-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
كسوة طفل واحد بـ1000 دج والملابس المستعملة تفضح الفقراء

“زوالية” يتصالحون مع العيد بملابس “الشيفون”

الشروق
  • 1812
  • 4
“زوالية” يتصالحون مع العيد بملابس “الشيفون”
ح.م

في الوقت الذي تقصد فيه العائلات الميسورة المراكز التجارية والمحلات الفاخرة لاقتناء ملابس العيد بأسعار خيالية، حيث تتفنن في اختيار أجود أنواع الألبسة لأطفالها ومن الماركات الشهيرة، تتدافع عائلات أخرى على الأسواق الشعبية لبيع الملابس المستعملة “الشيفون” بهدف إدخال الفرحة في نفوس أبنائها ولو بألبسة مستعملة، فهي أسر أنهكها تأمين الطعام، وشراء ملابس جديدة بالنسبة لها من المحرمات…
رغم منع استيراد الشيفون منذ خمس سنوات، غير أن الأسواق المتخصصة لبيع الملابس المستعملة تشهد رواجا كبيرا وباتت تستقطب المواطنين من مختلف الشرائح والأعمار، نساء ورجال ومسنون وأطفال وجدوا ضالتهم في ملابس تحفظ ماء الوجه، فـ 100 دج في هذه الأسواق تكفي لشراء سروال أو حذاء أو قميص، المهم حسب هؤلاء الحصول على ملابس جديدة “قديمة” تضمن لهم كرامة المظهر وتعفيهم من شراء ألبسة باهظة الثمن..

” الخطايفة” للظفر بملابس الماركات العالمية

كانت الساعة تشير للتاسعة صباحا من يوم الخميس الماضي، المكان السوق الشعبية الشهير “المحروق” الذي يتوسط قلب مدينة بوفاريك، طاولات بيع الملابس المستعملة في كل مكان وعلى مدّ البصر، زبائن من مختلف الشرائح والأعمال قصدوا السوق منذ الساعات الأولى من الصباح للظفر بأجود أنواع الملابس التي تحمل ختم أشهر الماركات العالمية والتي تباع بأبخس الأثمان، وما إن يشرع التجار في فتح أكياس “الشيفون” حتى يتسابق الزبائن لنبش وتخاطف الألبسة للظفر بأجودها وأحسنها، في مظهر ما يعرف بـ “الخطايفة” ..

جزائريون يبيعون ملابسهم القديمة للظفر بأخرى جديدة

بعد منع استيراد الألبسة المستعملة، لجأ تجار الشيفون إلى حيلة جديدة لمواصلة نشاطهم وهي شراء الملابس القديمة من المواطنين وإعادة بيعها، وهذا ما دفع الكثير من العائلات إلى جمع ملابسها القديمة في أكياس وإعادة بيعها، بمبالغ رمزية عوض رميها في المزابل أو تكديسها في المنازل.
وفي هذا السياق أكد لنا أحد التجار أنه يستقبل يوميا كميات كبيرة من الملابس المستعملة التي يعرضها المواطنون للبيع فيشتريها ويعيد بيعها بفارق ربح صغير يتراوح مابين 50 و100 دج للقطعة الواحدة، وأضاف محدثنا أن عديد العائلات تفضل بيع ملابسها القديمة لشراء ملابس جيدة وهي الفكرة التي لقيت رواجا كبيرا.

كسوة طفل بـ1000 دج ومسنون يبحثون عن الجودة

تختلف أسعار الملابس المستعملة حسب النوعية والجودة والمقاس، حيث تعرض ملابس الأطفال بأسعار أقل من ملابس الكبار، وحسب ما وقفنا عليه في “السوق المحروق” في بوفاريك فإن أسعار ملابس الأطفال تتراوح مابين 100 دج و400 دج للقطعة الواحدة، فشراء قميص وحذاء وسروال يكلف مابين 800 دج و1000 دج للألبسة العادية ويرتفع السعر إذا كان اللباس يحمل شعار ماركة عالمية، وما وقفنا عليه هو اصطحاب الكثير من الأولياء لأطفالهم من أجل اختيار مقاسات الألبسة، حيث كانت الكثير من الأمهات منهمكات في نبش أكوام الألبسة واختيار ما يتوافق مع أذواق أطفالهم.
والغريب أن الألبسة المستعملة لم تكن تستهوي الأطفال والشباب فقط، حيث وجدنا مجموعة من المسنين الذين تجاوزت أعمارهم 70 سنة كانوا منهمكين في اختيار ما يناسبهم من ألبسة.

