-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

علماء الأمّة.. بأيّ ذنب يُسجنون وبأيّ جريرة يُعدمون؟

سلطان بركاني
  • 4126
  • 19
علماء الأمّة.. بأيّ ذنب يُسجنون وبأيّ جريرة يُعدمون؟
ح.م

في زماننا هذا الذي ابتلينا به وابتلي بنا، كثر الظّلم في العالم أجمع، وتسلّطت الأمم الكافرة الظّالمة على أمّة الإسلام، وتجبّر الصّهاينة والأمريكان والرّوس والصينيون، وحتى البوذيون.. وراحوا يستعرضون بطشهم وجبروتهم على المسلمين.. لكن مهما كانت المحنة عظيمة ومهما كانت وطأتها على النّفوس ثقيلة، فإنّنا نحمل يقينا جازما بأنّ نهاية هذا الظّلم باتت وشيكة، ولعلّ الله يمنّ علينا فندرك النهاية المحتومة للظّلم والظالمين.. ها هم الصّهاينة يتحسّسون الأرض من تحت أقدامهم، وها هم الرّوس يتخبّطون في أزماتهم، وها هي أمريكا يقودها سفهاؤها إلى حتفها وتصيبها من حين إلى آخر قارعة تنذر بأنّ نهايتها باتت قريبة بإذن الله، ((وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَاد)).

الظّلم الذي تسلّط على أمّتنا من قبل الصّهاينة وأمريكا وروسيا والصّين هو ظلم أسود دفعنا فاتورته دماءً وأشلاءً في فلسطين وأفغانستان والعراق وسوريا وبورما وتركستان الشرقية، ودفعنا فاتورته مشرّدين ومهجّرين في بلاد الله الواسعة، لكنّ بإزائه ظلما آخر هو أشدّ مضاضة لأنّه سلّط على المسلمين من طرف إخوانهم المسلمين..

وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة * على المرء من وقع الحسام المهنّد.

ها نحن نرى ما يقع على عباد الله المسلمين المؤمنين في بعض بلاد الإسلام، من قتل وإعدام وتعذيب وسجن وانتهاك للأعراض، حتى بلغ الأمر إلى حدّ أن يسجن العلماء والدّعاة والمصلحون وتوجّه إليهم التّهم الكاذبة ويحاكموا محاكمات جائرة، وتسلّط عليهم عقوبات قاسية، تصل إلى السّجن المؤبّد، بل وتصل إلى الحكم على بعضهم بالإعدام، بل ويصل الأمر إلى أن يموت بعضهم تحت التّعذيب والله المستعان.. علماء ودعاة ومصلحون لم يعرف عنهم أنّهم دعوا إلى الغلوّ أو برّروا التطرّف، كلّ ذنبهم أنّهم أمروا بالقسط والعدل، وأنكروا الحيف والظّلم، ولم يرضوا لبلاد الإسلام أن تأتمر بأمر أمريكا الباغية وتتحوّل إلى العلمانية المتطرّفة وتسمح بنشر الميوعة والانحلال وتتنكّر لشرائع الإسلام وقيمه، وتمدّ الحبال إلى الصّهاينة ليثبّتوا كيانهم المسخ على أرض الإسراء فلسطين.

العلماء المصلحون يسجنون ويحكم على بعضهم بالإعدام، لا لشيء إلا لأنّهم يقفون حجر عثرة على طريق علمنة بلاد المسلمين وإزاحة ما تبقى من شريعة ربّ العالمين.. أمريكا تؤزّ بلاد المسلمين لتسريع قطار العلمنة، ودهس كلّ من يقف في طريقه؛ فليُدهس سلمان العودة وعوض القرني وليُغيّب في غياهب السّجن سفر الحوالي وعبد العزيز الطريفي وإبراهيم السّكران وأحمد الحازمي ومحمد صالح المنجد، كما غيّب من قبل خالد الراشد وناصر العلوان، ومن قبلهم سعود القحطاني وعلي الخضير ووليد السناني، ومئات آخرون من أمثالهم، كلّ ذنبهم أنّهم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وأنكروا أن تَمدّ بعض بلاد المسلمين حبال الودّ والولاء إلى الصّهاينة والأمريكان وتستعين بهم في حرب المسلمين.

