-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عبارات الاحتقان.. التي خرَّبت الكثير من الأوطان!

عبارات الاحتقان.. التي خرَّبت الكثير من الأوطان!
ح.م

كانت مصطلحات مُعيَّنة سلبية في معظمها ونابية في جزء منها تُميِّز نقاشنا السياسي الدائر اليوم، لم يَسلَم منها إلا القليل من الفرقاء وحتى الأصدقاء السياسيين وغير السياسيين. وذلك يدل بلا شك على حالة احتقان سياسي لم يَجِدْ نقطة التوازن التي تُمَكِّن من الخروج به إلى بر الأمان. واليوم ونحن على أبواب حملة انتخابية ستجرى في ظرف خاص تمر به بلادنا، علينا أن نراجع قاموسنا السياسي بطريقة تُمكِّننا من تجاوز حدود المعقول في هذا المجال واستبدال أساليب الحوار والخطاب والتعليق بأخرى أكثر واقعية وأكثر صوابا سياسيا كما يصف الأمريكيون هذه الحالة “political correctnes”، أي أن ننتقل بخطابنا من وضع التنابز بالألقاب إلى وضع التنافس الشريف أو الاختلاف الطبيعي الموجود لدى كافة المجتمعات البشرية المتحضرة…

لقد هالني كم الكلمات الجارحة التي تُستَخدم عبر منصات التواصل الاجتماعي ضد هذا أو ذاك، وأحيانا من قبل أفراد لديهم على الأقل شهادات جامعية ودراية بالأوضاع التي تمر بها البلاد، لست أدري لِمَ يلجأون لتلك المصطلحات؟ هل لفقر في الحُجَّة؟ هل لمرض في الصدور؟ هل لمصالح مادية؟ هل لجميع هذه الأسباب أو لأسباب أخرى لا نعلمها؟

الشيء الأكيد أنه مهما كان الدافع، آن الأوان ليتغير.. ليس من المقبول بتاتا لِطرف أن يشتم طرفا آخر بأقبح الشتائم حتى وإن كان خصمه الأول. نحن في حاجة لمن يقول “لا للأفكار إذا كانت سيئة، قبل الأشخاص”، وليس لا  “للأشخاص قبل الحكم على الأفكار التي يحملونها”، أي أن انتقاد شخص ينبغي ألا يكون لشخصه، بل للفكرة التي يحملها، أي نحن في حاجة لمن ينشر ثقافة الاختلاف بمفهومها الحقيقي، لا بمفهومها السلبي. في حاجة لمن يستخدم مصطلحات مثل “ينصح، يرجو، يخاطب، ينتقد، يرى، يكذِّب، ينفي، يحلل، يحاور، ينادي، يصحح، يعمق، يوضح… الخ”، لا عبارات من نوع “يُعري… يمسح به الأرض… يرمي به في مزبلة التاريخ… يقصفه.. يقصفه بالثقيل.. يفجره على المباشر، يفجر قنبلة من العيار الثقيل  أمامه… يبهدله.. يفضحه.. يهدده.. يكشف أسرارا خطيرة عنه.. يصيبه بالرعب، يواجهه بشراسة.. يكشف أسراره لأول مرة… الخ”، ناهيك عن العبارات النابية التي لا يمكن لنا ذكرها في هذا المقام أو حتى الإشارة إليها..

بمعنى آخر أننا اليوم في مرحلة ينبغي لنا فيها إعطاء قيمة كبيرة للكلمة، وللمصطلح الذي نستخدم، ذلك أن الكثير من المآسي بدأت بالكلمات، وكثير من الصراعات نتجت عن استخدام سيء، للمصطلحات…
لقد ذكر لي أحد الشرفاء أن مجموعة من الشباب سألوه عن رفعهم شعار “البلاد بلادنا ونديرو رأينا”، فأجابهم: لن تُؤذوا أحدا، قالوا نعم. لن تشتموا أحدا، قالوا نعم، لن تضروا بمصالح بلدكم، قالوا نعم، لن تقوموا بأي من الأفعال التي فيها عنف أو تخريب… قالوا نعم… إذن في هذه الحالة “ديرو رأيكم “.
هكذا يتم الحوار السليم والتوجيه الإيجابي لأبنائنا، من غير دفع نحو المجهول أو محاولة الزج بهم في متاهات لا خروج منها بمزيد من العبارات العدوانية والحاملة للكراهية والاحتقان التي خرَّبت الكثير من الأوطان…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • مشكلة و حلها

    مشكلتنا نحن الجزائريين أن كل واحد منا و خاصة شبابنا يعتقد أن الله خلق الدنيا من أجله.
    كان عليه أن يقول لهم : خلاص درتوا رايكم حان الوقت الي نديرو رأي الأغلبية.

  • فاهم اولاقاري

    الاستلاب الفكري أصل المشكل فعندما تستشهدبالمريكيين ولا تستشهد بقول الله تعالى: "وقولوا للناس حسنا" ولا بقول النبي صلى الله عليه وسلم :ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذئ عودوا الى رشدكم واعلموا أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم

  • منور

    موضوع شيق ونير لمن يريد أن يرى ويتمعن ،هكدا النخب التي تريد خيرا للجميع

  • جزائري

    سيد سليم ما تقوله سليم 100%. لكنه سليم نظريا. اما على ارض الواقع فنحن نعاني مشكلة ثقافية في ادمغتنا بل اكاد اقول اننا نعاني مشكلة او عدة مشاكل نفسية اهمها الانانية . يعني اسمح لنفسي ما امنعه عن غيري. يجب فتح مستشفى كبير لمعالجة ملايين الجزاءريين المصابين بهذا الداء!