-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سرّاق لا يُصفّدون!

جمال لعلامي
  • 691
  • 0
سرّاق لا يُصفّدون!
ح.م

قال لي أحد الأصدقاء إنه يفرح كثيرا عندما يعود شهر رمضان، بزيادة على أنه شهر التوبة والغفران والرحمة والعبادات والتقارب، فهو أيضا شهر النظام والتنظيم، في البيوت ومناصب العمل والإدارات والطرقات والأسواق، وفيه يلتقي أيضا الأولياء مع أبنائهم دفعة واحدة وفي وقت واحد وبانتظام!
صدق الرجل، لكن مع ذلك، فإنه في رمضان يتكاثر “السراق”: سرّاق يسرقون في الأسعار، وسرّاق يطففون في الميزان بالأسواق، وسرّاق يسرقون الوقت في المصانع والشركات والإدارات، وسرّاق يسرقون قفف المعوزين والمحتاجين، وسرّاق يركبون جمعيات خيرية لملء “الشكارة”، وسرّاق يسرقون أحلام الناس بالمساجد، وسرّاق يسرقون أنفسهم ببيوتهم بالتبذير!
الكثير من المشاريع تتوقف في رمضان، بسبب “هجرة” العمال وهروبهم بحجة الصيام، والكثير من الإدارات تصبح خاوية على عروشها خلال رمضان، والوزراء يضربون عن النشاط مثلما كانوا عليه في “الفطار”، والكثير من الناس يرفع في الشهر الفضيل شعار “أنا صائم إذن أنا نائم”، ولذلك يتأجّل ويتعطّل كلّ شيء، ويدخل هؤلاء وأولئك في عطلة مدفوعة الأجر!
عندما يختزل العامل والموظف والمستخدم والمسيّر والتاجر والمستورد والفلاح والمسؤول، تفكيرهم في “كم أعمل من ساعة في اليوم؟” خلال رمضان، أو “كم أربح في رمضان؟”، فمن الطبيعي أن يفرّ الابن من أبيه، وتشتعل النار في الأسعار، وتعمّ الفوضى في الأسواق والطرقات، ويتنامى الغشّ والتدليس والنهب والسلب والحلب من باب “واحد يسرق والآخر شاد المسروق”!
للأسف، يتحوّل رمضان عندنا، إلى فرصة ذهبية إلى انتهازيين ووصوليين و”غمّاسين” وسرّاقين، وهذه ليست اختراعا ولا سبقا، وإنما ظاهرة تعوّدنا عليها وتعايشنا معها، وهذا هو المثير والخطير في الموضوع، فحتى الضحايا لم يعودوا يشغلون بالهم، أو يبلغون عن “الجرائم” والمنكرات الحاصلة ضدهم في رمضان مع سبق الإصرار والترصّد!
لم يعد المحتالون والنصابون بحاجة إلى توقيت المديرية العامة للوظيفة العمومية، أو مختلف الإدارات والشركات العامة والخاصة، ففي هذا الشهر يبتكر كلّ فرد، توقيته الخاص، ويصبح الجميع متأثرا ومولعا بتكتيك “الخربة تسلك”، ولكلّ متورّط مبرره وسببه، والمهمّ في النهاية، أن أماكن العمل تتحوّل إلى فضاءات خاوية على عروشها إلى ما بعد عيد الفطر!
من يُحاول “تطبيق القانون” في رمضان، يتحوّل في نظر الصائمين أو المضربين عن الطعام إلى “حقار”، ولذلك يختفي “الحقارين” في شهر التوبة، مثلما تُصفّد الشياطين!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!