-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ساعة الحسم مع “الثلة المعطلة”

حبيب راشدين
  • 1776
  • 15
ساعة الحسم مع “الثلة المعطلة”
ح.م

بعد الكلمة الأخيرة، لقائد الأركان من ورقلة، لم يعد بوسع الطبقة السياسية، وبعض النخب التي نصّبت نفسها وصية بلا شريك على الحراك، التسويف بشأن توضيح الموقف من المسار الوحيد الذي اختارت مؤسسة الجيش أن ترافقه، بالإسراع بملء الفراغ في أهم مؤسسة في البلد، إما بالمشاركة والدخول في تنافس شريف، أو معارضتها بالطرق الديموقراطية المشروعة التي يسمح بها الدستور، وليس عبر مسارات التخريب، وتهديد السلم والاستقرار، برفع شعارات عدمية مثل شعار العصيان المدني.

دعونا كمواطنين متمسكين بدرجات متفاوتة بخيار الخروج الآمن من الأزمة التي دخلت فيها البلاد منذ تعطيل العهدة الخامسة والتمديد، دعونا نتفحص بموضوعية الخيارات المتاحة لكل من يطمح مستقبلا في لعب دور في إدارة الشأن العام، على أي مستوى كان من المسؤولية، بعد أن حسم بلا رجعة قرار مواصلة إدارة الدولة ومؤسساتها بأدوات الدستور القائم، إلا أن تعرض صيغة بديلة على المالك الأصلي للسلطة التأسيسية تمر حتما وفي كل الأحوال عبر الصندوق.

أي ملاحظ عاقل متابع للوضع السياسي في الجزائر منذ تفعيل المادة 102 وترحيل الرئيس السابق، يعلم أن فرص التمكين لحلول خارج الدستور باتت مستبعدة إلا إذا ـ لا قدر الله ـ نجحت تلك الفئة القليلة المختطِفة للحَراك الشعبي في إخراجه عن طابعه السلمي، وانتقلت به إلى الصدام وإلى الخيارات العدمية التي رفعت أبرز شعاراتها في الجمع الأخيرة، وكانت بالضرورة عنوانا كاشفا لانهيار مشروع ما وصف بـ”الانتقال الديموقراطي” خارج الدستور وخارج المسار التقليدي للفوز بوكالة الناخب عبر الصندوق.

ومن الواضح، أن “الأقلية” التي تقاتل اليوم بشراسة لتعطيل العودة إلى الصندوق قد اختُزلت في ثلاثة أو أربعة أحزاب من نفس العائلة العقائدية “العلمانية اليسارية” التي فشلت عبر المسارات الانتخابية منذ بداية التعدُّدية في بناء قاعدة شعبية محترَمة، ووعاء انتخابي واسع، سوى ما تحقق لها في ولايتين فقط من بين ولايات البلاد الـ48، وقد سبق لبعض رموزها الإقرار بـ”الخطإ في الشعب” وقد يطول انتظارُها إلى يوم القيامة لميلاد شعب يقبل منحها فرصة اختبار برامجها المستنسَخة المعادية لمكوِّنات هويته.

ومن المؤكد أيضا، أن هذا الجزء من الطبقة السياسية قد فقد الثقة في قدرته على توظيف الحَراك لتمرير مسار انتقالي خارج الدستور “يسرق” السلطة التأسيسية للمواطن ويتحايل عليها بعيدا عن اختبار الصندوق، كما يشعر بأن حملة التطهير التي تولاها القضاء بوتيرة عالية قد أضعفت صفوفه، وجففت روافده الأمنية والسياسية والمالية، وفككت جزءا من الدولة العميقة التي كان يعوِّل عليها في اقتطاع حصص من مواقع السلطة والإدارات الكبرى، والفوز بحصص من مواقع التمثيل عبر مسارات يعترف بأنها مساراتٌ انتخابية مزوَّرة تعمل بالمحاصصة.

