رجال يهينون الزوجة الأولى ويتفننون في دلال الثانية
-
-
6267
-
6
يستغل بعض الرجال حقهم الشرعي في اتخاذ أكثر من زوجة، ولكن في الغالب، يتمتعون بالحق ولا يطبقون الشرع، خاصة في ما يتعلق بالمعاملة والعدل بين الزوجتين، الأولى والثانية.. فتمر الأولى على درب المعاناة، بينما تنام الثانية مدللة على الحرير.
الكثير من القصص الواقعية، التي يزخر بها عمق مجتمعنا، تكشف في مواضع عدة الفرق الشاسع، الذي يبديه الزوج الجزائري في معاملته مع الزوجة الثانية، سواء من ناحية الانفاق أم منحها الدلال والاهتمام. سميرة، سيدة على مشارف الثلاثين، عايشت مرحلتين متباينتين في حياتها، الأولى كان فيها والدها شخصا بخيلا جدا، لا ينفق إلا للضروريات عليها وعلى إخوتها الخمسة، صبرت أمها على العيش في بيت يشبه الكوخ. في المرحلة الثانية، من حياتها، رأت شخصا آخر تماما في والدها: “لقد تزوج والدي بامرأة أخرى، وشيد لها منزل أحلام بالفناء الخلفي لـ (كوخنا)، بدأت ثروته تظهر على شكل رحلات ومقتنيات ثمينة، لطالما حرمت منها أمي.. التي، في النهاية، أصيبت بغصة ومرض عضال أودى بحياتها.
صدمتان الاستفاقة بعد المعاناةوالزوجة الثانية
قد لا تكون خيانة العشرة، والزواج بثانية مؤلمة بالقدر الذي يؤلم المرأة ويجرح كرامتها بضياع سنوات طويلة من حياتها، تتحمل سوء المعاملة، وإمساك زوجها عن النفقات، وأحيانا تتحمل التعرض للتعنيف اللفظي أو الجسدي، فهذا الأمر، حسب أخصائيين نفسانيين، أكثر ما يحز في نفس الزوجة، بعد ارتباط شريك حياتها بأخرى، فهي في هذه المرحلة قد تتجاوز أي عاطفة جميلة تجاهه، بيد أنه من الصعب جدا توقفها عن تأنيب ذاتها، وتحسرها على معاناتها الماضية. سهام، أم لأربعة أطفال، في 47 من العمر، قضت أكثر من نصف عمرها تتنقل مع زوجها من بيت إلى آخر، بسبب عمله غير الثابت، تقول: “حصلت على غرفة عروس للسنتين الأوليين من زواجي فقط، ثم نسيت ما يعني النوم على سرير مريح.. لقد كنا ننتقل من دون أثاث إلى منزلين تقريبا كل سنة، أنجبت أبنائي وتوليت رعايتهم لوحدي، في الغياب الدائم لوالدهم، بعد كل هذا، تزوج بأخرى، واستقر معها في بيت محترم، وهو اليوم يعيش كعريس، بينما أمضيت سنوات شبابي أجابه المعاناة بسببه”. “… لا يمكن أن أتصالح مع نفسي أبدا”، تضيف سهام.
الهوان للأولى والدلال للثانية
تعتبر تجربة الزواج الأول، بالنسبة إلى بعض الرجال، بديهية، وسنة لابد منها، فيما ينظرون بعين مغايرة تماما إلى الزوجة الثانية، على أنها حبل الود، الذي ينتشله من الرتابة والروتين، أو يحقق له طموحاته العاطفية، فيستغل خبرته السابقة في الزواج، ويضيف إليها مزيجا من الدلال والسخاء والمعاملة الحسنة في الغالب، مما لم تكن الزوجة الأولى تحظى به. تقول فضيلة، عاملة بإحدى الإدارات العمومية: “ذهلت من طلب مديرنا، الذي تزوج للمرة الثانية من زميلة لنا في العمل، جاء يطلب مني ملف طلب سيارة جديدة فخمة، وأخبرني أن الزوجة الجديدة الأنيقة تليق بها سيارة جديدة راقية.. تذكرت كيف عانت زوجته الأولى لسنوات من السرطان، دون أن ينفق على علاجها دينارا واحدا، بل كانت تتنقل في تاكسي إلى المشفى..”.
إن تدليل الزوجة الثانية، ومنه الرعاية والاهتمام الزائدان، مع توفير الماديات التي لطالما بخل بها الرجل في زواجه الأول، فكرة رسختها العديد من القصص الواقعية التي تتبادر إلينا يوميا، ولكن ما زادها عمقا، وأعطاها طابعا تراجيديا هو شعور الزوجة الأولى بدور الضحية واستمتاعها به لفترة، مع تخليها عن المطالبة بحقوقها والتغاضي عن ذلك، في سبيل الحفاظ على زواجها، ورعاية أطفالها في جو أسري.
