-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رصيد تسامح المسلمين مع اليهود والنصارى

حبيب راشدين
  • 1871
  • 5
رصيد تسامح المسلمين مع اليهود والنصارى
ح.م

متى كان العرب والمسلمون عبر 14 قرنا يعادون السامية أو أهل الكتاب في مشارق الأرض ومغاربها حتى تُلصق بهم ظلما التهمة المنكرة من دون خلق الله؟ وكأن الاسلام يحمل ـ كما يزعم أعداؤه ـ جينوم معاداة الآخر، وهو الذي حمى الأقليات من أهل الكتاب، يهودا ونصارى وهو في أوج هيمنته السياسية والعسكرية والثقافية على جغرافية متعددة الأعراق والمِلل والنِّحل، تمتد من الهند شرقا وحتى الأندلس غربا، فكيف تسمح وزارة الخارجية الأمريكية اليوم لنفسها بالقلق على 200 يهودي في الجزائر لا ظهور لهم، أو يقلق البرلمان الفرنسي على بضعة آلاف من المسيحيين لم يمس لهم كنيس أو يكسر لهم صليب؟

قبل أن تنشأ هذه المخاوف الكاذبة، وتصنع مخاوف أخرى من تعاظم هجرة المسلمين المتهمة بتغيير الهوية المسيحية اليهودية لأوروبا، كان الشرق الاسلامي يحتضن لأكثر من 14 قرنا ملايين المسيحيين في الشام ومصر، ومئات الألوف من اليهود في شمال إفريقيا واليمن وإيران، وقد تعايش المسلمون مع الملايين من البوذيين والسيخ والصابئة والمجوس، وحافظ الاسلام على جميع الثقافات وألسن الشعوب والأعراق التي اعتنقت الإسلام طواعية على يد التجار والرحالة، حتى إن أرخبيل اندونيسيا (أكبر الدول الاسلامية) ومعظم دول جنوب الساحل من إفريقيا لم يطأها جيشٌ مسلم فاتح.

وربما يحسن بنا أن نقرأ لهم بعض الشهادات لكتاب غربيين مثل بيرنارد لويس (مستشرق بريطاني أمريكي عُرف بدعمه لإسرائيل) رصد بدقة في كتابه “يهود في أرض الإسلام” أحوال المسيحيين واليهود في ذمة الاسلام لنقرأ في (ص 34) أن “القرون الأولى من الخلافة شهدت تنامي التسامح منذ بعثة الرسول وحتى قيام الامبراطوريات الأموية والعباسية، حيث يسجِّل نمو روح التسامح تجاه غير المسلمين بمنحى تصاعدي… حتى إن المسحيين واليهود كانوا يشكلون مع المسلمين مجتمعا واحدا تشهد كثيرٌ من الوثائق على ثراء المبادلات الفكرية والثقافية بين مجموعاته الثلاث”.

وفي نفس الكتاب (ص 74) يورد شهادة لبعض زعماء اليهود حول سلوك الخلافة العثمانية مع اليهود، ومنها رسالة أندرينوبل، كتبها يهوديٌّ يحث فيها أبناء ملته على الهجرة من أرض المسيحية، والالتحاق بأرض الخلافة العثمانية، حيث “الأمن والازدهار” وبعد أن ذكَّرهم بما يلاقونه من تنكيل وحصار وإهانة في ألمانيا المسيحية، يضيف “أنا إسحاق زرفاتي، أؤكد لكم أن تركية هي بلد الخير، حيث ستجدون الراحة… أفلا يحسن بنا أن نعيش تحت حكم المسلمين بدل المسيحيين، حيث بوسع أبنائنا ارتداء ما يحلو لهم من الألوان دون التعرض للضرب والسب؟”.