ثم إن هذا الفريق قد فقد ما كان له في تسعينيات القرن الماضي من دعم سخي من وراء البحر لخيار تعطيل المسار الانتخابي، وفرض خيار الأقلية على الأغلبية بالمغالبة البهيمية، وسلطة الدبابة التي نراها اليوم تضع سلطانها في هدمه ونصرة الخيار الدستوري، وترفض أن ترافق أي مسار مُغامِر مقامِر، يبدأ بإسقاط الدستور وقد ينتهي بإسقاط الدولة.

لستُ متأكدا من أن هذا الفريق المهزوم منذ النشأة، العالق اليوم في تناقضاته الفاضحة، قادرٌ على سماع صوت الحكمة وتجنيب البلد الفوضى، أو تقدير عواقب ما ورد من تحذير صريح في كلمة رئيس الأركان، كما هو أعجز ما يكون عن تعطيل المسار الانتخابي في ما بقي من السنة بما يرفعه من شعارات عدمية لن تسايره فيها أغلبية الشعب، لأن الشعب لا يرضى أن يكون عدوَّ نفسه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • عبدو بورحلة

    القضية هي ليس ت من هو " مع او ضد , بل هناك ايديوليجيا و فكر عقائدي يعتبر بمثابة الدين بالنسبة لاولائك الذين يعارضون من اجل المعارضة فقط . و يسعون لتجسيد فكرهم على ارض الواقع ولو اقتضى الامر بالقوة و المغالبة البهيمية * عندها لايراعون الا و لاذمة في الدم والعرض........

  • مفتاح خالد

    بارك الله فيك على هذي المقالة التي توصف بموضوعية ونوع من الديبلوماسية تكلاب بعض الاقليات بهدف إركاع الجزائر...

  • مجمود

    لم يعد مجال للشك في أن العلمانيين قد فقدوا كل شيء،ولم يبق لهم سوى مناورات حمقاء اعتمادا على تضخيم بعض المظاهرات الطلابية بالعاصمة أو تيزي وزو أو بجاية،وهي مظاهرات ليست كلها طلابية وإنماخليط من المارة والفضووليين.أتابع أخبارهم على يومياتهم والتخبّط بادٍ لا يحجبه دخان.والسمة الغالبة على أنبائهم هي التعميم باستعمال كلمات كبيرة للتأثير مثل الشعب يردد، الرفض العام لكذا، الافتتاحيات الساخنة المطعّمة بعبارات مثل عنف الأمن،مناورات السلطة.وهذه كلها إشارات إلى آخر رقصة للديك المذبوح الذي فقد الأمل في حياةٍ.الطريق مرسوم بوضوح وللجميع الفرصة في أن يكون صادقا مع نفسه ويعمل بقدر ما وهبه ربه.

  • محمد العاقل

    في الايام الاولى كنت تقول ان الدياراس التابع لتوفيق هو الذي يقف وراء الحراك،اعتقد ان تحليلاتك جانبت الصواب لانها رغبات وليس حقائق

  • صالح بوقدير

    نعم انها ساعة الحسم مع الاغلبية الغالبة التي تريد تطهير كل الفاسدين

  • احمد بن عائشة

    " أن “الأقلية” التي تقاتل اليوم بشراسة لتعطيل العودة إلى الصندوق قد اختُزلت في ثلاثة أو أربعة أحزاب من نفس العائلة العقائدية “العلمانية اليسارية” التي فشلت عبر المسارات الانتخابية منذ بداية التعدُّدية في بناء قاعدة شعبية محترَمة، ووعاء انتخابي واسع، سوى ما تحقق لها في ولايتين فقط من بين ولايات البلاد الـ48، "
    هذه جمعيات احياء

  • SEDDIK

    HAL LAKA AN TOSADDIK ANNA AL MARID BI ASSARATAN ASBAHA TABIBAN MOKHTASS FI MOALAJATI MARAD ASSARATAN WE AL BAKI KAMMLOU ANTA

  • مراقب غيور على الجزائر

    هذه هي سياسة "من لم يكن معنا فهو ضدنا"... إذا كانت المنطلقات والمقدمات خاطئة فإن النتائج ستكون بالضرورة حاطئة... ثم... لا ننسى أنك كنت تشكك في الحراك في أيامه الأولى وتصمه بأنه مجرد تقليد للآخرين... ثم بدأت تتراجع شيئا فشيئا... والآن أوصلك تفكيرك إلى هذه الرؤية...

