-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أعادها التقشف إلى بيوتنا

عادات رمضانية جزائرية غيبها الزمن

نسيبة علال
  • 2936
  • 0
عادات رمضانية جزائرية غيبها الزمن
ح.م

جديلة الثوم، توازيها جديلة بصل على مدخل الباب الخارجي، وجدائل الفلفل الحار بلونها القرمزي تتدلى على شبابيك النوافذ، أصيص من المعدنوس هنا، وأصيص النعناع هناك، وعلى الرفوف، برطمانات الزيتون، والطماطم والمخللات، نحن لا نصف هنا سوقا شعبية، وإنما كان هذا حال البيوت الجزائرية قبل عشرات السنين، استعدادا لرمضان، عادات غذائية صحية واقتصادية، غابت عن بيوتنا في عصر المعلبات والأطعمة الجاهزة، وها هو التقشف يعيدها رويدا.

تصبير الطماطم والفلفل الحار أسلوب غذائي صحي واقتصادي

لا يخفى على الجزائريين أن جداتنا كن ينتظرن بفارغ الصبر مواسم جني الطماطم والفلفل الحار، حتى تتحول بيوتهن ذات الطابع العربي الأصيل إلى ورشات لتصنيع طماطم منزلية مركزة، بنكهة فريدة، لا غنى عنها لإعداد الأطباق الجزائرية على غرار الشوربة، والمثوم، وكل الأطباق التي تحتاج إلى مرق أحمر، كانت الطماطم كما هي اليوم، أحد المكونات الضرورية الواجب توفرها في المطبخ خلال شهر رمضان، لذلك، كن يجمعنها في سلال الدوم، أو يأتين بها من السوق، ثم يفرزنها جيدا، ويغسلنها، ثم يقمن بتعريضها للبخار الساخن حتى يسهل تقشيرها، وتكتسب طراوة تساعدهن على هرسها بآلات تقليدية بسيطة، بعدها تضيف كل سيدة منزل لمستها النهائية قبل حفظ الطماطم في برطمانات من الخزف أو الفخار، محكمة الإغلاق، فمنهن من تضيف توابل مشكلة على ذوقها، ومنهن من تضيف زيتا، وأخرى ثوما مهروسا، الأمر كذلك بالنسبة للكثير من المواد الأخرى التي ينتهي موسم جنيها سريعا، كالفلفل الحار مثلا، فإما يجففنه بنشره في وسط الدار، أو ضفره بضمه إلى جديلة من الدوم وتعليقه في فناء المنزل أو نافذة المطبخ، فينشر روائح زكية عندما تلامسه أشعة الشمس، غير ذلك يتم تصبيره بالطريقة نفسها التي تستعمل مع الطماطم.

الحشائش زينة وسط الدار وذخيرة تلهم ربات البيوت للطبخ

من بين العادات المطبخية لدى ربات البيوت الجزائريات آنفا، أنهن لا يطلبن حشائش من السوق لتزيين أطباقهن، فالفليو، النعناع، المعدنوس والكزبرة وغيرها لم تكن حشائش للزينة فقط، وانما ذخيرة تعتمد عليها السيدات في كل أطباقهن، بل تلهمهن لابتكار أطباق جديدة في كل مرة، فلم يكن يخلو فناء البيوت من المساحات الصغيرة الخضراء التي تزينه وتنشر فيه عبقا أخاذا، تغرس على شكل بذور وتتولى العجائز متابعة نموها، وإعادة زرع المزيد في كل مرة، أما إذا كان هنالك فائض منها، فإن النسوة في المنزل يتولين جمعه وتصنيفه، ثم يضعن بداخل الحزمة ملعقة من الحديد أو الألمنيوم حتى لا يذبل سريعا، ويلفنه بقماش نظيف، وأحيانا يتم تقسيم الفائض على الجيران.

في السابق كانت النسوة يعرفن مواعيد جني الحبوب، ويقمن بتحضير بعض أنواعها منزليا، ويحتفظن بها لشهر رمضان، عادات وأخرى كثيرة، استطاع الزمن أن يطمسها، وقضت عليها تكنولوجيات الزراعة والتخزين، ولكنها اليوم باتت حتمية تعود إليها ربات البيوت مجبرات، بفعل المخاطر الصحية التي باتت تسوق في علب الأطعمة الجاهزة، وتحت وطأة الظروف الاقتصادية أيضا، إذ أن غلاء المواد الغذائية بما فيها الخضر والفواكه في غير موسمها، أثقل كاهل العائلات، وأحيانا يستلزم طبقا ما مواد يصعب إيجادها في السوق، لذلك وجدت الجزائريات أنفسهن يستعن تلقائيا، بتدابير الجدات، فيصبرن الطماطم في موسمها، حيث ينزل سعرها إلى حوالي 15 دينارا، ويخللن بعض الخضار الأخرى كالخرشف (القرنون)، والباذنجان، والزيتون…، أما الفلفل الأحمر فيقمن بتجفيفه وتخزين البازلاء أيضا، تختلف الطرق.. تقول الدكتورة نعملي وسيلة على أن “الأساليب القديمة في حفظ الأطعمة صحية جدا، مقارنة بالأطعمة التي نقتنيها من السوبرماركت، لأن هذه الأخيرة تحتوي على مضافات غذائية ومواد حافظة مسببة للأمراض، بينما المواد التي تخزن في المنزل بإضافات طبيعية صحية، كزيت الزيتون والنباتات الصحية، إنما تحافظ على قيمتها الغذائية”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!