ليُحكم بالإعدام على صفوت حجازي وعَلَى البلتاجي وعصام العريان وآخرين، وليخلّد خلف أسوار السّجن محمّد مرسي وحازم أبو إسماعيل، وليُحكم غيابيا بالسّجن المؤبّد على الشيخ يوسف القرضاوي وبالإعدام على وجدي غنيم، ولتُتّهم حركة المقاومة الإسلاميّة حماس بالتطرّف، ولم لا الإرهاب… كلّ هذا حتى لا يبقى في الأمّة صوت مرتفع بإنكار التّنسيق والتّعاون مع العدوّ الصّهيونيّ المحتلّ، ومع أمريكا الباغية.

في زمن نبيّ الله موسى عليه السّلام، أوجد فرعون لنفسه مبرّرا في دعوته لقتل موسى ومن معه، فقال: ((ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَاد))، وهي التّهمة ذاتها التي توجّه إلى العلماء والمصلحين الذين يغيّبون ويواجهون أحكام الإعدام.. لكن من أين جاء فرعون بهذه الحجّة؟ لقد أخذها من رجال الدّين والكهنة الذين كانوا حوله، حينما جاؤوه في ثياب النّاصحين الحريصين على سلامة الدّين وأمن البلاد فقالوا: ((أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَك))، فقال فرعون من حينه: ((سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُون)).. وها هو المشهد يتكرّر في زماننا هذا الذي ابتليت فيه أمّة الإسلام ببعض المفتونين الذين تدثّروا بعلم الجرح والتّعديل، فأخذوا الجرح وتركوا التّعديل، وليتهم سلّطوا سهام الجرح على أعداء الأمّة من الصّهاينة والصليبيين وعلى أوليائهم من اللادينيين والعلمانيين، ولكنّهم -مع كلّ أسف- سلّطوها على عباد الله المسلمين، بل على العلماء والدّعاة والمصلحين، بحجّة أنّهم ضلاّل ومبتدعة، وأنّهم يريدون تبديل دين المسلمين!

الحكم بسجن وإعدام العلماء لم يصدر هذا العام أو الذي قبله، وإنّما بدأ صدوره قبل 28 سنة، حينما انطلقت بعض الألسنة والأقلام تنهش في أعراض العلماء والدّعاة المصلحين الذين رفضوا الاستعانة بالأمريكان في حرب الخليج الثانية سنة 1990م، وتحرّض عليهم وتحشد الدّعاوى وتلصق بهم التّهم الباطلة، وتَوسّع الأمر حتى لم يَكد يبقى عالم أو داعية مصلح يأمر بالقسط إلا وطالته تلك الألسن والأقلام وحرّضت عليه. وها هي الأمّة الآن تحصد ثمار هذا التّحريض المركّز وتُرزى في علمائها الذين يساقون إلى السّجون ويحكم عليهم بالإعدام من دون جريرة ولا ذنب. ولعلّنا لا نملك بعد دعائنا بأن يصلح الله أحوال هذه الأمّة، ويردّ المفتونين إلى رشدهم، إلا أن نقول كما قال مؤمن آل فرعون: ((أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا)).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
19
  • سائح

    قال تعالى : (( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ))
    [صدق الله العظيم]

  • ساسي

    لطالما كان ال سعود والمؤسسة الدينية الوهابية السلفية الماسونية بقيادة علماء الفساد والسوء كال الشيخ والسديس والفوزان وكل جواري الملوك كالعريفي والقرني ........في خدمة المشروع اليهودي الصهيوني الامريكي بالشرق الاوسط منذ الاطاحة بالخلافة الاسلامية العثمانية لصالح اليهود والصليبيين النصاري الكفار اعداء الله ورسوله

