-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
هكذا أمضى السنافر يومهم قبل وخلال وبعد مباراة مازامبي

سبع ساعات على مقاعد الإسمنت.. صبر وبرد من أجل “الخضورة”

سبع ساعات على مقاعد الإسمنت.. صبر وبرد من أجل “الخضورة”
أرشيف

كانت الساعة تشير إلى الثامنة من صباح السبت حيث لم ترتفع درجة الحرارة عن السبعة مئوية في عاصمة الشرق الجزائري، في يوم مباراة الشباب أمام الفريق الإفريقي الكبير مازامبي، أنصار الفريق المحلي القادمين من كل أحياء المدينة توجهوا إلى الاكشاك المحيطة بالملعب لاقتناء تذاكر الدخول التي بلغ سعرها ما بين 300 و400 دج حسب المدرجات المكشوفة والمغطاة، ولم يزد تعداد التذاكر المطروحة للبيع عن 30 ألف تذكرة، وعلى الطريقة القديمة جدا من زحام وكر وفر وشراء كمية كبيرة من هذا أو ذاك لبيعها في السوق السوداء، بقي ملعب حملاوي نقطة سوداء لم يتغير منذ افتتاحه في سنة 1974 في الزمن الذهبي لمولودية قسنطينة مع فندي وقموح.
لم تمر أكثر من ساعتين حتى نفذت التذاكر من الأكشاك وظهرت بأسعار لا تقل عن 500 ج في مختلف الأحياء وخاصة في المدينة الجديدة علي منجلي التي تضم عشرات الآلاف من أنصار الفريق العريق.
الأمطار التي غسلت شوارع المدينة طوال يوم السبت والبرد الذي رسم الرجفة على أبداء الناس لم يثنهم عن عيش اللحظة التاريخية للنادي الذي لم يتأهل فقط للمرة الأولى لدور المجموعات من رابطة أبطال إفريقيا، وإنما هو بصدد القيام بمشاور نادر في تاريخ المشاركات الجزائرية في هذه البطولة العتيقة إذ لم يستقبل أي هدف في ست مباريات قارية على التوالي.
في حدود الرابعة عصرا فتح الملعب أبوابه وسط تنظيم مقبول ووجود قوي لمصالح الأمن وتوافد قياسي كالعادة للأنصار، ولم تمض أكثر من نصف ساعة حتى كانت المدرجات المغطاة مملوءة عن آخرها، وحجز البقية أماكنهم في وسط الأماكن المكشوفة متسلحين بمطرياتهم استعدادا لأي طارئ مناخي في يوم ماطر وشديد البرودة.
ولأن المحلات الصغيرة الموجود في الملعب منذ قرابة نصف قرن، مازالت دون الخدمة الراقية وهي تبيع البيزا واللمجات المكونة من البطاطا وسط الزحام، وجد المئات من الشباب والأطفال فرصتهم في التجول بين المدرجات لبيع مشروب كوكاكولا دون غيره من المشروبات، ولمجات من بيض وبطاطا وشعارات النادي العريق بالأخضر والأسود، ومرطبات وفول سوداني وسجائر، وأيضا أشياء ممنوعة يعرفها الجميع للأسف، وقبل بداية المباراة بساعة وربع ساعة وصل صوت الآذان المنبعث من جامع هارون المحاذي للملعب حيث توجه أيضا المئات من المناصرين لصلاة المغرب، على حافة المدرجات وعادوا داعين لفريقهم المحبوب بالفوز في لقاء الموسم الذين لن ينساه المناصرون أبدا.
تزود الأنصار الذين أعلنوا امتلاء الملعب عن آخره في حدود الساعة السابعة بالأكل والتركيز لأجل تحويل الملعب إلى كابوس للنادي الكونغولي المخيف الذي لعب 32 مباراة متتالية من دون هزيمة والذي صار يدعى بمرعب الأندية الجزائرية، والذي لم يفقد هيبته أبدا بدليل فوزه الصريح على الإسماعيلي وهو منقوص من لاعب طوال الشوط الثاني، عكس ما حاول البعض ترديده للتشكيك في أحقية السنافر في إمكانيتهم في أن يتحولوا إلى قوة كروية إفريقية بامتياز.
عرف لاعبو مازامبي بعد دخولهم إلى الملعب في حصة الإحماء بأنهم لن يواجهوا فريقا من 11 لاعبا فقط، وإنما جمهور لم يتعودوا على اللعب أمامه، وصار هدفهم هو امتصاص هذا الحماس بالمحافظة على شباكهم شاغرة أطول فترة مكنة وهذا ما تحقق لهم في الشوط الأول، بالرغم من ضغط رفقاء بلخير الذي بقي عقيما ومن دون فرص صريحة للتسجيل، وسط جمهور لم يتوقف عن التشجيع ولو للحظة واحدة.
قوة أنصار السنافر أنهم صاروا يعرفون ما يجب أن يقوموا به، حيث لا يهتفون في الفترة التي تسبق المباراة، ويوفرون جهدهم وطاقتهم إلى زمن المباراة، ويزيدون من إيقاع التشجيع عندما يكون ناديهم في حاجة إليهم، كما حدث في نهاية الشوط الأول عندما سيطر مازامبي على المباراة، ولا ينسون المشاهد على التلفزيون بلوحات جميلة من تيفو فيه رسالة للذين يشككون في تاريخ الفريق ورسائل أخرى فيها الكثير من الحضارة والثقافة والعشق العجيب للونين الأخضر والأسود.
لعب الأنصار المباراة بجوارحهم ودعائهم إلى أن حلت الدقيقة الخمسين فجاء الهدف الذي توج صبر المناصرين، وردوا بسرعة بكراكاج في المدرجات المغطاة حجب الرؤية بالألعاب النارية التي لم ترم على أرضية الميدان وحول الملعب إلى احتفالية أدهشت الكونغوليين قبل غيرهم في حضور قرابة 50 مناصرا من برازافيل، ولأن الخوف من سيناريو الساورة أمام الأهلي بقي قائما، فإن الهدف الثاني من زعلاني، أدخل الأنصار في فرحة هستيرية بلغت درجة الإغماء وعملت سيارات الإسعاف كما لم تعمل من قبل، وفي الهدف الثالث تأكد الأنصار بأنهم يمتلكون فريقا من طينة الكبار، وصاروا يشجعون على الطريقة الأوروبية في أجواء بهجة نادرا ما نشاهد مثيلا لها، وحتى عندما أعلن الحكم المغربي المغضوب عليه من الأنصار، نهاية المباراة في حدود العاشرة ليلا بقي الأنصار على المدرجات من دون حراك إلى غاية حوالي الحادية عشرة ليلا يحتفلون مع اللاعبين، في وجود عدد من مناصري فرق أخرى مثل مولودية العلمة وأهلي البرج ومولودية وهران الذين تبنوا ما يقوم به السنافر في مغامرتهم القارية التي وضعوا قدما في دورها الربع النهائي، وقدموا كفريق وخاصة كمناصرين صورة مشرفة للجزائر، خاصة أن قناة بي.إين.سبورت التي تنقل المنافسة حصريا، تُمكن الجزائر من تسويق صورتها في أحلى مشهد، على أمل أن يكتمل المسعى بتتويج عاصمة الشرق بالكأس القارية والتي سيكون أبطالها الأنصار قبل اللاعبين.
ب. ع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!