-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ربيعٌ أمريكي ضد فيروس العنصرية

حسين لقرع
  • 745
  • 4
ربيعٌ أمريكي ضد فيروس العنصرية
ح.م

في وقتٍ تعاني فيه الولايات المتحدة الأمريكية الأمرّين بسبب التفشي الكبير لوباء كورونا الذي أصاب قرابة 1.8 مليون أمريكي وقتل أزيد من 100 ألف منهم، عاد “وباء” العنصرية والكراهية مجددا ليضرب “دولة الحريات” ويصيبها في مقتل ويفجّر احتجاجاتٍ شعبية عارمة للمواطنين السود في 25 ولاية أمريكية.

ما حدث في أمريكا منذ بضعة أيام من إقدام شرطيٍّ أبيض على قتل رجل أسود بطريقة تنمّ عن الكثير من الاحتقار والعنجهية، يؤكّد مدى تغلغل العنصرية والشعور بالاستعلاء والتفوّق لدى الرجل الأبيض ونظرته الاحتقارية للسُّود الذين يشكلون نحو 13 بالمائة من السكان الأمريكيين ولباقي الأقليات في هذه الدولة التي قامت على جماجم ملايين الهنود الحمر.. ثماني دقائق والشرطي العنصري جاثمٌ على رقبة الرجل الأسود جورج فلويد كما يجثم أحدُنا على كبش العيد لشلّ حركته تمهيدا لذبحه، ولم يتركه إلا جثة هامدة، وكان رفاقُه الأربعة يتفرّجون على الجريمة ولم يتدخّل أحدٌ منهم لإنقاذ الرجل والاكتفاء باعتقاله إذا كان قد أذنب، وبعد كلّ هذا لا يُعتقل الشرطي المجرم إلا بعد خمسة أيام كاملة تحت ضغط الاحتجاجات وتُوجَّه له فقط تُهمة القتل غير المتعمَّد، ويُترك رفاقُه المتواطئون معه أحرارا طلقاء مع الاكتفاء بإقالتهم من سلك الشرطة، مع أنهم لم يقدّموا المساعدة اللازمة لشخص في حالة خطر.. أهذه هي دولة الحريات وحقوق الإنسان والعدالة والمساواة التي طالما تبجّح بها المسؤولون الأمريكيون على العالم؟

في الولايات المتحدة يُصنَّف قتلُ الشرطة للسود بأنه “تطبيقٌ للقانون”، وتُقمع المظاهرات الغاضبة بالقوة ويُهدَّد المحتجّون بإطلاق الكلاب الشرسة وحتى الرصاص الحيّ عليهم، في حين تسارع هذه الدولة إلى إدانة “العنف المفرط للشرطة” إذا قُمعت مظاهراتٌ في أيّ بلدٍ معادٍ لها، وفي هذا البلد الذي يتشدّق بالسبق في الديمقراطية والحريات تُصنّف أيٌّ جريمة يرتكبها مسلم، على أنها “إرهاب” ويشنَّع عليه وعلى الإسلام والمسلمين في العالم ويُحمَّل الجميعُ وزره، في حين تُصنَّف أيّ جريمة أو حتى مجزرة يرتكبها مسيحيٌّ ضد مسلمين أو أمريكيين آخرين على أن فاعلها مجرد “مختلٍّ عقليا”!

والأدهى من ذلك أنّ اليمين المتطرّف في هذا البلد يستمدّ تطرّفه وعنصريته المقيتة من خطاب الرئيس ترامب نفسه، والأدلة كثيرة؛ إذ طالما هاجم المهاجرين المسلمين والمكسيكيين، وانتقد أوباما مرارا وطالبه مرة بالعودة إلى بلده كينيا، قبل أن يصف منذ أيام المتظاهرين الغاضبين في 25 مدينة بـ”الرعاع”، ويحرّض الشرطة على قمعهم بقوّة، وكأنّه يستكثر على السود غضبهم من الجرائم العنصرية المتتالية التي تُرتكب بحقّهم في كلّ مرة ثم يفلت القتلةُ من العقاب وكأنّ الأمر يتعلق بسحق ذباب أو بعوض.

