زوج في مهمة صعبة!

ربما لا حاجة للسؤال عن السبب الذي يقف وراء حالة “الجفاء” التي تصيب علاقة الرجل بأهله بعد الزواج، فدخول المرأة حياة الرجل من شأنه أن يحدث انقلابا واسعا يشعر بارتداداته كل المحيطين به الذين تقترن لديهم هذه الوافدة الجديدة بأنثى الأسد الذي يبقي أنيابه ومخالبه في حالة تأهب من أجل لبؤته.

وبقدر ما تقرب هذه “الاستماتة” المسافات بين الزوجين، وتلقي بمقادير من السعادة والاطمئنان في قلب الزوجة، بقدر ما تجعل علاقة الرجل بأهله مطوقة بحزام ناسف ينتظر أي موقف مناوئ للزوجة حتى ينفجر.

وكمجتمع جزائري، تعرف فيه علاقة الأخ بأخته احتقانا شديدا، تبدأ ملامحه في الظهور مع “التمييز العنصري” الذي يمارسه الأهل ضد الفتاة لحساب الذكر الذي يرفعون قدره ويشعرونه بتصرفاتهم الازدواجية أنه منزه عن الخطأ، و أنه من حقه أن يحاسب ولا يُحاسب، فإن هذه العلاقة المكهربة يشتد أوارها مع قدوم زوجة الأخ إلى البيت التي تشكل أحد قطبي الصراع الذي يندلع مع أفراد عائلة الزوج، وبالأخص مع أخته، التي لطالما نقل إليها شعورا “غليظا” بأنه مجرد “سجان” مهمته أن يكتم أنفاسها ويتصيد أخطاءها، ليمارس عليها رجولته المزعومة التي تتلاشى أمام زوجته، فيصبح رجلا متحضرا يعرف كيف يخاطب المرأة، ويعرف كيف يراعي مشاعرها الرقيقة.

بينما يحاول أزواج آخرون، أن يحافظوا على التوازن في علاقتهم مع زوجاتهم وأهلهم حتى لا يخسروا أحد الطرفين لأنهما على نفس درجة الأهمية والمكانة في حياتهم، فلا ينجرفوا وراء “تحريضة” ساخنة من طرف زوجاتهم أو عائلاتهم، ولا يلتقطو “التقارير” اليومية التي تصلهم من الطرفين، محاولين دائما الإمساك على العصا من النصف، ولكن الزوج، وهو يسعى إلى الإبقاء على هذه العلاقة في مستوى لا يفتح عليه أبواب الخلافات والمشاكل، تتلف أعصابه وتتراجع قدرته على السيطرة على المواقف الجديدة التي تفاجئه، لأنه صار يشكل محورا لهذين القطبين “المتناحرين” اللذين يحاول كل واحد منهما أن يجذبه إلى صفه، بينما هو يظل واقفا على الحياد، مصرا على عدم الانجرار خلف أي طرف، لأن ذلك يعني له انهيار علاقة جميلة لا يتمنى لها أن تنتهي، ولكن لا أحد من الطرفين يشعر بشقائه وتعاسته وهو يؤدي هذه المهمة الصعبة!.