-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سيف الإسلام القذافي.. هل يحكم ليبيا قريبا؟

سيف الإسلام القذافي.. هل يحكم ليبيا قريبا؟

بدأت رحلة سيف الإسلام القذافي، في أول قاطرة سياسية يقودها بنفسه، لا تحمل إرث نظام سياسي منهار، قاده الزعيم الراحل معمر القذافي، طيلة أربعة عقود من الزمن، اختتمت بفوضى انقلاب، بسطت القوى الغربية أرضا ملائمة له، فبرنامجه السياسي الجديد رسم أبعاده، في رؤية معاصرة قدمها في كتاب موسوم “ليبيا القرن الـ21” صدر على نحو مفاجئ عام 2004، ومنع النظام الليبي حينها تداوله.
لقد شكل كتاب “ليبيا القرن الـ21” صدمة حضارية لمن قرأه، وعده البعض انقلابا جذريا خطط له سيف الإسلام على نظام والده معمر القذافي، الذي اعتمد طيلة حكمه مبدأ “الشرعية الثورية”.
لكن سيف الإسلام ظل مدافعا عن رؤيته الإصلاحية، حين شكل “تيارا إصلاحياً”، دعا فيه عام 2006 إلى استحداث دستور مدني دائم لليبيا، رافضا ما وصفه بــ”ليبيا الثورة” التي اعتمدت ما يُعرف بـ”النظرية العالمية الثالثة” كبديل عن النظامين الاشتراكي والرأسمالي، داعيا إلى قيام “ليبيا الدولة”.
ولم يمتنع عن توجيه انتقادات جريئة للنظام السياسي الليبي الذي قاده والده، مشخصا نقاط الخلل التي لا تتوافق مع التطورات التي يشهدها العالم، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، محذرا من خطر العزلة في عصر اتصالي جديد.
ذلك ما دعاه إلى تبني مشروع انفتاحي طموح، بمواصفات عصرية، أطلق عليه “ليبيا الغد”، كان هدفه إخراج ليبيا من العزلة الدولية التي فرضت عليها نتيجة سياساتها المعادية للهيمنة الأمريكية، منذ عهد الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان، الذي أمر بشن بعدوان عسكري على أهمِّ مواقعها عام 1986.
وكان الليبيون ينظرون إليه، بديلا أكثر تحضرا، من نظام الجماهيرية الليبية الشعبية، وكانوا ينتظرون إقرار برامجه الإصلاحية، في عصر سياسي جديد، لولا السقوط المفاجئ لنظام العقيد معمر القذافي.
إذ يعود اليوم سيف الإسلام القذافي، “دون ظهور علني” عبر استثمار ممارسة ديمقراطية، قد تؤهله لقيادة ليبيا، المقسمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، من خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة العام الجاري، يجد نفسه أمام تحديات وصراعات دولية، حول بسط النفوذ:
• فرنسا الباحثة عن مخرج لتعويض خيباتها التي ورثتها من حكم ساركوزي.
• إيطاليا التي تسعى للحفاظ على وجودها عبر حكومة الوفاق الوطني.
•روسيا العائدة كشريك للجيش الليبي بقيادة الجنرال حفتر.
• الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتوي كل الصراعات الدولية.
مصادر ليبية تكشف عن سعي فرنسي لاحتواء سيف الإسلام، ودعمه، لما يملكه من قاعدة شعبية، ومنزلة عند معظم القبائل الليبية، وتقطع الطريق على كل من يعارض وصوله لقيادة ليبيا، حتى أنها لم تخف انزعاجها من دولة الإمارات العربية التي اتهمتها بدفع العارف النايض، سفير ليبيا السابق لديها وأحد حلفائها الليبيين، للإعلان عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة.
ترمي فرنسا بكل ثقلها في الجنوب الليبي، وركزت فيه تواجدها، وسط أكبر القبائل الليبية، التي مازالت تحتفظ بالولاء لنظام معمر القذافي، وتساند عودة نجله سيف الإسلام.
هكذا يقع سيف الإسلام القذافي في دائرة التجاذبات السياسية الحاصلة في ليبيا، من خلال أطراف دولية وإقليمية تعمل على حماية مصالحها في البلاد، و”تأمين منافذها الحدودية”، فالدول الإقليمية ترى في نجل القذافي عاملا ممكنا في ضمان استقرار ليبيا، وأمن شمال إفريقيا، وله القدرة على:
1- تحقيق المصالحة الوطنية.
2-ضمان مستقبل سياسي واقتصادي للبلاد.
3-إرساء قواعد الأمن والاستقرار.
ولا يجد سيف الإسلام موانع قانونية أو قضائية، لقبول ترشحه، رغم كل الإشكاليات التي يثيرها البعض حول حكم الإعدام الصادر بحقه في طرابلس، ومطالبة المحكمة الجنائية الدولية به على خلفية أحداث سقوط نظام القذافي في فيفري 2011، فقد شمل بقانون العفو العام الذي أصدره البرلمان الليبي، كما أن ليبيا لم تصادق على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، ما يجعلها غير ملزمة بتسليمه.
لقد بات سيف الإسلام، وهو يبدأ يوما جديدا، في نشاط سياسي، حيث يتسابق إليه سفراء ومسؤولو دول أوروبية “روسيا وهولندا وبريطانيا وفرنسا” وعربية، ترى فيه المالك للورقة الأقوى في مستقبل ليبيا، ويمد جسور العلاقة مع رؤساء القبائل التي توحدت حول مشروعه السياسي الوطني.
لكن هذا الالتفاف الدولي والإقليمي والوطني حول سيف الإسلام، لا يخفي حراك المعارضين في الضفة الأخرى، والرافضين عودته وفق أي منطق، يتعارض مع مصالح حاضناتهم الدولية أو الإقليمية، وان كان منطق تشريعي لا يحرم أحدا من ممارسة حقه الديمقراطي:
•تعارض إيطاليا وأطراف أخرى عبر حكومة الوفاق الوطني التي تتكفل بدعمها.
وتتجسد هذه المعارضة في قائد المنطقة العسكرية الغربية المعين من قبل حكومة الوفاق أسامة الحويلي.
•تعارض دولة الإمارات من خلال عبد المجيد مليقطة، نائب حزب “تحالف القوى الوطنية”، وشقيقه عثمان مليقطة، آمر “كتيبة القعقاع”.
ناهيك عن موقف الجنرال حفتر الذي يرى أن إمكانية عودة سيف الإسلام مجرد عبث لا طائل منه، لكنه أمام الضغط الفرنسي خفت وطأة معارضته، واستخفافه بخيار ليبي مقبل.
وأمام التجاذبات التي تعرقل الانتقال في المشهد الليبي، قبل استحقاق انتخابي مرتقب، تبقى الكلمة الفصل للشعب الليبي المنقسم بين حكومتي طرابلس وطبرق، في بلوغ مجتمع آمن مستقر موحد، لا يتجزأ مع تجزأ صراعات المصالح الدولية والارتماء في حاضناتها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!