  • الشيخ

    هؤلاء العلماء هم من باركو استقدام الناتو لضرب ليبيا وعلى الاقل صمتوا عن قول الحق
    هؤلاء العلماء هم من صمتوا عن قتل اطفال اليمن هؤلاء العلماء لم يستطع احد منهم باصدار فتوى للجهاد من اجل تحرير الاقصى وارض الانبياء هؤلاء هم علماء بلاط صمتوا عن ضلم الحكام وكانوا لهم خدم فضلوا واضلوا واليوم عليهم دارت الدوائر .
    اما مرسي وجماعته فهم سياسين لاتختلف نواياهم عن البقية وان كانوا يستغلون الدين للوصول لغاياتهم .

  • صالح بوقدير

    لكن فرعون كان يقبل المناظرة وعرض حجة الطرف الآخر أمام الرأي العام ثم يأخذ قراره بعد ذلك أما فرعنية اليوم فلم يسمحوا بحرية الكلمة إطلاقا فهم يتفنون في إرضا من لم يتورعوا عن قتل أنبياءهم فكيف لايتجرؤن عن قتل العلماء والداعاة؟

  • الحوت

    هذه سنّة الله في الأرض أن يتعرّض المصلحون إلى قمع المفسدين في الأرض و هو نفس ما تعرّض له الأنبياء (بما فيهم رسولنا صلى الله عليه و سلّم) ثم علماء الأمة من بعدهم. فأبو حنيفة مات في السجن تحت التعذيب و الإمام أحمد عذّب في السجن و ابن تيمية كذلك مات في السجن و تلميذه ابن القيّم كذلك، و الأمر ماض على هذا الحال إلى يومنا هذا .
    يحدث هذا عندما يتغلّب القلم على السيف و الرشاش.

  • djamilo69

    السلام عليكم
    الكاتب متعاطف مع هؤلاء لأنه منهم، بمعنى أنه من مدرسة حسن البنا و سيد قطب، خوارج هذا العصر
    كلامي سيغضب جماعة الإخوان.

  • حسان

    كل ما يسمى بالعلماء عفوا العملاء والذين تدافع عنهم والحقيقة هي مسرحية يضحك بها على السذج من اجل ان يكبر هؤلاء الرويبضة في نظر المجتمع الاسلامى المعلةب على امره وماهي الا اشهر حتى يتم الافراج عنهم ليعطى لهم دور اخر في خدمة الحاكم وفقط

  • جزائري

    المشكلة ليست لا في امريكا ولا في غيرها بل هي في المسلمين انفسهم. نحن المسلمون نحمل في ثقافتنا اقصاء الاخر لاسباب سياسية او قبلية او عشاءرية اودنيوية ونغلفها بغلاف عقاءدي. عندما نقبل تسمية الصراع السعودي الايراني على النفوذ في الشرق الاوسط نقبل تسميته بالصراع العقاءدي وهو في الحقيقة سباسي مع كل التفرقة والماسي اللتي تنجر عن ذلك فالمشكلة مشكلتنا نحن المسلمونوليست امريكا. وعندما تتناحر السعودية مع قطر ايضا لاسباب سياسية ونقول ان الاخوان سبب الارهاب او ان الوهابية هي سببه ليتصارع المسلمون في ما بينهم فالمشكلة بين المسلمين وليست امريكا. انها مشكلة اقصاء الاخر من اجل النفوذ الدنيوي وليس عقيدة

  • محمد

    هؤلاء منهجهم فاسد و هو منهج الإخوان المسلمين,

  • شاوي 2

    يُحكم بالإعدام على صفوت حجازي وعَلَى البلتاجي وعصام العريان وآخري....
    في زمن نبيّ الله موسى عليه السّلام، أوجد فرعون لنفسه مبرّ...........
    أرأيتم المقاربة والمقارنة بين وبين

