-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

علي فضيل جزائري حتى النخاع

علاء صادق
  • 203
  • 0
علي فضيل جزائري حتى النخاع
ح.م

لم أكن أعرفه في لقائنا الأول الشهور الأخيرة من عام 2010.. وكانت صحيفة “الشروق” قد منحتني شرفا رفيعا بتكريمي تقديرا لموقفي في الأزمة المصرية الجزائرية التي واكبت مباراتي تصفيات كأس العالم لكرة القدم في نوفمبر 2009.

كنت أعرف أنه المدير العام للصحيفة وأعرف أيضا أنه صاحب فكرة المشروع ومموله الأول.

تخيلت شخصا ثريا للغاية (وأنا لا أحب الأثرياء).. وتخيلته شخصا مغرورا بحكم منصبه ونفوذه (وأنا لا أحب المغرورين).. وتخيلته شديد الأناقة مرتديا أفخم الثياب وتخيلت مكتبه مثل مكاتب كبار القوم.

دخلت عليه لأجد كل ما تخيلته خاطئا بل ووجدت العكس تماما.. وجدته شخصا بسيطا للغاية لا تظهر عليه أي علامة للثراء.. ووجدته متواضعا للغاية يتحدث معك وكأنه يسعى للعلم والمعرفة من فرط إنصاته واحترامه لكلام محدثه.. ووجدته مرتديا أبسط الثياب ومكتبه لا يزيد عن أي مكتب لموظف حكومي مرموق.

أحببته من الدقائق الأولى للقاء.. وازداد تعلقي به عندما عرضت عليه مشروعا للمصالحة بين رموز الإعلام في مصر والجزائر لإنهاء الفجوة التي اتسعت بعد أزمة تصفيات كأس العالم.. وجاءني الرد رافضا ولكنه مبهر في فحواه ومعناه.

قال لي بالحرف الواحد: لقد شتموني وشتموا عائلتي وأنا مسامح.. وشتموا صحيفتنا والعاملين فيها.. وأنا مسامح بالنيابة عنهم.. ولكنني لا أملك ولا أقبل أي تسامح في حقوق بلدي العظيم الجزائر.. ولا في حقوق أسيادنا الأفاضل والأبرار والطاهرات من الشهداء.

اعذرني لا تسامح مع من أهان بلدنا ورموزنا وشهداءنا.

مرت ثلاثة أعوام حتى التقيت به في الأيام الأخيرة من 2013 بعد شهور من الانقلاب العسكري الذي أطاح بالديمقراطية والرئيس الشرعي في مصر.. ومجددا كانت دعوة “الشروق” (القناة هذه المرة) لاستضافتي ولكنها كانت خيالية في الكرم وحسن الاستقبال.. وقد ضاق بي بلدي وبدأت الملاحقات الأمنية لشخصي لمجرد اعتراضي على الانقلاب.

التقاني علي فضيل في مكتبه بترحاب وأحضان وصمم على تناول طعام الغداء معا في مطعم القناة.. ومنحني كل الصلاحيات والخيارات للمنصب الذي أريده والعمل الذي أريده والراتب الذي أريده والسكن الذي أريده للحياة في الجزائر والعمل في القناة والمشاركة في تغطية نهائيات كأس العالم 2014.. ورغم عظمة وسخاء العرض إلا أنني كنت أفضل مواجهة الانقلاب العسكري من شاشات الجزيرة فسافرت إلى قطر.

آخر العروض كانت قبل شهور قليلة عندما منحتني قناة “الشروق” عرضا خياليا جديدا للإقامة لمدة شهر في الجزائر قبل وخلال وبعد كأس الأمم الإفريقية 2019 التي توج منتخب الجزائر بطلا لها.. ولولا ظروف نهاية جواز السفر الخاص بي لنلت شرف لقاء علي فضيل في جويلية الماضي.

رحم الله علي فضيل وأسكنه فسيح جناته.

كان الفقيد جزائريا مخلصا حتى النخاع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!