-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عندما يصنع الناس آلهتهم

صالح عوض
  • 676
  • 1
عندما يصنع الناس آلهتهم

هناك دائرة عجيبة في الإنسان، يصعب عليه ضبطها أو التدقيق فيها جيدا.. إنها نزعة التأله التي تتنزل في تصرفات من نوعيات عديدة وتتلبس بلبوسات مختلفة قد تكون من فهم معين في الدين أو مصدر ما من المال أو الجاه.. فيصبح المتحدث في هذه الحال “إلها” يسحق من يخالفه ويبعثر حياة من لا يوافقه ويقطع عنق من يتصدى له أو يقطع رزقه..
إني رأيتهم في السياسة والتجارة والطائفية النتنة.. ومن هنا اندلعت نيران العنصرية والحروب المجنونة والقتل بالجملة والعقاب الجماعي والجرائم ضد الإنسانية ولسان حال أولئك أجمعين: “لا أريكم إلا ما أرى”.. رأيتهم كيف يلاحقون الأتباع إن تمردوا على العبودية.. رأيتهم كيف يوغلون في تجويعهم وقطع أرزاقهم وإلقائهم إلى العوز.. وأدركت أنهم يختارون ذلك وكان بإمكانهم قتلهم لكنهم عزفوا عنه لكي يتلذذوا بإيلام المخالفين قهرا وجوعا وأذية.. عرفتهم وقد تحسست كثيرا من الأبرياء ضحايا جرائمهم التألهية.
في هذه الدائرة كان العربي الجاهلي يصنع إلهه من عجوة أو خشبة أو حجر ويجعله أيقونة بيته يتقرب به زلفى إلى الله.. لكن ذلك العربي يكتشف بين الحين والآخر أن صاحبه عاجز عن رد الأذى عنه وأنه أتفه من أن يفقه شيئا أو يرد شيئا فيذهب العربي إلى أكل إلهه أو ركله أو التبول عليه.. ومن هنا كان عرب الجزيرة يرفضون ما آلت إليه الشرائع السماوية التي حرفت وتاهت عن صفائها وأدخلت هوى الإنسان في النبع الصافي فساء مشربه.. ومن هنا أيضا نهض عرب الجزيرة بدعوة التوحيد وقد انسجمت مع أرواحهم الحرة فتفجرت فيهم منابع الرجولة لينبعثوا خلال عشرات السنين يفتحون البلاد وقلوب العباد لدين الرحمة والعدل ولتحطيم كل الآلهة المخترعة.
ولكن العربي انتكس بعد مئات السنين واضمحلت فيه المعاني “الجاهلية” إلى معاني التغريب الرديء حيث صناعة آلهة الشر من الجشع والتملك والأنانية وفقدان المثل والقيم.. وإذا بالعربي اليوم يتراجع عن القيادة والريادة بل وعن مكامن الرجولة والنبل لأنه تخلى عن قيم تميز بها قبل الإسلام وتكاملت بالإسلام وبلغ التمام فيها مداه في حضرة الرسول وصحابته الكبار وآل بيته الأطهار..
الطائفيون المقيتون والتكفيريون المعتوهون والسياسيون الأنانيون والتجار الفجار.. هؤلاء الذين تملكهم الإحساس الخطير بالتأله فيدفعون بمخالفيهم إلى جهنم أو الجوع أو الموت.. هؤلاء يملؤون البر والبحر.. هؤلاء هم أعداء الإنسان وهم أعداء رسالة الإسلام.. فكم نحن في شوق إلى عصى سيدنا محمد يهوي بها على أصنام قريش لتصبح الكعبة طاهرة ويرتفع في الكون نداء لا إله إلا الله..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عقبة كمال

    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اثْنَانِ مِنَ النَّاسِ إِذَا صَلَحَا صَلَحَ النَّاسُ ، وَإِذَا فَسَدَا فَسَدَ الناس:العلماء و الأمراء.
    شدد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على وجوب طاعة ولاة الأمر في المعروف ؛ لأن بهذه الطاعة تستقيم أمور الأمة ويحصل الأمن والاستقرار ويأمن الناس من الفتنة . وأوضح فضيلته أن المراد بولاة الأمر هم العلماء والأمراء والحكام ذوو السلطان . وأكد سماحته أن وجوب طاعتهم تكون في المعروف وليس في معصية الله عز وجل.