-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شرّ ليس لا بدّ منه!

جمال لعلامي
  • 912
  • 1
شرّ ليس لا بدّ منه!

من المصائب التي تضربنا -حتى وإن كانت “شرّا لا بدّ منه”- رمي 20 ألف لتر من الحليب المدعّم، في وقت يتهافت عليه جزائريون ويتزاحمون على “شكارة فايحة” في الطوابير، وفي ظل ندرة مفضوحة وأزمة يقال إنها مفتعلة، موازاة مع إحباط دخول شحنة 500 طن من مسحوق الحليب الفاسد، قادمة من الأرجنتين، وهنا المصيبة لو نجح أصحابها في إدخالها، كانت ستكون مصيبتين!
أعتقد أن رمي آلاف اللترات من الحليب في المجاري، لا يختلف كثيرا عن محاولة قتل الجزائريين بحليب مستورد فاسد، ولكم أن تتصوّروا حجم الضرر في المشهدين المؤلمين والمدمّرين للأخلاق والاقتصاد والمال العام، والأخطر من هذا وغيره، أن هناك من يستورد حليبا قاتلا، فلا حول ولا قوّة إلا بالله العليم العظيم في جرائم كهذه!
لقد حاولوا استيراد لحوم الخنازير، ومنهم من استورد “مصارن الجراين”، ومنهم من استورد “بطاطا الحلالف”، وهناك من ذبح هنا في “أرض المسلمين”، الحمير و”الجحوشة”، وحوّلها إلى لحوم مفرومة في عزّ رمضان، شهر الرحمة والتوبة والغفران، ولا فرق بين هدف هؤلاء المستوردين، وأولئك التجار، الذين منهم دون شك من يعتمر ويحجّ ويصلي النوافل والتراويح!
مصيبتنا أن كل شيء، حتى وإن كان خارج الدين والقانون- يُصنف في خانة التجارة والاستثمار والاستيراد والتصدير والتبادل التجاري، وهو ما سمح للبعض بشحن الحاويات بالثوم والبصل وأحشاء الدواجن وأفخاذ الضفادع، والطامة الكبرى أن كلّ ذلك حدث من خلال قروض بنكية ميسّرة وأحيانا إعفاءات جمركية وضريبية!
عندما يُسكب الحليب في “الزيقوات”، أو بالعربية الفصحى في قنوات الصرف الصحّي، فهذا تصرّف عجيب ومقيت وغريب يُفرمل العقول، ويُدمع العيون، فمن يرمي الرزق ولا يشكر النعمة سيفقدها دون أن يشعر!
مصيبتنا أن هناك فئات اعتقدت أن التجارة “شطارة”، والاستثمار “استهتار”، والاستيراد بزنسة وتلاعب بحياة الناس وأموال “البايلك”، ولذلك ضاعت الملايير، وظهر ميليارديرات جُدد لم يكن معهم فلسا ولا “فلـّوسا”، وانتحرت عندها القيّم والضمائر، وأصبح كلّ شيء قابلا للبيع والشراء من أجل لا شيء، أو من أجل شيء واحد اسمه المصلحة!
لولا هذه “المصلحة” لما تم تسريب “الزطلة” ومختلف أنواع المخدرات والمهلوسات، بالقناطير والأطنان، ولولا “المصلحة” لما باع إطارات ضميرهم، ولولا “المصلحة” لما تمّ تحويل التهريب في قاموس المهرّبين إلى عملية استثمارية ناجحة ومضمونة إلاّ لمن أبى واستكبر!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Auressien

    كم كلف إستيراد الحليب المجفف خزينة الدولة خلال العشرات من السنين من الإستيراد ؟ أكيد الملايير من الدولارات . لو تم إستثمار جزء بسيط فقط من هذا المبلغ منذ سنين خلت في إنشاء مزارع خاصة بتربية الأبقار الحلوب لما توصلت الجزائر للإكتفاء الذاتي و ربما صارت مصدرة اليوم . هذا على سبيل المثل لا الحصر . نفس الشيئ ينطبق على الزيت و السكر و الحبوب... لكن على ما يبدو الجزائر يسيرها مستوردون.