-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

طوفان أحمد وسفينة لوح

عمار يزلي
  • 1128
  • 1
طوفان أحمد وسفينة لوح

من الطبيعي أنه كلما اقترب استحقاق انتخابي، تنبري أصوات وأنغام وألحان جديدة قديمة حتى داخل الجهاز نفسه، تصدح، تفضح وتجرح. هكذا كان دائما حزب جبهة التحرير، حتى بعد أن تخلى عن جبهويته لصالح حزبية أكثر ضيقا مع المادة 120 الشهيرة.
الخلاف بين الأفلان والأرندي، خلاف داخلي رغم أن ظاهره خارجي: عائلة واحدة ورؤى وتصورات واحدة في غالب الأحيان، فالتفاهم هو الأصل والاختلاف هو الاستثناء. لهذا لا يفاجئنا الاختلاف بين لوح وأويحي في كثير من التوجهات: اختلافات حزبية، شخصية ومهنية أيضا. لا ننسى أن لوح وزير أفلاني في حكومة أويحي الأرندية. ثم لا ننسى أن البرنامج هو برنامج الرئيس، أي إن برنامج الحكومة في الظاهر هو برنامج الجميع، لكن يسيِّره رئيس حزب الأقلية البرلمانية، لكوننا لم نعد نعمل بالصيغة الدستورية القديمة “رئيس الحكومة” وصرنا نعمل وفقا لتعديل دستوري يتحدث عن رئيس وزراء وليس رئسيا.. للحكومة. وفرق بينهما.. لكوننا انتقلنا من دستور برلماني رئاسي إلى دستوري رئاسي برلماني، مع كل التحفُّظات التي يمكن أن نتناولها في هذا الصدد لو أردنا فتح نقاش مطول في هذه المسألة.
التراشق الرمزي بين لوح وأويحي أمر عادي، لكون ما يحدث في الكواليس أكثر مما يخرج إلى العلن. والعلن ما هو إلا انعكاس باهت للكواليس.
الخلاف، وإن لم نقل الاختلاف، نابع من سلسة تحولات سريعة تحدث على مقربة أشهر من الرئاسيات. والحدث الأكبر الذي عرفناه بعد سلسة الإقالات والتحويلات وحتى التوقيفات والمحاكمات منذ حادثة الكوكايين، وما تبعها من صراع على “الكادنة” البرلمانية والاحتجاج على بوحجة، ومن وقف معه ومن وقف ضده من الحزبين، يوحي بأن الخلاف قد بدأ يظهر إلى العلن كلما اقتربنا أكثر من اليوم “J”..
الرئيس لم يبد إلى حد الآن الرغبة في الترشح لولاية خامسة رغم أن كلا الحزبين الأفلان والأرندي يذهبان إلى مساندة الرئيس في الترشح، بل ويدعوانه صراحة إلى ذلك في الغداة والعشي، بمزايدات تكون أحيانا كاريكاتورية كتلك التي يخرج بها الأمين العام للأفلان من حين إلى آخر.
الحديث الذي يدور في الكواليس حول احتمال تعديل دستوري على مستوى غرفتي البرلمان للسماح بتعيين نائب للرئيس، مع كل التخمينات الجزافية التي تُسمع من هنا وهناك.. كلها دخان، لكن ليست بلا نار، قد يكون الخلاف حول المسألة جزءا من المساعي الحثيثة بين الحزبين والتخندق والتموقع.
تبقى كل هذه المسائل تكهنات، إنما لا يمكن نفي الاختلاف، إن لم نقل الخلاف بين وجهات نظر واحدة مختلفة الزوايا والأبعاد بين الحزبين وبين الرجلين.
طوفان رئيس الحكومة، الجارف اقتصاديا واجتماعيا، وما نتج عنه من تدمر شعبي بفعل الغلاء وتآكل القدرة الشرائية للمواطن، وانتشار الأوبئة من الكوليرا إلى جرائم الخطف والاغتيال، إلى الفيضانات إلى الفساد في المال والعام والمشاريع العامة، من شأنها أن تثقل فاتورة رئيس الحكومة المتأزمة بفعل نقص السيولة وتعويضها بآلة طبع النقود، وما انجر عن ذلك من تضخم وانهيار لقيمة الدينار، مما عزز تهريب العملة وهروب العمال واهتزاز حمية الارتباط بالأرض والوطن وانتشار الحرقة والهجرة والتفكير في الهجرة. كل هذا، قد يعزز من حظوظ جبهة التحرير في تفكيك الوضعية لأجل افتكاك الوضع القائم عن طريق خطابٍ معارض لرئيس الحكومة. خطاب معارضة داخلية، انتخابية أكثر ما هي معارضة نخب، ستكون سفينة لوح إزاءها كالقشَّة التي يحاول الغريق أن يُمسك بها.. تحت شعار جديد قديم: “الواقفة غير من التالفة”.. أو “الريحة.. ولا.. الذبيحة”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمّد

    مضمون المقال مغلط مضلل لأنه يوحي للقاريء أن القرارات المصيرية التي تخص الجزائر تُتَّخذ على مستوى الأفلان و الأرندي و أن ولد عباس وأويحي و لوح هم سدنة المعبد و أهل الحل و الربط. الواقع غير ذلك تماما لأن كل ما يتعلق بمستقبل الدول و الشعوب ـــ خاصة الشعوب المغلوبة على أمرها مثلنا ـــ يطبخُه سادة العالم بعيدا عن أعين خلق الله أما الأشخاص الذين يراهم المواطنون على الشاشات و ُيقَدَّمُون لهم على أنهم أهل السلطة فهم حتى في الدول المتقدمة مجرد واجهات و مجرد دمى تنفذ ما يريده من يحركها من خلف الستار. إذا كان الأمر كذلك عند الأمم المتحضرة المتبوعة فما بال الدول المتخلفة التابعة؟!