أمريكا تعاني اليوم من تفشي وباء كورونا الذي ألحق بها أضرارا صحّية  وبشرية واقتصادية ومالية هائلة قد تهدّد ريادتها العالمية إذا استمرّ طويلاً، لكنّها تعاني أيضا من استفحال وباء العنصرية الذي اتّضح اليوم أنه ليس حالاتٍ معزولة أو مجرَّد ظاهرة عابرة، بل هو داءٌ متأصّل تمتدّ جذوره قرونا ويتكئ على إرث العبودية، ويُتوقع أن يُنزِل الوباءان هزيمة كبيرة بترامب في رئاسيات نوفمبر المقبل، إن جرت في موعدها؛ فهو متّهمٌ بالفشل في التصدي لكورونا خلافا لقادة الصين، وبتعريض وحدة أمريكا إلى الخطر وتفكيك نسيجها الاجتماعي عبر تأجيج العنصرية بخطاب الكراهية والتحريض الذي يردِّده، وحان الوقت ليجني ثمار ذلك علقما مريرا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • مهدي

    من السذاجة ان يثق الشخص في الاعلام الامريكي قم بالبحث اكثر لان 99.99 في المئة من الامريكيين ادانو فعل الشرطي اما العنصرية ما هي الى استغلال سياسي من الطبقة السياسية لكي يسيطرون عل عقول الناس. حيث كيف يعقل ان 95.00 في المئة من السود يصوتون للحزب الديمقراطي رغم انه الحزب الذي اوصلهم الي ما هم فيه و ذلك بتحطيم الاسرة 75 في المئة من الاطفال السود لا يعرفون والدهم.
    التاريخ يقول ان 700000 امريكي ماتو في الحرب الاهلية من اجل تحرير العبيد.
    ابحث عن Antifa

  • فيلم هدرة

    اولا تحية تقدير و احترام لكل القلوب الحية التي تظاهرت ضد العنصرية الظلم و جبن المقترفين لذلك الجرم البشع في حق ذلك الانسان الذي قدر عليه ان يموت بتلك الطريقة الفظيعة على مراى عالم جبان منافق صامت طالما مصالحه المادية لم تلمس. عالم فوق يتقن القاء الخطابات و نفاق الكاميرات و الاملاءات ... و عالم تحت يغلي مثل البركان من سفاهة جهل غطرسة المتمكنين الاغبياء, حتى حسن الكلام و التهدئة لا يعرفونه بل ما يتقنون هو الاشارة بالاصبع الاستعلاء و التخفي وراء كلمات جوفاء تخرج من قلوب فارغة. لكننا نريد و الله يريد و ما يريده الله واقع لحكم يعلمها هو. و لربما لكشف جهالة و سفاهة بعض القوم على مراى الاشهاد.

  • نمام

    السوداء التي ابت ان تفوم من كرسيها لان انذاك الزنجي يدفع التذكرة من الباب الامامي و يصعد من الخلف للجلوس في الكراسي الخلفية تعود لتشعل التظاهرات بدون مارتن لوثر كينغ في قوله اني احلم و فعلا وصل ابوباما الى الحكم و اليوم تثار العنصرية في بلد يدغي الحقوق و الحرية ويجدها منفذا للتدخل و الهيمنة العراق دمر و سوريا وتهديد دولا اخرى لا نقول الا ماقالته المتحدثة الصينية باسم الخارجية لا استطيع التنفس اروع رد لترامب الفار الى القبو من الغضب والثورة ليعلم بان الانجازات لا تصنع التظم و انما الحرية المانيا مثلا و الروس واليوم انتم لان الانسان خلقه الله ليكون حرا و كريما الا نتعض

  • لزهر

    نهاية الحلم الأمريكي
    (موت بائع متجول)