-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الوزارة تعزي وسليم دادا يكشف آخر مشاريعه التي لم تنجز

رحيل الفنان الكبير إيدير.. نهاية صوت حمل الفن الجزائري إلى العالمية

زهية منصر
  • 1173
  • 1
رحيل الفنان الكبير إيدير.. نهاية صوت حمل الفن الجزائري إلى العالمية
أرشيف

اختار الفنان إيدير، ليلة الثالث من ماي، العيد العالمي لحرية التعبير للرحيل ووضع خاتمة لمشوار كان استثنائيا بالنسبة له كفان وجميلا وخالدا للفن الجزائري، فقد عاش إيدير طائرا حرا محلقا مؤمنا بأن الفن لا حدود له.

عندما وقف إيدير أمام الصحفيين قبل أربع سنوات من الآن وهو يتحدث عن عودته للغناء في الجزائر بعد 39 سنة من غياب والأمازيغية ترسم في الدستور، قال “لا جزائر دون منطقة القبائل، ولا وجود لمنطقة القبائل دون الجزائر”، وعندما وقف على منصة القاعة البيضاوية في أكتوبر 2017 كان من الصعب أن نصدق أن الفنان غاب قرابة أربعين سنة عن بلاده فقد كان الجمهور الذي حضر يومها يعرفه ويعرف أغانيه جيدا جمهور الشباب والأطفال أيضا وليس فقط جمهور الجيل الذي عرفه عن قرب. في تلك الليلة صالح إيدير الجزائر مع نفسها وصوتها. غادر المنصة والجمهور يطالبه بالمزيد لكن وهن الجسد وحكم العمر الذي تقدم به لم يعودا يسمحان بالمزيد اعتذر وانسحب ووعد جمهوره بجولة لكن بقي الوعد معلقا إلى أن رحل.

ولد إيدير أو حميد شريت في 1949 أيث لحسين باث ياني بأعالي منطقة القبائل قبل أن يغادر إلى باريس، سكن أيضا حي ديار السعادة بالعاصمة وهو طفل.

درس ايدير الجيولوجيا لكن القدر أراد له مشوارا آخر عندما عوض سنة 1973 أحد المغنين بالإذاعة الوطنية لتسجيل أغنية للأطفال. وبالصدفة كانت الأغنية التي ستخلد اسمه للأبد، وتخرج الأغنية الامازيغية من الدشرة إلى العالمية “افاف ينوفا”.

لم يكن ايدر ينوي أبدا دخول الفن رغم امتلاكه موهبة الأداء والتشويق منذ الصغير وكان يذكر دائما فضل أستاذه الذي قاده إلى العزف على الغيتار. اكتشف زملاؤه روعة عزفه فصار عزفه أنيسه وأنيس زملائه بعد ساعات العمل في إحدى المؤسسات البترولية التي عمل بها لفترة. وكانت الصدفة هي التي حملت إيدير إلى الفن عندما طلب منه أحد المنتجين تعويض مغنية غابت لأسباب قاهرة فسجل افافا يونفا التي كان لها نجاح غير متوقع ووقعت شهادة ميلاد فنان.

في رصيد الفنان الراحل تسعة ألبومات فقط لكنها تعادل مسارا كاملا، فلم يكن إيدير من الذين يصدرون كل سنة ألبوما فقد كان يغيب لفترة وعندما يعود تعود معه الأضواء والإعجاب والإبهار فقد نحج إيدير في المزج بين أنواع عدة من الموسيقى والآلات. الأمر الذي أعطى لأغانيه عمقها الإنساني وبعدها الفني العالمي.

صدر له “فافا إينوفا” عام 1973، “أراش ناغ” (أبناؤنا) عام 1979، وعاد بعد عشر سنوات عام 1986 بألبوم “القرية الصغيرة”، “الباحثون عن النور” عام 1993، و”ضفتان وأمل واحد” سنة 2002 “فرنسا بالألوان”، و”أذرار إينو”، وكان آخر ظهور له عام 2017 مع شارل ازنافور.

“لقد نشأت في عائلة متواضعة، تربيت على صورة والدي وهو يخرج أغنامه فجرًا ويعود بها مع غروب الشمس، نشأت مع جدتي ومع أمي التي كانت تمخض حليب ماشيتنا. كان ما تقوله لي أمي ليس مجرّد كلمات، لقد كانت مدرستي الأولى، لقد كانت شاعرة بمواصفات زمنها، كان الناس يأتون من قرى بعيدة لسماعها، السبب في ما وصلت إليه، هو أنني لم أنس من أين أتيت”. هكذا قال إيدير يوما متحدثا عن فنه فموسيقاه مسكونة بالجذور مسكونة بيوميات وحياة البسطاء.

برحيل إيدير تخسر الجزائر صوتا ملتزما وفنانا كبيرا في زمن عصي على إيجاد فنان حقيقي.

هذا، وتقدم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتعازيه فوز إعلان الخبر لعائلة ووصف الرئيس إيدير في تغريد ته على توتير الفنان إيدير بالهرم من أهرامات الفن الجزائري و”ايقونة من إيقونات الفن الجزائري ذو السمعة العالمية” وإلى ذلك كتب أيضا كاتب الدولة المكلف بالإنتاج الثقافي سليم دادا ن معزيا ومستذكرا اللقاء الذي جمعه بالراحل على هامش حضور الفنان في معرض الكتاب سنة 2017 بعض مشاريعه الفنية الواعدة أهمها، العمل معا على ألبوم سيمفوني يخلد أهم الأغاني وانسبها للكتابة الاوركسترالية”، وأضاف دادا قائلا “أعمالك ستبقى حتما خالدة وهي التي اخترقت الأجيال والثقافات واللغات وعرفت كيف تجدد نفسها في كل مرة وكيف تكتسب جمهورا أوسع”.

من جهتها، عزت وزيرة الثقافة مليكة بن دودة أسرة الفقيد والأسرة الفنية الجزائرية حيث جاء في برقية التعزية: “إنّ رحيل فنان من طينة إيدير هو شرخ عظيم في جسد الفن الجزائري. لقد خلّد الفقيد اسمه وملامح الثّقافة الجزائريّة الأصيلة عبر فنّه طوال عقود، ونشر خصوصية فنية وثقافية محلية في أرجاء العالم”، وأضاف بيان الوزارة قائلا “إنّ الجزائر إذ تفقده تطوي صفحة من أبرز صفحات الفن الملتزم، وسيظلّ الجزائريّون من مختلف الأجيال، يصغون لصوته، ويتغنّون بأغانيه، وسيخلد بيننا كواحد من المبدعين المكافحين”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مواطن

    رحمك الله يا دا إيدير الفنان الكبير. نعجز حتى على ايجاد الكلمات المعبرة عن مدى حزننا وتاثرنا برحيلك و عن وصف مشوارك الفني وتأثيرك على المجتمع الجزائري لانك دائما تدعو الى مصالحة الجزائر مع تاريخها ولغتها الامازيغية وتراثها وادخلت الفن القبائلي والامازيغي الى العالمية باسلوب جميل وملتزم والجميع يحترمك وتشرف الجزائر كثيرا. انا لله وانا له راجعون. لن ننساك يا دا إيدير.