-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سياسة كل الناس…

الشروق أونلاين
  • 253
  • 0
سياسة كل الناس…
ح.م

أنا اليوم مع سياسة كل الناس.. كل الناس اليوم أصبحوا مُدرِكين لحقيقة ما يحدث ولا يريدون أن يكونوا في صف المتظاهرين بالعمل السياسي أو المجتمعين في “قاعات كبرى” لأجل ما يبدو أنه عملٌ سياسي.. كل الناس اليوم أكثر وعيا سياسيا ممن يدّعون اليوم أنهم يمارسون العمل السياسي. وهم على حق. إنهم يعملون، كلٌّ بطاقته لكي تبقى البلاد التي يُحبُّونها موجودة على الأقل بين بلاد العالم المختلفة ولا تذهب تضحيات الشهداء الأبرار هباءً.. كلٌّ في مجاله أصبح يؤدي الدور الذي اقتنع به، في حدود وعيه وإمكاناته، من غير انتظار سياسة عامة توجهه أو تدعمه أو تضعه في الطريق الصحيح. إنه يتحرك وفق ما بقي حيا في ضميره من حب للوطن ووفق ما تفرضه عليه غريزة البقاء قبل الاندثار.

إني أرى عُمّالا يعملون، وتجارا يفتحون محلاتهم، وفلاحين يزرعون أرضهم، ومُعلِّمين يذهبون إلى المدرسة، وأطباء وممرضين  يتوجهون إلى المستشفيات والمراكز الصحية، أرى تلامذة مدارس وطلبة جامعات يدرسون ويُمتحَنون، وأرى رياضيين يجرون المقابلات الرياضية ويربحون أحيانا أو يخسرون، وجماهير تتفرج أحيانا وتقول ما تقول في أكثر من “تيفو” مجنون… أراهم يَنشرون عبر “الفيسبوك” ويُعبِّرون عن حالهم ويسخرون ويمرحون عبر “التيك توك”و”سنابشات” و”اليوتيوب”… كل بطريقته، وعليك أن تَفهم ما يُريدون وما لا يريدون.. أراهم في الأسواق والطرقات والمساجد والساحات، يسيرون كل نحو وجهته، غير آبهين لا بِمن يدّعون السياسة أو أنهم من السياسيين أو مَن يرفعون بعض الصور واللافتات…

أرى كل هذا وأجزم أنهم جميعا على علم بأنهم يتحركون من غير سياسة توجههم، ولا إستراتيجية مُعَدَّة لتَقيهم الوقوع في شراك هذا الزمن الصعب، وعلى علم أيضا بأنهم قد يكونون ضحية سياسة مَن هم خلف الستار ممن يتحكمون في تكنولوجيات التواصل الاجتماعي ومِمَّن يستأثرون بخيرات هذا البلد.. ومع ذلك يستمرون في الحياة كلٌّ خلف انشغالاته، وكل لديه جمهوريته في رأسه ولا يريد أن يكون سوى رئيس نفسه…

هي ذي في تقديري سياسة كل الناس.. وهم الغالبية الساحقة من الناس، أما سياسة بعض الناس فهي شيء آخر تماما، محصورة في دائرة ضيقة لا يدخلها  كل الناس ولا يعرفون إليها سبيلا.. وكل الناس أيضا لا يريدون دخولها حتى وإن استطاعوا إلى ذلك سبيلا…

اسأل الله تعالى أن تبقى سياسة كل الناس هذه قائمة، لأنها هي وحدها صمَّام أمان هذه البلاد، لولاها لانهار كل شيء.. إنها كالعَقد الخفي أو الاتفاق غير المُعلَن بين الجميع، أن يؤدي كلٌّ دوره في هذه البلاد لعلها تبقى واقفة إلى حين يستطيع كل الناس أن يكونوا بحق كجميع الناس في هذه المعمورة.. هو ذا الأمل الذي نتشبَّث به.. لعله يتحقق ذات يوم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!