-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سقوطٌ مدوّي لإصلاحات بن غبريط

حسين لقرع
  • 2337
  • 5
سقوطٌ مدوّي لإصلاحات بن غبريط
ح.م

أخيراً، سقطت “إصلاحات” بن غبريط، وأقرّ وزير التربية الجديد محمد واجعوط بضرورة مراجعتها وتصحيحها، لأن كُتبها جاءت مليئة بالأخطاء في جميع المواد، ومحتواها يتضمّن هدما لمرحلتيْ الابتدائي والمتوسط باستثناء السنة الخامسة ابتدائي والرابعة متوسط، ليتحمّل بذلك المسؤولون عن “الجيل الثاني من الإصلاحات” مسؤولية تاريخية أمام أجيال المستقبل.

هذه النتيجة التي وصل إليها الوزيرُ أخيرا، ومعه السلطة بالتأكيد، كنا قد نبّهنا إليها قبل سنوات، وقلنا إن فشلها الذريع سيكون حتما مقضيا؛ إذ كان واضحا منذ البداية أنَّ “الإصلاحات” التي بدأت الوزيرة السابقة نورية بن غبريط رمعون تروّج لها فور تعيينها وزيرة للقطاع خلال العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، كانت إيديولوجية تغريبية بحتة ولا علاقة لها بالجوانب المعرفية والتربوية؛ فقد فضلت الوزيرة الاستعانة بخبراء تربويين فرنسيين لـ”إصلاح” التعليم في الجزائر، مع أن بلادنا تزخر بآلاف الخبراء والمفتشين وأساتذة المدارس العليا وحتى المعلمين والأساتذة المتقاعدين، كما اقترحت الوزيرة في أواخر جويلية 2015 التدريس باللهجات العامية في السنوات الثلاث الأولى للتعليم الابتدائي، بذريعة أن العربية الفصحى “لغة دخيلة، صعبة الفهم، مستعصية على عقول التلاميذ؟!”، ثم بدأت تكيد للتربية الإسلامية وتسعى للتخفيف من مُعامِلها وحجمها الساعي وإلغائها من امتحانات البكالوريا لدفع التلاميذ إلى إهمالها تماماً، وسعت حتى إلى وضع يدها على المدارس القرآنية وإفراغها من محتواها بتعويم التعليم فيها، كما أصرّت على منح الحظوة للغة الفرنسية في شتى مراحل التعليم وإبعاد الإنجليزية عن دائرة منافستها… وبعد كلّ هذه الجعجعة، جاءت كتبُها الخاصة بـ”الجيل الثاني للإصلاحات” المزعومة، مليئة بالأخطاء التي ينبغي إصلاحُها حسب الوزير واجعوط.

باختصار، كانت بن غبريط رمعون تريد تنفيذ إصلاحات إيديولوجية تُرضي بها نزعتها والنزعة التغريبية للرئيس الذي عيّنها والمجموعة التي حمتها في إطار ما أسماه بعض وزراء تلك الفترة “التضامن الحكومي”، والحمد لله أنّ الجزائريين تحرّكوا في 22 فبراير وأسقطوا الرئيس بوتفليقة ومعه بن غبريط، ليُفتح المجال الآن لإعادة بناء ما هدّمته تلك المرحلة. اليوم انتهى الكابوس مع العهد الجديد فيما يبدو، وتفطّنت السلطة إلى أنّ الإصلاح الحقيقي للتعليم هو الذي ينصبُّ على الجوانب العلمية والمعرفية والتربوية وينبع في الوقت نفسه من عناصر هوية الشعب الضاربة في التاريخ، وأنّ أيّ “إصلاح” يلتفّ على هذه العناصر ويهمّشها ويعاديها هو تخريبٌ للمدرسة وعقول الأجيال ستدفع البلاد ثمنه غاليا في المستقبل.

