-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“ردة الفعل” نهاية عقل الأمة!

“ردة الفعل” نهاية عقل الأمة!
ح.م

أصبح التفكير لدينا رُدودَ أفعالٍ، والسياسة والإعلام والرأي والموقف والسلوك أيضا.. وأحيانا على كافة المستويات.. لم نعد نُمكِّن أنفسنا من التفكير خارج منطق دائرة ردة الفعل المُغلَقة، ولا أنْ نَعمل خارج هذا الضغط الهائل للحاجة إلى ردة فعل.

لو نبحث عن العامل المشترك بين مخرجات كل السلوك الاجتماعي والسياسي الذي نقوم به اليوم، لن نجد في الغالب سوى ردات أفعال متتالية هنا وهناك.

مَن يقوم بالفعل؟ مَن لديه القدرة على المبادرة؟ مَن يمتلك إمكانية إحداث المفاجأة الإستراتيجية؟ إلى حد الآن لا أحد يستطيع الجواب.

الكل يجد نفسه -شاء أم أبى- ضمن منطق ردات أفعالٍ يقوم بها آخرون، أحيانا يعرفهم وفي الغالب لا يعرفهم.. الكل يجد نفسه مُخيّرا فقط بين درجة ونوعية وطبيعة ردة الفعل؛ هل يكون قاسيا عنيفا أم هادئا صامتا؟ سالبا أم موجبا؟ ولا يمتلك القدرة على المبادرة بالفعل.

قليلون هُمْ مَن مازالت لديهم القدرة على المبادرة، وعلى استباق الفعل واستحداثه، أي على المساهمة في صُنع المستقبل. وحتى هؤلاء، عندما يقومون بذلك، سرعان ما يتم نقلهم إلى خانة ردة الفعل كُرها أو طَوْعًا… أما الغالبية فإنها، أرادت أم لم ترد، كانت واعية بذلك أم غير واعية، هي ضحية أفعال استباقية قام بها آخرون، والأخطر مِن ذلك أنه تم إيصالها إلى نقطة اللاّرجوع في مجال الحاجة للاستجابة لأفعال الآخرين.. وكأنها أصبحت مُدمِنة على ضرورة الرد، لا تستطيع التوقف على ذلك حتى ولو أرادت، بل لا ترتاح إلا عندما تقوم بالرد على الآخرين بقوة وعنفوان وبدون مجاملة. هكذا يُصبِح الطبيعي عندها!

وضمن هذه الحالة الذهنية ينتعش الفايسبوك ومنصات التواصل الاجتماعي التي أوجدها الفاعلون لهذا الغرض. ويتحقق الهدف الاستراتيجي منها: منع الناس من التفكير والابتكار وإغراقهم في دوامة ردود الأفعال اللامتناهية وغير القادرة على تحقيق أي من الأهداف التي ينبغي أن تبقى من احتكار الفاعلين الاستراتيجيين وحدهم. أي منعهم من صناعة مستقبلهم الذي ينبغي أن يبقى حكرا على هؤلاء، وفقط هؤلاء هُم مَن ينبغي أن يعرفوا الوجهة والغايات التي ينبغي أن يصير إليها. أما الآخرون (البقية، نحن) فمجرد دُمَى لن تتوقف على نقد بعضها البعض من غير أي التفاتةٍ لِمَن سَخَّرَها لذلك بالأساس.

بدت لي هذه مسألة جوهرية وأنا أتابع كيف نُدير الحرب على “كورونا”، وكيف نَعجز عن التعرّف على العناصر التي تجمعنا في هذا الظرف العصيب. ولا ننتبه إلى أننا بدل أن نتموقع ضمن بدائل المستقبل، نغرق في ردات الفعل على بعضنا البعض في الحاضر، وأحيانا نعود إلى الماضي للقيام بذلك ( var)، ومرات حتى إلى الماضي السحيق (نشأة الإنسان). ونادرا ما نُفكّر بمنطق المستقبل، ولا نسأل أنفسنا أبدا: لِمَ كتاباتنا، مواقفنا، آراؤنا في الغالب الأعمّ هي ردود أفعال لِما يقوم به آخرون…؟

هل عمودي هذا من هذا الصنف…؟
فقط لا تقولوا ذلك. لأنكم إذا قمتم بردة الفعل هذه، سأحكم على نفسي وعليكم باليأس من إمكانية تحرير عقل هذه الأمة.. وأنه قد فات الأوان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • someone

    كيف ينبغي ان نرى عمودك اذا، سوف اعتبر اني لم اره قط حتى لا تصدر مني اي ردة فعل، ان لم تكن قد صدرت بالفعل.

  • بن مداني عبد الحكيم

    الفعل يخلق النتائج وردة الفعل تخلق الاعذار اما اذا انحصر التفكير في ردود الافعال دون ان نفكر في اقوالنا وافعالنا هنا تحدث المشكلة لانه من المهم ان اعرف متى اتكلم والاهم ان اعرف كيف اتكلم هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبه الوليد بكلمات شديدة ورسول الله يصغي ويستمع فلما فرغ قال أفرغت أبا الوليد فأستمع العيب هو الأفراط والحدة في ردة الفعل فالقاعدة العلمية لكل فعل ردة فعل مساوية له ومعاكسة له في الاتجاه لا تصلح في حياتنا الاجتماعية

  • محمد ف

    ... وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون ...
    ... ومن احسن دينا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ...
    صدق الله العظيم.
    ... من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فاليقل خيرا أو يصمت ... صدق رسول الله.