-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صراعٌ أم حوار؟

صراعٌ أم حوار؟
ح.م

لا نملك رؤية حضارية تعبر عن خصائصنا نتمكن من خلالها إشغال هذا العصر الذي لا يمنحنا صفة الامتياز في خارطة الإنسانية الحديثة.

الإنسان أشبه بتلك الآلة التي اعتادت التسارع في حركتها دون توقف لا وقت لها للتفكير أو التأمل، أضحت مدججة بآلات الاتصال اللاسلكية التي تختصر في جهازها العالم، فمن لا يحمل هاتفا محمولا الآن؟!

لم يعد السؤال الراهن.. “من أنت”!

الإجابة لم تعد تعني الآخر…!

السؤال الراهن الذي يتكرر كل يوم هو “مع من تتحدث؟!”

أو”عم تتحدث أنت؟!”

ذلك هو السؤال المعاصر المتداول في ظل حركة البشر الهائلة، التي نصاب في زحمتها بصداع لا يرحم، لم تعد تشغلنا السياسة أو أفكارها، والديمقراطية حلم تجاوزناه قبل أن نبلغه، نشكو من قسوة الطغيان بلا انقطاع، لكننا عاجزون الآن في مجابهة طغيان الآلة، التي شكلت الإنسانية في قالب مغاير لم يخطر على بال أحد.

المعضلة التي غفلنا عن التصدي لها، ونحن نسعى لبناء عصري هي الاستلاب الفعلي لحقوق الإنسان في الوطن العربي، استلاب استمر منذ حقب استعمارية متوارثة، جردت الإنسانية من خصائصها الذاتية فما عاد لنا ميزان ثابت للحق الإنساني أو تقليد اجتماعي لممارسته.

 لا يمكن للإنسان الحديث أن ينهض في عملية البناء وهو مسلوب الإرادة وطاقة هامشية معطلة.

إن روح العصر بقدر تأسيسها الجذري في المعرفة والعلم، تتشكل اليوم من نزوع متحرر يُخرج المرء من عزلته ويتيح له تحويل هذا الهاجس المحصور في صدره إلى طاقة إبداع قوة لجوجة ينبغي أن تأخذ مداها في جميع القنوات والصيغ، التي تتيح للإنسان أن يشعر بأنه لم يعد عبئا على أنظمته المتهالكة أو مستهدَفا من قبلها، وأنه ليس طارئا.. إنه لبنة في الأمن الإنساني.

طرفَا قانون المواجهة: الصراع والحوار.. الذي يحكم العلاقة بين النموذج الحضاري الغربي وبين وضعنا الراهن.. القائم على أنقاض حضارات إنسانية منهارة لم نرث غير مضامينها المعنوية التي لا يمكن إعادة صيغتها كفعل حضاري متجدد..

النموذج الغربي يصادِر كل ما هو عامّ وإنساني، ويزينه باعتباره خصوصية تميزه، ولم ينقطع عن مصادرة القيم الحضارية والإنسانية ويفرغها من محتواها..

لكن الازدواجية في النموذج الغربي تفضح ذاتها لأنها تستغل الفارق الكبير في التطور الذي يفصل الغرب عن المجتمعات الأخرى وهو يروج لمضامينه كرمز أحادي لحضارة العصر.. ومرجع مطلق لها.

ولم يخفَ على أحد أن النموذج الغربي ينطوي أساسا على شكل كاذب يحمل في مضامينه قسوة همجية تدفعه باتجاهين متناقضين:

الأول: شفافية إنسانية ظاهرة شكلا.

ثانيا: ممارسة البطش والسيطرة والاستبداد والاستغلال والاستعلاء.

ذلك هو عمقُ الخلل الأخلاقي داخل التجربة الغربية التي جعلت من التقدم المادي وسيلة لنسف الخصائص الإنسانية وضرب القيم المعنوية والروحية في العلاقات البشرية.

إن الاتجاه الغربي نحو استخدام التقدم التكنولوجي كورقة ضغط على العالم، يعبِّر عن انسجامه مع نموذجه الحضاري الذي يجعل من الإنسان مجرد آلة يتحكم هو بحركتها ودورانها تبعا لأهوائه ومصالحه واتجاهاته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • انس

    الصراع بين الحضارات حسب نظرية "هنتنجتون" حتمي لا مفر منه... و المشكل ليس في وجود الصراع بل في التعامل معه و سوء ادارته... فأكبر أخطاءنا أننا اعتقدنا أن الحوار هو إما إرضاء الآخر و إما هزيمته !... بينما الحوار الناضج هو ان تضغط بما تملك من أورق ضغط لتفرض التنازل على الطرف الآخر بما يناسب الضغط المقابل.
    اردوغان قد يكون النموذج الناضج لهذه المواجهة و بن سلمان قد يكون النموذج المنبطح لها.
    نحن نملك البترول و الغاز و الطاقة الشمسية و المعادن و الطاقة البشرية و السياحة ووو... لكننا لا نملك الارادة.