-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صيامُ مودّع

سلطان بركاني
  • 356
  • 1
صيامُ مودّع

لا تزال أيام رمضان تتوالى، ولا نزال نتلمّس حال قلوبنا وأرواحنا مع شهر النّفحات؟ لا نزال نتساءل: هل انتفعنا بالصيام والقيام والقرآن؟ هل تغيّر شيء في حياتنا؟ هل وجدنا طعم السّعادة والرّاحة في أيام الشّهر الفضيل؟ لا شكّ في أنّ كثيرا منّا قد ذاقوا طعم السّعادة في هذه الأيام التي انقضت من رمضان، على الأقلّ عند الإفطار..
في لحظات الإفطار يحسّ الصّائم بلذّة ونشوة قلّ أن يجدها في غير رمضان، مصداقا لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: (للصّائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربّه عزّ وجلّ فرح بصيامه). إنّها لذّة الفرح بطاعة واحدة من الطّاعات، فكيف لو كانت حياة العبد المؤمن كلُّها طاعات؟ ستكون عامرة بالراحة والطمأنينة والنفحات، ثمّ كيف لو كان العبد المؤمن يخشع في طاعاته، ويستحضر أنّه يتقرّب بها إلى الله الواحد الجليل، يطلب رضاه جلّ في علاه، ويرجو عفوه ورحمته ومغفرته وجنّته؟ ثمّ كيف لو كان يستحضر أنّ طاعاته ستكون الأخيرة، وأنّه يتقرّب إلى الله جلّ وعلا في ساعات عمره الأخيرة؟، لقد أسّس نبيّ الهدى صلّى الله عليه وسلّم لهذا المبدأ في التّعامل مع الطّاعات، حينما جاءه رجل فقال: يا رسول الله، علّمني وأوجز، فقال عليه الصّلاة والسّلام: (إذا قمت في صلاتك فصلّ صلاة مودع…).
أخي المؤمن.. إنّ من أعظم أسباب لين القلب وخشوع الروح، أن تستحضر وأنت توفّق لقربة من القربات، أنّها ربّما تكون الأخيرة؛ كلّما أدركت رمضان، تذكّر أنّه ربّما يكون آخر رمضان تصومه، وصم صيام مودّع، يرجو العتق في ليلة من لياليه. إذا قمت إلى الصّلاة فتذكّر أنّها ربّما تكون صلاتك الأخيرة، وصلّها صلاة مودّع يرجو أن تكون الصّلاة نورا له الصّراط. إذا فتحت المصحف، فتذكّر أنّها ربّما تكون آخر مرّة تفتحه، واقرأ قراءة مودّع، يتمنّى أن يكون القرآن شفيعا له. إذا خرجت من بيتك، فتذكّر أنّك ربّما لن تخرج مرّة أخرى إلا محمولا على الأكتاف، واتّق الله في سمعك وبصرك ومطعمك، وإذا دخلت إلى بيتك، فتذكّر أنّها ربّما تكون آخر مرّة تدخله. إذا خرجت من المسجد فتذكّر أنّك ربّما لن تعود إليه إلا ليصلّى عليك. إذا صلّيت على جنازة، فتذكّر أنّ الجنازة التي بعدها ربّما تكون جنازتك، وإذا حضرت دفنها، فتذكّر أنّ قبرك ربّما يكون إلى جوار ذلك القبر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ام عبد الرحيم

    بارك الله لك على مقالاتك المفيدة جعلها الله في ميزان حسناتك