  • نوار خليفة

    المشكلة أن هذا التيار المصادم لخيارات الأغلبية يراهن على تعفين الأوضاع لاستجداء التدخل الأجنبي بما يرفعه من شعارات براقة قد لاتعكس حقيقة أهدافه كالديمقراطية و العلمانية و حقوق الإنسان و حرية المعتقد و و و...خاصة و أن الأوضاع الدولية أصبحت مهيأة أكثر لهذا السيناريو عكس حقبة التسعينات . ولاشك أن أولياء الأمور الفعليين يدركون حجم المخاطر . لذلك يبقى الحل هو أن يتكتل أنصار الحل الدستوري بأي شكل من الأشكال للدفاع عن اختيارهم بشكل سلمي حضاري لإفشال مغامرات الطرف الآخر. مثل حضور تجمعات الحملات الإنتخابية و حماية المترشحين من أي تجاوزات و التجند يوم الإنتخاب عند مكاتب الإقتراع و حمايتها .

  • Honore

    يجب على من عاش و عايش سنوات الجمر و الدَّمار التِّي صنعها هؤلاء المرتزقة و من على شكلهم و شاكلتهم أن يفضحهم بأسمائهم و أفعالهم التي بها أهلكونا و أضاعوا على الجزائر شعباً و دولة من الفرص التي لن تعوض كالأرواح التي زهقت و ضاعت على خلفية حربهم الضروس على كل من له صلة بدين اللَّه الحنيف و بمقدسات شعبنا البسيط المعطاء الصابر المثابر في المحن و الآلام.
    فشكرا لكم أستاذنا الكريم على فضحهم في مقالاتكم.

  • HOCINE HECHAICHI

    وجها "الإشكالية الجزائرية" وحلاهما :
    1. الانسداد السياسي الظرفي الحالي ويتطلب "حلا تصحيحيا " آنيا
    2. التخلف الاقتصادي المزمن ويتطلب "حلا اقتصاديا حربيا" متوسط المدى:
    حلول أخرى : مضيعة للوقت

  • ع غ

    سبحان الله، لا أدري من أين أتتكم هذه الجرئة لكتابة مثل هذه الترهات... سيايسة كل من هو ضدي في الأفكار إذن هو عميل !!!!!
    إذا كان هذا إجتهادا من عندك فقد جانبت الصواب، أما إذا كان ذلك من مكر الليل و النهار، فللله الأمر من قبل و من بعد، ولتعلم أن حبل الخيانة قصير و طوبا لمن صبر...

  • مندهش

    سبحان الله، لا أدري من أين أتتكم هذه الجرئة لكتابة مثل هذه الترهات... سيايسة كل من هو ضدي في الأفكار إذن هو عميل !!!!!
    إذا كان هذا إجتهادا من عندك فقد جانبت الصواب، أما إذا كان ذلك من مكر الليل و النهار، فللله الأمر من قبل و من بعد، ولتعلم أن حبل الخيانة قصير و طوبا لمن صبر...

  • الخلاط الجلاط

    حكم الاقلية هذه المرة عبر الصندوق وليس خارجه

  • ياسين

    الذين يريدون تعطيل اجراء الانتخابات لا خوفا من التزوير و إنما خوفا من أن تكون نزيهة و شفافة ...فهم يخافون من صوت الشعب الذي يدعون حبه و لا يريدون "حكمه" الذي يصدره في حقهم و حق كل من يدعي حبه عن طريق الصندوق الشفاف و ليس عن طريق الكولسة و الغرف المظلمة التي يريد أصحاب "سوق النخاسة و البولتيك" من الفئة التي سطت و صادرت حق الشعب في اختيار من يمثله ذات يوم من سنة 92 فهم أنفسهم من يروجون اليوم للعصيان المدني لتحقيق مآربهم و مآرب اليد الخفية التي تحركهم من وراء "البحر"؟ فهل يعي الشعب ذلك الفخ الذي يستدروجونه إليه لتكرار مأساة 92 الدامية؟