-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رهان المقامرين

عمار يزلي
  • 844
  • 0
رهان المقامرين
ح.م

بدأ الحراك، مع بداية فبراير 2019، مع مظاهرات ليلية لشباب الملاعب..بدأت في العاصمة ثم بعض ولايات الشرق الجزائري. مظاهرات بهتافات ضد الرئيس بوتفليقة، الغرض منها رفض ترشحه للعهدة الخامسة.

هكذا كانت البداية: رفض العهدة الخامسة “بوتفليقة يالمروكي.. هذه جمهورية مش مملكة”. توقف هذا الشعار تدريجيا، مع أول جمعة 22 فبراير حيث كانت بداية الحراك بحجم ضعيف نسبيا لأنها كانت جمعة تكسير حاجز الخوف. ابتداء من الجمعة الثانية، ولما رأى المتظاهرون أن قوات الأمن تعاملت بسلمية مع السلمية، سيرتفع زخم المسيرات تباعا.. وتبدأ الشعارات تتعالى تباعا: من رفض الخامسة، إلى رحيل الباءات، ومحاكمة السراقين.. إلى “يتنحاو قاع”.

الشعارات تعددت والمطالب أيضا..ورغم بقاء الحراك سلميا إلا أن هذا لم يمنع من تجاوزات من الطرفين بسبب الاندفاع والشحن العاطفي وحتى الايديولوجي والعرقي للأسف فيما بعد. الحراك بدأت الأيادي تحركه.. العفوية مستمرة، لكن التحريك والمحرك موجود ومستمر ايضا.. محركات وتحريكات في كل الاتجاهات، وهذا شيء طبيعي لما تطول مظاهرات ومسيرات لأكثر من 14 أسبوعا، حتما يقع الاختراق داخل الاختراق.. والأخطر هو القادم إذا لم توجد حلول عاجلة لدفن هذا الشحن المتزايد للرأي العام. الرأي العام تشكل من البداية على قناعات عامة، استخدمت إعلاميا، كون الجزائر العميقة كانت قد اشتغلت على هذا التحريك حتى قبل الحراك، إن لم تكن هي من أوقدته لحاجة في نفس توفيق. الإعلام الرسمي وحتى الخاص، لم يساير الحراك في البداية، لكن بعض القنوات ووسائل الإعلام الخاصة سرعان ما التقفت الرسالة ودخلت بقوة في التغطية الإعلامية المباشرة وأيضا تنظيم بلاطوهات نقاش عام حول المطالب حتى لا تحترق، فقبلت بالاختراق خوفا من الاحتراق شعبيا. البلاطوهات في البداية كان تعج بتيار واحد: التيار الذي كان يسيطر على الخطاب وتوجيه الرأي العام، من منطلق أنشطة سابقة له في بعض المناسبات: حركة مواطنة، وبعض الرموز الثقافية والفكرية والحزبية والإعلامية ونشطاء حقوق الإنسان في الاتجاه الليبرالي والعلماني واليساري، وبطبيعة الحال أصحاب التوجهات الاثنية المعروفة، من انفصاليين ومناصري القضية الأمازيغية، هذا في غياب أي صوت للإسلاميين والوطنيين المخونين أو الممنوعين.

الحراك شكل رأيا عاما انطلاقا من تزعم هذه المجاميع والأفراد لهذه المطالب على أقليتها. رغم أن الحراك لم يكن يتقاسم قناعات الأقليات الايديولوجية المهيمنة، لكنه يتقاسم معها كثيرا من الثوابت ومنها رحيل رموز النظام الفاسد وبناء دولة ديمقراطية عصرية..دولة القانون. غير أن الأهداف كانت تنبي على مطلب خفية، وهو إنها وجود الجمهورية والدولة الوطنية ـ على فسادها ـ بنظام ودولة وجمهورية ثانية على غرار الجمهورية الثانية الفرنسية. أي ثورة على النظام، وتهديم كل ما تم بناؤه والبداية من الصفر..كما لو كنا في 62… أي العودة إلى إعلان دستوري ومجلس تأسيسي الذي ظل آيت أحمد يطالب به حتى رحيله، وتزعمت من بعده لويزة حنون هذا المطلب الذي سيعيد النظر في اللغة والدين وكثيرا من البنود والمواد.. ولم تخف حنون قولها في ذلك أن بيان نوفمبر لم يعد صالحا لوجود عبارة “جمهورية جزائرية في إطار المبادئ الإسلامية”.

هذا ما جعل مؤسسة الجيش، من خلال ما تملكه من ملفات وحقائق، تغلق الباب على هذا التوجه وتبقي الحل في الإطار الدستوري وإصلاح النظام كلية بعد انتخاب رئيس جمهورية شرعي.. وليس قبل حتى لا نفتح على أنفسنا أبواب المجهول، وهذا ما ترفضه الأقلية باسم الأغلبية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!