أنه لن يدخل الدار التي سيدخلها بوتفليقة في الآخرة.

انتهت عهدة بوتفليقة الأولى، وانفتحت شهيته لما بعدها من عهدات، فإذا هذا “المثقف” يتصدر المشهد في كل عهدة.. إلى أن حرّرنا “الحراك” المبارك من بوتفليقة وهذه “النماذج” غير البشرية.

منذ بضعة أيام قرأت كلاما منسوبا لهذا الشخص ينتقد فيه بشدة عهد بوتفليقة، وأرجو أن لا يبرئه التاريخ، ولا يبرئ أكثر هؤلاء المثقفين الذين لم يروا عيوب بوتفليقة التي رآها حتى العميان..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • K F

    في هذا الاطار كانت جدتي رحمة الله عليها تقول هذا المثل : هذا عنده 3 اوجه - واحد حلاس وواحد ملاس وواحد تقابل به الناس .

  • قويدر الزدام

    الى التعليق ( الجزائر الجديدة )
    الصحفي ينقل الينا الحوادث فور وقوعها ولكن الأديب ينقلها الينا بعد الاختمار والتأمل اللذين يحتاجان الى أيام وسنوات ... يحتاج الأديب الى خلوة لبعض الوقت كي يتأمل الحوادث ويفكر فيها ويتدبرها واذا كانت السوق هي ميدان الصحفي فان ميدان الاديب يشمل السوق و البرج العاجي - ولكن لا ليعيش فيه - الاولى للاتصال بالمجتمع ودراسة الاشخاص والاشياء والثاني للتأمل والاستنتاج
    خلاصة مهمة الكاتب العظيم أن يملأ صدر القارئ باهتمامات و هموم بشرية جديدة بأن يكشف له عن ألوان من الجمال والشرف والحق والقوة بأن يحمل القارئ على أن يأبى أن يحيا حياة الحشرة ...

  • ابن الجبل

    حدثنا عن الحاضر والمستقبل ... اما الماضي فاننا نعرفه حق المعرفة ، لا نحتاج الى تفسيره

  • قل الحق

    تعبنا من اصحاب السبع و جوه و ليس الزوج وجوه، و هوما على كل حال الي راهم يكلوا في الغلة و يسبوا في الملة، شكرا استاذنا قرانا لك منذ القديم و نشهد انك قلت كلمة الحق في زمن بوتفليقة و قبل بوتفليقة فلا تلتفت لمن لم يقرا لك يوما و يعاتبك اليوم فهو منهم ايضا.

  • alilao

    كان من الأولى كتابة هذا الكلام في زمن بوتفليقة.

  • الجزائر الجديده

    الانانيه المفرطه..عندما يموت الملك تتسابقون لوصفه باقبح الاوصاف هكدا تفعل الضباع ببقايا الفريسه التي تصطادها السباع فالكل يقطع الفريسه ..الي اجزاء الاحرار هم من يبدون رائهم في الزمان والمكان الدي تحدث فيه الواقعه لابعدها الكلام الانشائي اصبح لايقرؤ في زمن الانترنت..لان الوقت اصبح ثمينا ..والمعلومه تتجدد في ثوان ..ولا احد يفرض رايه علي الاخر اصبح العلم في متناول الجميع ..الا علي الكسلاء