جزائريون لا يعرفون العيد

تبادلنا أطراف الحديث مع بعض زبائن طاولات “الشيفون” متظاهرين أننا من عشاق هذه الملابس والباحثين عن أشهر الماركات العالمية في أكوامها، حيث أكد لنا أحد الكهول الذي كان يختار ملابس الأطفال والنساء لعائلته، أنه لا يفكر في العيد وأبناؤه لم يتعودوا على ارتداء الملابس الجديدة، مؤكدا أنه متقاعد يتقاضى 15 ألف دينار في الشهر لا تكفيه حتى لضمان مستحقات فاتورات المياه والكهرباء وتأمين الطعام، وبالنسبة للملابس فأطفاله وزوجته تعودوا على الملابس المستعملة التي يشتريها بأسعار معقولة حيث يكفيه مبلغ 3000 دج لكسوة أطفاله الثلاثة وزوجته وأمه العجوز، مؤكدا لنا أن أمثاله من الجزائريين كثيرون والذين يعانون في صمت ويتعففون عن التسوّل ومد يدهم للحرام .

لشراء ألبسة لماركات عالمية بأسعار زهيدة
أغنياء يزاحمون الفقراء على محلات الألبسة المستعملة

في الوقت الذي يرى فيه عديد المواطنين في الملابس المستخدمة “الشيفون” فرصة للخلاص من زيادات الأسعار، هناك فئة أخرى متعودة على اقتنائها في كل مرة حتى في المناسبات والأعياد ليس لأن أسعارها منخفضة، بل لكونها توفر لهم جودة وماركات شهيرة بأثمان زهيدة.
علقت الكثير من محلات بيع الملابس المستعملة لافتات بضاعة جديدة “نوفو أريفاج” بمجرد حلول العشر الأواخر من الشهر الفضيل، وهو ما لفت أنظار زبائن هذه السلعة المتعودين على انتظار كل جديد في هذا العالم وهذه التجارة المحظورة قانونيا منذ 7 سنوات، غير أن عديد المحلات مازالت تعرضها وتخصصت في الأنواع الراقية منها ليذيع صيت محلات القبة، التي تبيع “شيفون” من ماركات شهيرة.
عندما دخلنا واحدا من هذه المحلات شدنا منظر الملابس وهي معروضة، ألوانها جميلة ومنظرها لا يوحي بأنها مستعملة من قبل لولا تلك الرائحة المنبعثة منها التي مكنتنا التمييز بينها وبين الجديدة، وعن الأسعار تختلف فالقمصان المخصصة للكبار سعرها 900 دج، السراويل 450 دج، الفساتين 650 دج. أما المخصصة للأطفال وهي وجهة الكثير من الأولياء فالقميص مابين 300 و500 دج، وخلال تقليبنا الملابس عثرنا على بعض الماركات مثل “بولو، زارا، تومي” وغيرها من الماركات التي يستحيل على موظف بسيط اقتناءها من المحلات المخصصة لها. يقول صاحب المحل: “الأسعار غير ثابتة فعند وصول السلعة الجديدة تكون مرتفعة نوعا ما لكن بقرب انتهاء الأسبوع أخفض أسعارها”، وهناك قطع يمنحها بالمجان لمن يشترون عديد القطع. وأضاف المتحدث “ليس جميع الزبائن من الطبقة الفقيرة، بل هناك أشخاص مهووسون بـ “الماركة” يحبون شراءها لأنها أكثر جودة ويمكن تمييزها حتى ولو كانت مستعملة “شيفون”، لذا يقصدون محلنا في كل مرة نجلب فيها بضاعة جديدة ليختاروا ما يرغبون به”.
تركنا المحل السابق وتوجهنا لآخر لا يبعد عنه سوى بأمتار، وما شد انتباهنا في البضاعة المعروضة داخله وجود أحذية وقمصان وفساتين عادية تحمل علامة “ماركة”، ما يدل على أنها جديدة وغير مستعملة من قبل، رحنا نتمعن في الأسعار التي بدت باهظة نوعا ما، خصوصا إذا كان القميص الرجالي بـ 1200 دج، وفساتين النساء بـ 1200 دج، قمصان الأطفال الصغار بـ 550 دج أما الأحذية فسعرها 850 دج فما فوق، هذا الغلاء برره صاحب المحل بأن سلعته جديدة فهي من ما تبقى في “الستوك” الأجنبي ولم يبع وبعض القطع فيها خطأ في الخياطة، فالشركات الأجنبية ترفض بيعها لزبائنها فتجمع لتباع في الجزائر، ليضيف هناك لا توجد ملابس مستعملة بل كل هذا “الشيفون جديد”. وعن الإقبال أكد محدثنا بأنه كبير خصوصا في فترة العيد فهناك زبائن متعودون على شراء ملابس لأطفالهم اقتنوا ثيابا وأحذية بالكامل من المحل بأسعار معقولة مقارنة بالموجودة في المحلات الأخرى.
وعند حديثنا مع إحدى السيدات التي كانت تقلب حذاء صغيرا سعره 850 دج، وتبحث عن المقاس المناسب لابنها كشفت لنا بأنها متعودة على التسوق من هذا المحل لما تتمتع به بضاعته من جودة، فهي غير مستعملة من قبل وأسعارها معقولة، مستطردة “صحيح هناك ملابس بأسعار أقل في المحلات الأخرى وجديدة لكنها ليست “ماركة” تتمزق بسرعة” فتضطر للشراء في كل مرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • benchikh