    لو أنا سعودي أو مصري لتدخلت في شؤون هؤلاء
    أتمنى أن الكاتب لا يكتب بصفته كجزائري

  • من المغرب السلام عليكم

    هنالك متل مصري يقول ما فرعنك يا فرعون ..وتأتي الاجابة بانه لم يجد من يقف امامه.
    وهذا مانراه في تلك الأمثلة التي دكرتموها فكيف يستصاغ ذلك الكم الهائل من الاسءلة لؤلاءك العلماء على بعض القنوات وعبارات التقدير..وو.. وترى والمواطنين نفسهم "غير قادرين" على اي شيء الا على التفرج.. لا قاموا بحملة جمع تواقيع..لادرسوا عرض القضية امام المحاكم الدولية.. الكل ينتظر ..
    المهم ان كان حال الناس كذلك فمن الافضل تسميتهم باسماء تدل فعلا على حالتهم ولا باس بالدواب متلا.. اما الانسانية فلاسف الشديد فلازالت بعيدة عنهم.
    المهم من ابرز تجليات الضعف.. ترك الخصم القوي و الاستقواء على المواطنين.

  • م.م.شيان

    يااخي خليك في حالك و كفايه متاجره بالدين الاسلام له رب يحميه و كفايه استغلال للجهله و الفقراء باسم الدين و الله اعلم مافي القلوب

  • رضا

    و قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف فقد برئ ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع. فالمطلوب هو الانكار على امراء السوء
    عند قراءة التعاليق نقول الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا

  • رضا

    عن أبي هريرة  عن النبي ﷺ أنه قال: بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء

  • إمام متطوع

    1 - مادخلنا نحن العجم - الجزائريون من بني هيوف في أمر لا يعنينا ، مادمت قد أدخلت نيفك فيما لايعنينا أقول لك أن هؤلاء الذين تسميهم علماء الأمّة ما هم سوى أكبر المجرمين الذين تسببوا في تجهيل البشر بخرافاتهم ودجلهم وشعوذتهم وانتحال صفة تمثيل الله وأنبيائه والذين شكلوا الخطر على البشر في جميع أنحاء المعمورة فهم سبب الإرهاب العالمي .

  • عمر موسى النجار

    اخي كاتب المقال اتعرف سبب ضعف الامة الاسلامية وتكالب الامم عليها
    حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن امته في اخر الزمان .... ( يوشك ان تداعى عليكم الامم كما تداعى القصعة الى اكلتها ، قالو يا رسول الله اومن قلة نحن يومئذ ، قال لا بل انتم كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن )

  • عبدالله احمحد احمد

    وهل هؤلاء علماء انهم عملاء اضلوا الشباب بفكرهم الدموى المتعصب وفتاواهم التكفيريه .. انهم ارهابيون ... لا يوجد عالم حقيقى يحرض على القتل او يكفر الناس ويحكم عليهم بالشرك والابتداع .. يستحقوا جزاء ما شتتوا الامه وفتنوها ..

  • عادل ابو العدالة

    الصهاينة و الامريكان و الروس و الصينيون و البوذيون هؤلاء كلهم كفرة و ما تعتقد انت فيه هو الحق الوحيد هذه هي الفاشية بعينها , تبا للفاشيين .

  • Kk

    ولله حسب ما أرى فالأمر بات وشيكا. الم يقول رسول الله إن في نهاية الزمان يذهب العلم ليس بنقص العلم بل يكون كثيرا و منتشرا لكن نقص العلم يكون بذهاب العلماء. أليس الأمر غريب في عصر الانترنت و التطور العلمي و التكنولوجي لكن الأمية في تزايد مطرد. نسال الله ان يكون بعون علماء هذه الأمة التي هلاكهايكون من ذاتها كما أخبرنا رسول الله و النصر قريب انشاء الله