-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

علينا أن ننسى الاتحاد الأوروبي ونهتمّ بأنفسنا

علينا أن ننسى الاتحاد الأوروبي ونهتمّ بأنفسنا
ح.م

لم أستغرب قط، وينبغي ألا نستغرب أبدا من لوائح الاتحاد الأوروبي تجاه بلادنا أو بقية العالم. أوروبا تدافع عن مصالحها، ولديها قيمها وسياساتها تجاه بعضها البعض وتجاه الآخرين.

وكذلك الشأن بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، ولبقية القوى الدولية أو التكتلات الكبرى. المشكلة بداخلنا وليست عندهم. كيف هي حالنا؟ وكيف ينبغي أن تكون؟ وكيف علينا أن نفرض احترامنا على الآخرين أو على الأقل أن نُقنِع بمنطقنا، من خلال الاستناد إلى حقائق موضوعية ثابتة بداخلنا.

لا أستغرب أن يُتَطَاول على الضعيف من أيٍّ كان، بل وأن يُعْتَدَى عليه في المرات القادمة. لذا علينا أن ننتبه إلى مسألة في غاية الأهمية: ما كان الاتحاد الاوروبي أو غيره يجرؤ على التطاول علينا لو كنا أقوياء، حتى وإن كانت سياساتُنا خاطئة، وما كُنَّا في حاجة إلى الرد عليه من خلال البيانات والاتصالات الدبلوماسية، لأن كل ذلك إنما يدخل ضمن منطق ردود الأفعال، وهو منطق الضعفاء وليس منطق الأقوياء الذين يفعلون ويتركون الآخرين يقومون بردود أفعال.

لقد تصرَّفنا بالطريقة الخطأ عندما تعاملنا مع اللائحة الأوروبية كفعل ووضعنا أنفسنا ضمن منطق ردة الفعل. كان علينا أن نقوم بالعكس؛ أن نقوم بالفعل المناسب الذي يكون في خدمة المواطن الجزائري ومصالح الدولة الجزائرية وليكن بعدها ما يكون.

من الخطأ بناء سياسة أي دولة على أساس إرضاء القوى الدولية أو لتلميع صورة البلد الخارجية على حساب رضا المواطن في الداخل. أساس العمل هو الداخل وليس الخارج.. أحسن استباق للائحة الاتحاد الأوروبي، ولما سيليها من لوائح لاحقة، هو تصحيح الأخطاء الداخلية بما يخدم قوة البلد وتماسكه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

إننا نعيش في عالم لا يعترف سوى بمنطق القوة، ولا يُبالي بمنطق الحق والعدل. ونحن كأمة تنتمي إلى حضارة العدل قبل القوة علينا أن نعيد قراءة سياساتنا وفق هذه الغاية. أن نتصرف كدولة وأمّة لها تاريخ وانتماء ورصيد وحضارة وعمق استراتيجي. لا كدولة تخيفها لائحة وتعتبر الانتصار عليها انتصارا كبيرا.

لا أُريد أن أُشبِّه بلادنا بكيانات قوية لم تُعر أي أهمية حتى لقرارات مجلس الأمن فما بالك للائحة هيئة تشريعية أوروبية استشارية في معظم الأحيان، لا سلطة لها على سياسات الدول الخارجية، إلا أني أرى أن الجزائر ينبغي أن تتصرف كدولة قوية، وأن تؤسس قوتها على العدل الحقيقي، وعلى اكتساب مقومات القوة الفعلية، لا على إرضاء الأطراف الخارجية.

كم من دولة دكتاتورية ظالمة غير ديمقراطية هي الآن تحظى بتأييد واسع من قبل أطراف خارجية ومن الاتحاد الأوروبي ذاته؟ وكم من دكتاتور أيَّده ومازال يُؤيده الغرب في إفريقيا وآسيا على حساب شعبه. هل أفلح أحدُهم؟ هل نعتبرهم نماذج؟ هل ينبغي أن نفرح لو أيَّدينا الاتحاد الأوروبي بلائحة، أم علينا أن نعمل على تعزيز التأييد الداخلي لسياستنا باعتبار ذلك هو أساس القوة؟

يبدو أن أهمّ ما قدّمته لنا هذه اللائحة، هو تنبيهنا إلى ضرورة تعزيز الجبهة الداخلية على جميع الأصعدة، بما في ذلك إفشاء العدل بين الناس، ورفع المظالم، وقبلها العمل بجدّ لبناء اقتصاد قوي ومنظومات تعليمية وصحية واجتماعية قادرة على الصمود في وجه الأعاصير. أما غير ذلك، فلا معنى له، وإن أفحمنا بالرد، وإن كتبنا آلاف رسائل الشجب والاستنكار… علينا أن نَنسى الاتحاد الأوروبي ونهتمّ بأنفسنا. لدينا كل الأمل في الداخل قبل الخارج. ومازالت لدينا الفرص الكثيرة لتصحيح الأخطاء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • رابح اليسري

    رغم اني لا اثق في الغرب اجمالا وهو سبب كل ماسينا الفكرية والحضارية ...وكدا هو من نصب هاؤلاء الطغاط علينا وعلمهم السحر ...على راي الشاعر ......حين قال ما نفيد ان رحل العدي او رانوا .......واحتلت العقول والابدان ...لكن مع كل اسف الخيانة اعمت كل بصر وقلب ......وازيد لولا الغرب بمنكراته المعروفة لا حدث مالا يتصوره عقل

  • سمر

    قال عمر ابن الخطاب "رحم الله عبدا أهدى الي عيوبي"

  • جزاءري

    الاتحاد الاوروبي لا شيىء وقد يكون تحركه ليس لمصلحة اوروبية بل استجابة لوسواس صهيوني او امريكي نتيجة مواقف الجزاءر من التطبيع . أقول الاتحاد الاوروبي لا شيىء والدليل موقفه المتفرج على كل قرارات ترامب اللتي تنصل فيها من الكثير من المعاهدات الدولية . اذا اردتم معرفة من المتهجم على الجزاءر فابحثوا عنه خارج اوروبا الضعيفة المتهالكة .

  • سي صالح

    اين الاستاذ حبيب راشدين !!!

  • كن يقظا

    وهو كذلك "يامشبح من بر واش حالك من داخل" شكرا على المضوعية ومخاطبة العقل بعيدا عن الغوغاء والحماس الزائف والعاطفة المبتذلة التي تجعل من حوحو يوسخ على روحو

  • ابن الجبل

    تحليل موضوعي وواقعي . ان التباكي والشكاوي لا تجدي نفعا ... علينا أن نرفع شعار :" القافلة تسير والكلاب تعوي". يجب أن نعمل ونكد ونجد لنطور بلدنا في كل المجالات ،حتى نفرض أنفسنا ونحظى باحترام الجميع ...أما أن نبقى نرد على كل من ينتقدنا ، حتى في صورة دويلة " الامارات " ـ التي لا تكاد تظهر على الخريطةـ تهددنا !. فذلك امر لا يجدي نفعا .ألم يقل الله تعالى :" اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ".ان عدونا الأول هو التقاعس والتواكل والفشل...!!!