-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شبابنا وأجور اليأس…

شبابنا وأجور اليأس…
أرشيف

من بين أكثر المسائل تأثيرا في معنويات العمال الشباب منهم خاصة، هي الأجور.
في البداية يكون الحصول على وظيفة في إدارة أو عمل في مؤسسة هو حلم البطّال الأول وشغله الشاغل، ولكن هذا الحُلم ما يلبث أن يتبخر بمجرد معرفته بالأجر الذي سيتقاضاه وتفكيره بما سيفعل به. كيف سيتصرّف في مبلغ متوسّط قدره ألف دينار جزائري في اليوم وقد ينقص أو يزيد عن ذلك بقليل؟ (وهو متوسط أجور الغالبية الساحقة من العمال والموظفين).. أي الحاجات يمكن تلبيتها بهذه القيمة المالية الزهيدة في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار ومتطلبات العيش المتزايدة؟ المأكل؟ الملبس؟ النقل؟ السكن؟ الدواء؟… ناهيك عن التفكير في الزواج أو السياحة والترفيه… وهكذا بدل أن يكون العمل هو مفتاح الأمل الذي يدخل به الشاب إلى حياته الجديدة، يتحول إلى دافع للقنوط والتفكير في تقديم أقل جهد ممكن مقابل أقل أجر يتقاضاه… وما يلبث أن يلتحق هذا الشاب الذي بدأ حياته بحلم طَموحٍ، بجموع الطفيليين الذين يزيدون من أعباء الإدارات والمؤسسات والشركات ويمنعونها من التطور، فيدخل الجميع ضمن دائرة الإفلاس وسوء التسيير وكل ما نراه من إهمال على كافة المستويات، وينتصر شعار أن الجزائريين كسالى لا يعملون…
والحقيقة هي خلاف ذلك، شبابنا كله طموح وعزم على العمل، وكله ذكاء وقدرة على العطاء، وبإمكانه أن يصنع من بلده جنة على الأرض، بشرط واحد أن يتم تقييمه التقييم الصحيح، وألا يُستهان بقدراته، أو تُمَتَهن كرامته بأجر زهيد، حتى يُصبح غير قادر على تلبية حاجاته اليومية…
إن المعادلة القائلة بأن شبابنا إنما يتقاضى الأجر الذي يستحق مادام غير قادر على تقديم المزيد، هي معادلة مقلوبة وغير صحيحة، ومغلوطة بالأساس. أبدا لم يكن شبابنا كسولا، إنما هي سياسات العمل والأجر والتوظيف هي مَا جعله كذلك، سياسات لا تقوم على تثمين الجهد الحقيقي للعامل، ولا تكافئ العامل المُجِد والمثابر، بل تعاقبه أحيانا، وتكافئ عكس ذلك، الآخر المتكاسل المتفرغ لربط علاقات الود والصداقة مع رؤسائه، المستعد للقيام بأي خدمات شريفة أو غير شريفة إلا العمل.
لذا فإنه إذا كُنَّا نَسعى لخلق ديناميكية لدى شبابنا ونمنعهم من التفكير في الرحيل، لا يكفي أن نُمكِّنهم من مناصب شغل أو وظائف وهي من حقوقهم الأساسية، إنما أن نُعيد النظر جذريا في أسلوب تقييم الجهد الذي يبذلونه… إذ لا يعقل أن يتحصل المعلم المبتدئ أو المهندس المبتدئ على أجر يزيد بقليل على 1000 دج في اليوم، كما لا يُعقل أن يتحصل عامل متعددة المهام في مؤسسة أو شركة على أجر لا يزيد على 700 دج في اليوم، ونحن نعلم أن هذه القيمة الزهيدة لا تسطيع أن تكفيه ليتناول وجبة غداء في أحد المطاعم العادية… فمن أين له أن يعيش أو يصنع لنفسه عالما من الطموح والأمل بعد ذلك؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • darfirass

    بارك الله فيك, أوجزت و وضعت يدك على اصل المشكل

  • ........

    كما تكونو يولى عليكم... بعض البشر 24 ساعة و لمدة شهر كامل أيديهم داخل جيوبهم منشغلين بالقيل و القال واي تأخير في صب الاجور تجده يزمجر و يسخط و بصخب هذا النوع من البشر لن تكفيه خمسين مليون شهريا لأن البركة قد محقت

  • نورالدين

    إن المعادلة القائلة بأن شبابنا إنما يتقاضى الأجر الذي يستحق مادام غير قادر على تقديم المزيد، هي معادلة مقلوبة وغير صحيحة، ومغلوطة بالأساس. أبدا لم يكن شبابنا كسولا، إنما هي سياسات العمل والأجر والتوظيف هي مَا جعله كذلك، سياسات لا تقوم على تثمين الجهد الحقيقي للعامل، ولا تكافئ العامل المُجِد والمثابر، بل تعاقبه أحيانا، وتكافئ عكس ذلك، الآخر المتكاسل المتفرغ لربط علاقات الود والصداقة مع رؤسائه، المستعد للقيام بأي خدمات شريفة أو غير شريفة إلا العمل.

  • مجبر على التعليق - بعد القراءة

    المأكل؟ الملبس؟ النقل؟ السكن؟ الدواء؟… ناهيك عن التفكير في الزواج أو السياحة والترفيه

    الاول مدعم و الثاني كل واحد قيس جيبو
    و الثالث من عند الدولة باطل خالص
    و الرابع الأرخص في افريقيا بل العالم
    و الخامس تقريبا كل الجزائريين مؤمنين و لهم بطاقات شفاء
    .... السادس ... قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء )
    السايحة و الترفيه في بلادك اي نعم اما تذهب و تدعم بلاد اخرى بالدوفيز ...... !!
    ماذا بك يا استاذ بديت تخرف ................ تقبلها بصدر رحب

  • زعموش

    هذه الاجور (التبهديليـــة الاهانية التحقيرية) قررها الجهال وأشباه المتعلمين الحاكمين

  • ابن الجبل

    شكرا يا أخ قلالة على هذا المقال القيم . فالسلطة الجزائرية مثل التلميذ الكسول ، لا يعمل ولا يحب أن يعمل . فالجزائر تدرك جيدا أن الأجير لا يأخذ أجره كاملا ، وهي تقطر عليه قطرا ، حتى لا يموت ولا يحيى . وتدرك أيضا تمام الادراك أن أجور الجزائريين بعيدة عن مثيلاتها ، ليس في فرنسا ولكن عند جياراننا ... كيف تريد الجزائر الانتاج والانتاجية ،وهي تقزم أبناءها بأجور لا تسمن ولا تغني من جوع ... انظر الى شبابنا في أمريكا وأوربا ، يضرب بهم المثل في التفاني والاخلاص ، لأن هناك عاملين اثنين : اعطاء أجره كاملا ومراقبة عمله . ماذا لوعملنا بما قاله الرسول "ص" : اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه .

  • عبدو

    شكرا على هذا المقال...لقد وضعتم الأصبع على الجرح تماما ...و باختصار الوضعية في الجزائر هي..."سياسات لا تقوم على تثمين الجهد الحقيقي للعامل، ولا تكافئ العامل المُجِد والمثابر، بل تعاقبه أحيانا، وتكافئ عكس ذلك، الآخر المتكاسل المتفرغ لربط علاقات الود والصداقة مع رؤسائه، المستعد للقيام بأي خدمات شريفة أو غير شريفة إلا العمل."