أخيرا نودّ أن نقول للسلطة وهي تعلن على لسان الوزير الجديد واجعوط نهاية “إصلاحات” بن غبريط وفتح ملفّ إصلاح التعليم مجددا: المنظومة التربوية ليست بخير وهي بحاجة إلى إصلاحات منتظمة لتواكب التطوّرات العلمية والمعرفية الحاصلة في العالم، لكن خيرَ من يقوم بهذه المهمّة الخطيرة هو المجلس الأعلى للتربية. لقد كان هذا المجلس في عهد زروال قاب قوسين أو أدنى من تحقيق المهمّة بعد أن نظّم ندواتٍ ولائية وجهوية كثيرة، ثم ندوة وطنية كبرى في صيف 1998، واستعان بالكثير من المعلمين والأساتذة والمفتشين في القاعدة ولم يُقص أحدا، ولكن قبل إكمال مهمته، وصل بوتفليقة إلى الرئاسة وحلّ المجلس وأسند مهمة “الإصلاحات” للجنة بن زاغو التغريبية التي لا تزال المدرسة تعاني من نتائج عملها إلى حدّ الساعة.. ونأمل أن تضع السلطة حدا لهذه الدوامة ببعث المجلس الأعلى للتربية، فهو خيرُ من يستطيع القيام بعملية الإصلاح التربوي العميق والجدي على أسسٍ علمية وتربوية صحيحة بعيدا عن تجاذبات السياسيين وتقلّباتهم وأهوائهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • خليل إ براهيم

    التعليم الإبتدائي يجب أن يكون 6 سنوات بدل 5 و هكذا يخفف البرنامج لما نزيد سنة.السؤال المطروح هل هناك دول تدرس أبناءها 5 سنوات في الإبتدائي ؟

  • عبدو

    الى المدعو كمال
    حين تساوي العربيه بلغه المستعمر هل لهذا مسمى الا الخيانه ؟
    ماذا تريد ان نتعلم لغه ميته لحد الان لا ينزل السوق بها سنويا خمس كتب ؟ ولا يتقنها حتى ابنائها .
    و بعدها تعودون للفرنسيه كم باب الواقعيه . هذا نتاج فساد 20 سنه حين تركت امثالك يظهرون و يكتبون و ينشر لهم بلا حياء ولا خجل ولا استبعد ان لا ينشر هذا التعليق محباه لك لانه ما زال نفس الكراهيه و الفتنه موجود و لم يحاول الكثير التخلص منه

  • محمد

    ما زالت الدولة الجزائرية تتبع الأسلوب الاشتراكي لتطبيق السياسة الرأسمالية حيث أن الإدارة تستحوذ على جميع القرارات وتسخر لأقطابها ثمرات البلاد.الشعب مبعد عن تحديد متطلبات مستقبله فلا مجال له سوى الخضوع لقرارات حاكميه من الجهلة والمفترين الذين يخضعون لإملاءات الدول الأجنبية التي تحتضن رؤوس أموالهم وتضمن لهم اللجوء إليها في ساعة العسرة.وزارة التربية تفرض برامجها وكتبها وحتى طرقها التعليمية وأساليبها دون منافس أو مراقب.ولم تقبل أبدا أن يظهر للوجود مجلس أعلى للتربية بل تخلت عن تكوين المعلمين وفسحت المجال لمن هب ودب حتى تؤسس للجهل والتخلف بل أعطت لمن لا يتحكم في التعبير والقراءة صفة الأستاذ بأنواعها

  • عبدالله FreeThink

    نريد خمس سنوت بدون لغات أجنبية ، يركز فيها التلميذ على اللغة العربية ويطور الربط في مخه بين الكلمات والواقع والأفكار ، بحيث يستطيع التعبير عن أي شيء ، ويبني لنفسه منظومة فكرية تساعده في كل المواد الأخرى ، ويتطور في التواصل حتى يوصل أفكاره ويختصر المسافات مع زملاءه والمجتمع والأسرة. ثم لغة أجنبية كالإنجليزية في الطور المتوسط . بعدها الفرنسية كلغة إختيارية في الثانوي .
    كذلك ، نرجو تعميم اللغة العربية الوطنية المفروضة دستوريا في كل الإدارات والوثائق والوظائف ...كيف للتلميذ أن يدرس بلغته الوطنية ثم يصطدم بواقع مغاير؟
    نحن إنتخبنا لكي لانخرج عن الدستور، فلابد على المنتخب أن لايخرج عنه.

  • كمال

    انتم لاتريدون للمدرسة ان تكون تغريبية، في رايكم كيف تكون تعريبية،
    تعويض اديولوجية باديولوجية