-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

على الحراك اختيار ممثليه

الشروق أونلاين
  • 157
  • 0
على الحراك اختيار ممثليه

لا يمكن للمسار السّياسي الحالي أن يلبّي مطالب الحراك الواضحة في رحيل بقايا نظام بوتفليقة، ولا يمكن للمادة 102 من الدستور التي تم تطبيقها بحرْفية إلا أن تضمن تدويرا للسلطة على بقايا العصابة التي أدخلت البلاد في أزمة مركّبة ومتعددة الأوجه.

ذلك أن ما حدث في البلاد خلال العشرين سنة الماضية يجعل الالتزامَ بحرْفية الدستور عبثاً لا طائل منه، لأنه لم يعُد في البلاد مؤسساتٌ دستورية، ولا طبقة سياسية محترمة، ولا قيم مواطنة يمكن أن يُعوَّل عليها للمرور الآمن إلى مرحلة جديدة سيكون للشعب فيها دورٌ في تعيين حكامه.

لقد تم تدمير المؤسسات الدستورية بدءاً من غرفتي البرلمان إلى المجلس الدستوري، وغيرها من المؤسسات التي كانت كلها تسير وفق ما يراه الرئيس المستقيل بوتفليقة، وتحوّلت هذه الهيئات إلى ما يشبه ملحقات برئاسة الجمهورية، وكان دورها ينحصر في كونها ديكوراً يعطي انطباعا أن البلاد بها مؤسسات، ولا يديرها شخصٌ واحد، بدليل فشل هذه المؤسسات في تقديم أي قانون أو قرار وكان كل شيء متروكا للسلطة التنفيذية، ومقترح قانون تجريم الاستعمار الذي أراد بعض النواب تمريره للرد على قانون تمجيد الاستعمار الصادر عن الجمعية الوطنية الفرنسية دليل على أن هذه المؤسسات تمت تصفيتها نهائيا.

ولا يمكن التعويل كذلك على الطبقة السياسية بتشكيلتها الحالية وهي التي أفلست تماما، خاصة أحزاب الموالاة التي تتحمل مسؤولية تصحير الجزائر من خلال تقديم الدعم المطلق للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، خاصة خلال العهدة الرابعة التي كادت الدولة تتفكك خلالها، ومع ذلك واصلت هذه الأحزاب سياسةَ تدمير البلاد من خلال دعم العهدة الخامسة لرئيس لم يره الجزائريون منذ ستّ سنوات!

أما أحزاب المعارضة فقد أثبتت كذلك أنها مجرد تابع ولعلها تأثرت بمسار التدجين الذي استهدفها من خلال بدعة التصحيحيات داخل الأحزاب، وعلى الرغم من مسايرتها للحراك، إلا أن الحقيقة أن هذه الأحزاب كذلك تجاوزها الزمن، وهي التي تحتفظ بنفس الوجوه ضمن قياداتها منذ عقود.

ويبقى الأمل الوحيد في شباب الحراك الذي أظهر إلى الآن وعيا استثنائيا وقدرة على الفعل السياسي، لكن الاستمرار في التعبير عبر المسيرات والمظاهرات فقط لا يلبي مطالب الحراك الذي يشهد محاولات حثيثة للركوب من عديد الجماعات الإيديولوجية وحمَلة الأجندات الخارجية وأنصار المشاريع الجهوية والعرقية.

على الحراك الشعبي أن ينتظم الآن وفق آليات ديمقراطية ويُفرز هيئات شبابية لا علاقة لها بالهيئات والمنظمات الشبابية الموجودة الآن، وظيفة هذه الهيئات الجديدة هي صياغة مشروع لإعادة بناء مؤسسات الدولة التي لم يبق منها إلا الأسماء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!