-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رئيسٌ حيَّر العقول!

رئيسٌ حيَّر العقول!
ح.م

العقول تدخل في حيرة، وهي ترى بمنظارها المُبصر تغيير شكل وآليات ما اعتادت على رؤيته، في طقوس أخذت طابعا تقليديا متوارثا، منذ عقود طويلة وربما منذ قرون، وتصاب بالدهشة وهي المجبَرة على القبول بقواعد تقاليد جديدة لم تعتد عليها من قبل.

إذ تتغيّر التقاليد، بقرار حاكم نافذ، يبرز صراع المحافِظ الرافض، والمجدِّد المؤمن بالتغيير كضرورة يحتمها مسار التطور في مسيرة تاريخية لا تلتزم بنمط جامد يفرضه قانون مطلق.

دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الذي تحدى العقول، حد إصابتها بالصدمة، في كل قرار يتخذه، تراه مخالفا لقانون الطبيعة، التي اعتادت عليها في نُظمها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، التزم خطابا مغايرا لم يسبقه إليه أحدٌ منذ انطلاق حملته الانتخابية، بشّر بسياساته الاستشرافية التي دخلت فعلا حيز التطبيق، حتى رأت الشعوب وكأن العالم بدأ يتغير وفق رؤى البيت الأبيض الجديد.

عقلٌ سياسي جديد، يرى الأمر، أيّ أمر، بمنظارٍ اقتصادي، وفق ميزان الربح والخسارة، حتى أضحت القرارات السياسية انعكاسا لقوانين اقتصادية، لا تُطبَّق إلا إذا ضمنت عائدات مالية تثري خزينة المال القومي.

لقد رأى أن الصراع العربي– الإسرائيلي الذي اقضّ مضاجع الشرق الأوسط، لعقودٍ طويلة من الزمن، وتشتعل بسببه الحروب المدمِّرة، وألقت بحشود بشرية في معازل مخيمات التشرد، أن حسمه في المرحلة التاريخية الراهنة، يتوقف على عقد صفقة تجارية، رأسمالها يتنوع بين قروض واستثمار غير متكافئ ومِنح مالية لا تسمن ولا تغني من جوع.

أما باب التحالفات المخضرمة التي فتحتها أمريكا مع دول أوروبا، وبعض دول آسيا ودول عربية وعربية خليجية، مقابل حمايتها، وقيادتها لحلف شمال الأطلسي، فاشترطت سقفا ماليا كبيرا مقابل الإبقاء على التحالف الذي يضمن الحماية والدفاع، جعلت الحلفاء في حيرةٍ من أمرهم.

قمّة العشرين في أوساكا، أظهرت العالم منقسما، فعقلُ أكبر دولة في العالم أشعل حربا اقتصادية مع أكبر دولة في النفوذ البشري “الصين” ومنح لذاته شرعية التدخل في تحديد السياسات المالية لدول لها شأنٌ اقتصادي كبير، حفاظا على العملة الأمريكية الأولى في العالم.

عقلٌ يتحرك وفق آليات اقتصادية، جعل من السياسة إحدى هذه الآليات النافذة، القادرة على ضرب مراكز القرار وانتزاع سيادتها لصالح القطب الأمريكي الأوحد، المالك لوسائل هيمنة القوة.

الرِّبح والخسارة ميزانُ مال دقيق يحمله الرئيس ترامب في جيبه، أينما حلّ وارتحل، ميزانٌ دعاه إلى تغيير حتى التقاليد المتَّبعة في الاحتفال الأمريكي بذكرى الاستقلال، أمام ذهول الشعب الأمريكي، إذ أعلن أن الاحتفال بالعيد الوطني هذا العام “لن يكون له شبيه، وسيكون مميزا” بمشاركة دبابات وطائرات حربية في الاحتفال، وهو ما يعدُّ كسرا للتقاليد المتعارف عليها في هذه المناسبة الوطنية.

أما المكسب المالي في هذا المتغير التاريخي لتقليد وطني، فهو تحميل أبناء الشعب الأمريكي الذين يرغبون في حضور طقوس الاحتفال الوطني، تكاليف إقامته الباهظة.

هذا هو عقل ترامب المحيِّر، جعل كل أبواب سياساته وقراراته مفتوحة لجلب المزيد من المال لخزائن بلاده، ضاربا عرض الحائط أعرافا وتقاليد متوارثة، لم يعد لها وجودٌ في عالم جديد بنُظم جديدة في تاريخ بشري جديد بدأ يتشكل بأهواء حس تجاري.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • mahi

    الرئيس الوحيد الذي وضع النقاط علي الحروف .لا ينافق .يخدم بلده برؤيته التي يراها نتفق او نختلف معه هي رؤيته وهو بلده .اليس الرئيس الوحيد الذي عر عورات الكثيرين في الوطن العربي ممكن صدعو رؤوسنا بالعروبة والقوميه . ولا احد استطاع ان يقول له كف .

  • جلال

    القول أن امريكا عدوة لنا قول غير دقيق وهو يصب في رأى القائلين بكفر الغرب ويسبونه ليل نهار وتجدهم يتهالكون عل نتاج حضارته ويدرسون أولادهم في جامعاته وهذا عين النفاق هناك مسلمون ومسلمات حتى في مجالس نوابه مما يبعد تهمة العداوة هذه ولكن الغرب براغماتي وصاحب مصالح ( اقتصادية خاصة) فإذا شكل أي أحد خطورة على مصالحه حاربه ولقددرسنا واكتشف عللنا التي لا نعترف بها مما يدفعنا الى تلمس الحلول لها والا لجرفنا سيل العولمة ولأصبحنا من قصص التاريخ وفي مزبلة التاريخ لأننا أعداء التطور

  • محمد

    الرئيس الأمريكي حير الجامدين الذين لا تتغير أفكارهم مهما تحملوا من لطمات ومهما ارتكبوا من جرائم في حق شعوبهم.هو رئيس دولة عدوة لنا لكنه يخدم مصالح شعبه مهما ساء لنا ذلك.هلا تكلمنا عما يهمنا بالدرجة الأولى؟هل قام أحد زعمائنا بالبحث عن طريقة تنقذنا من التخلف والحرمان؟بل هل عمل أحد حكامنا ملكا أو أميرا أورئيس جمهورية من المحيط إلى الخليج على رعاية شعبه المتخلف ومنحه الحرية اللازمة لانفتاحه على العلم والمعرفة؟بل نراهم يتطاولون على مدخرات أوطانهم ليمنحوها هدية لمثل ترامب وغيره من الأجانب.انظروا إلى أحوالنا المزرية وعجزنا عن فهم ما يعوق حركاتنا.هل نبقى نبكي في الفلوات وننتظر اللكمات حتى يحين أجلنا؟