وفي شهادة أخرى لمؤرخ فرنسي، آندري كلو في كتابه “اسبانيا المسلمة” يتوقف مطولا عند “اضطهاد المسيحيين القوط لليهود.. والتشديد عليهم في شعائرهم، وهدم معابدهم، والتحريم على المسيحيين الاختلاط بهم”، وقد بلغ بهم الأمر حد “استعباد اليهود، وسبي أبنائهم بالقوة لتنشئتهم على الديانة المسيحية.. وقد عمّت موجة شرسة من المعاداة للسامية بلاد الأندلس زمن القوط، هي التي تبرر كما يقول الكاتب: واجب تفهُّم تسهيل اليهود للغزو العربي، واستقبالهم للمسلمين كمحررين لا كغزاة”، ويصور الكاتب في عدة فصول اندماج المسيحيين واليهود في المجتمع الاسلامي، واعتناق ثقافته ولغته وعاداته، حتى إن الكنيسة اضطرت إلى ترجمة الانجيل إلى العربية حين لاحظت شغف الشباب المسيحي بلغة وثقافة (الغزاة).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • جزائري

    اقولها بصراحة . انا مسلم واعيش منذ عقود وسط مسلمين مثلي في الجزائر لكن لم أشعر يوما بالأمن بل أشعر اني رايح نخلصها غالية لو كان نغلط ولو غلطة صغيرة. وفعلا أرى يوميا كيف يتعامل الناس مع بعضهم كالوحوش لمجرد اختلافات بسيطة. هذا مع بعضهم فكيف مع يهودي أو نصراني

  • anders

    كان الشرق الاسلامي يحتضن لأكثر من 14 قرن ملايين من المسيحيين و اليهود ...خطأ الشرق الاوسط هو مهد اليهودية والمسيحية وأرض مسيحية بالوراثة لكن مع الاسلام الوافد أصبح هو صاحب البيت بينما اليهود والمسيحيين غرباءفى أرضهم و الشىءنفسه يحدث الان فى أروبا إذا لم يتفطن الاروبيون لذلك

  • كسيلة

    هناك منطق أعوج غير مقبول تتبناه المجتمعات الإسلامية مع العالم، يتمتعون بكافة حقوق المواطنة في الغرب في حين يعتبرون المسيحيين واليهود في بلدانهم مواطنين درجة ثانية (أهل الذمة)، يبنون مساجدهم بكل حرية في الغرب ويمنعون ويعيقون بناء الكنائس في بلدانهم، يدعون إلى دينهم بكل حرية في الغرب ويمنعون التبشير في بلدانهم ويضطهدون بعنف كل من يفعل ذلك، يهاجمون الأديان الأخرى بقسوة ويهيجون عندما يقترب أحد من دينهم، إن من أهم أسس التعايش يا أستاذ هو الاعتراف بخصوصية إيمان كل دين، وقبول الحوار حول القيم الإنسانية المشتركة فقط،من آجل تقليص المنازعات وتوسيع الأخوة الإنسانية، الحل حسب اعتقادي خارج صندوق الايمان.

  • هيا الموسى

    اليهود سابقا هم من كان يرى العدو الاول هو المسيحيه وكانتو يتحالفون مع المسلمين لكسر المسيحيه وهم من ادخل المسلمين للاندلس فكان طبيعي ان يتسامح معهم المسلمين وذلك لمرحله فقط حيث ان التسامح اسطوره فالموحيدن والمرابطون طردو وقتلو المسيحين واليهود ومنهم يوسف بن تاشفين ، المسلمين في الخلافه العثمانيه فرضو الجزيه ولبس خاص على الذميين وشروط اذلال مثل منع لبسهم العمامه وعدم ركوب حمار امام مسلم بل الترجل عنه وهذا في مصادر اسلاميه وكان يسمى المسيحي عند موته هالك في الوثائق الرسميه العثمانيه ، عليكم ان تنتبهو ان الاسلام لا يهتم بقتل الاخرين بل باستخدام اسلوب استغلالهم بسبي نساؤهم واذلال رجالهم حتى يسلمو

  • علاء

    فعلا ان الاسلام انتشر بالتسمامح والمعاملة على منهج الكتاب والسنة ولكن اليهود ومن على شاكلتهم هم من يخوفون العالم من دين الاسلام العظيم كى يكف الناس على الدخول فيه ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون كما قال تعالى