    يا امة محمد (صلى) "ويل لامة تاكل مما لاتزرع وتلبس مما لاتحيك " كيف تلبسونا ملابس النجسة ما ينفع فيه لاصابون ولا مواد شديده التطهير اسالوا اهل الاختصاص فهذه الاقمشة بالية مليئة بالفطريات(الصدفيات) التي لاتموت بل تبقى ملتصقة بالقماش نصيحتي اشتروا الملابس الجديدة المصنعة محليا بأسعار معقولة خير من صرفها في العلاج وما يكلف مبالغ باهضة لان هذا المرض لا يموت الا بطولة الزمن .لقد حضرت (لندن )كيف يتم جمعها من السكان وغسلها ثم "بيعها " رغم انهم لم يشتروها نعم لم تشترى حذاري من المرض

  • محمد

    اولا :الموظوع كان يمكن ان يطرح بطريقة لا تشجع على زيادة الاسعار في اماكن اخرى لان النماذج مأخوذة من مكان واحد.
    ثانيا: لماذا لا تتدخل الدولة في تحديد هوامش الاسعار ونحن نعلم حتى في امريكا تتدخل الدولة في لاقتصاد فلماذا العكس في الجزائر؟؟؟؟

  • Auressien

    حتى الملابس المستعملة صارت غالية الثمن بسبب منعها من الإستيراد . أين هي الصناعة المحلية التي يمكن أن تغطي و تنافس سعر الملابس المستعملة ؟ أم هي سياسة البرستيج( politique de prestige ) ! التي تناقض الواقع المأساوي للفقراء . بالطبغ لا غرابة في ذلك ، االذين قرروا منع إستيراد الملابس المستعملة للفقراء يتقاضون 40 مليون شهريا .

  • ملاحظ

    کل هذا بسبب الحکومة تخدم اللوبيات واسيادها من وراء البحر وهي مقر قلوبهم٫ يتکلمون عن السوسيال والضمان الاجتماعي و والواقع اوقفوا استيراد لسلع لا نملکها کملابس مما شجع ندرتها التهابها واصبح مواطن کصومالي بسبب فرض المزيد من ضراٸب والرسوم علی عاتقه وجل ضراٸب تذهب لمقربيهم ورجال الاعمال وهي اقسی من ما فرضه الحکومة الاردني، ولا يوجد حرية التجارة والمنافسة وملابس يباع اغلی من اوروبا ومذخول جزاٸري الادنی يمثل 90 اوروا وفرنسا 1200 اوروا عندهم اعانة الادنی لمحرومين 500 اوروا وعندنا لبعض تعطوهم 4000 دج عندنا ثروة تغطي غالبية قارة افريقيا وفرنسا لا ثروة يملکونه لکن وجدوا عبرکم من يدعمون اقتصادهم