-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عندما يمرض الطبيب..

عمار يزلي
  • 1422
  • 0
عندما يمرض الطبيب..

خبر إقالة ولد عباس من رئاسة الأفلان ـ عن طريق طلب تقديم الاستقالةـ جاء مفاجئا لنا ولولد عباس. غير أن وضع الحدث وسط أحداث سابقة للحدث داخل المنظومة السياسة ككل وداخل إطار منظومة جهاز الحزب العتيد نفسه، يوحي من البداية أن الأمر كان يسير على نحو سير البطة العرجاء. أحداث البرلمان والانقلاب الأبيض على بوحجة والطريقة التي أريد له أن ينزاح بها ولم تنجح، أي تحجج بوحجة بأنه لا أحد من الرئاسة طلب منه التنحي، كلها كانت أعراضا لورم يجب الالتفاف إليه قبل فوات الأوان. غير أنه مع ولد عباس، يبدو أنَّ طلب تقديم الاستقالة وصله ليلة الأربعاء.. ومصدره من الرئاسة، من أجل وقف مسيرة الرجل في الحزب. ثم لا ننسى أن عمار سعيداني كان قد طُلب منه بنفس الطريقة التنحي لصالح ولد عباس، فالإقالات عندنا تمشي عن طريق “مؤدب”: طلب تقديم الاستقالة من المُقال، لأن مفهوم الاستقالة عندنا لا يكاد يُعرف في مدوَّنة الحكم. الموظف، هو موظف لدى جهاز الدولة..un comis de l’Etat.. لا يجوز له في عُرف السياسة الجزائرية أن يستقيل، لأن الاستقالة عُرف وممارسة عندنا تفقد المستقيل كل الامتيازات، وتمحيه من سجلات التداول على المناصب وقد يُشطب ويوضع على لائحة القائمة السوداء، وهذا ما لا يرضاه موظفُ الدولة وعونها الذي لا يحب أبدا أن يُرمى خارج حضن الدولة التي يرضع من صدرها الامتيازات كلها. لهذا أقصى ما يذهب إليه موظف الدولة، مهما علا شأنه، هو طلب إعفاء من المنصب، ما يجعل المسؤول الأعلى ينهي مهامه ولا يقيله.
ولد عباس، انتهت مدة صلاحيته في الحزب ولدى الرئاسة كأي دواء أو منتوج استهلاكي، وكان عليه أن يرحل. الأمر مرتبط كله برئاسيات 2019 بالتأكيد، وكل ما حدث ويحدث منذ الإطاحة بكبراء القيادات العسكرية وتعيين آخرين ما بعد قضية الكوكايين، ثم أحداث البرلمان والانقلاب على بوحجة وأخيرا وليس آخرا، دفع ولد عباس إلى تقديم الاستقالة.. كلها تؤكد أن العد التنازلي لرئاسيات 2019 قد بدأ يتناقص ومعه تتزايد سرعة التغييرات. ولد عباس صار منذ أشهر عالة وعبءا وحملا ثقيلا على الرئاسة التي تعوِّل على حزب قوي في استحقاقات 2019، بعد أن صار ولد عباس موضع تندُّر وتنكيت وأضحوكة لدى العام والخاص، تماما كما حدث مع سعداني الذي صار هو الآخر حملا ثقيلا قبل العهدة الرابعة ومنتوجا فقد صلاحية استعماله فكان على الرئاسة أن تضغط على زر Game Over.
ولد عباس كان يعتقد أنه كلما كثر مدحه للرئيس كلما قرب منه، غير أن الرئيس لا يتعامل مع موظفي الدولة بعقلية “صاحبي”، ففي السياسة كما يقال ليس هناك أصدقاء دائمون، بل هناك مصالح دائمة. بالتأكيد أنه دخل في سراع وصراع مع قيادات من حزبه (الطيب لوح المقرب جدا من الرئيس وقد يكون هو خليفة ولد عباس في المؤتمر)، وأخطأ في التصويب عندما تعاطف مع رئيس الحكومة غريمه رئيس الأرندي ضد لوح، ما عجل في رحيله بالشكل الذي أخرج به بوحجة تقريبا..
على أيِّ حال، كان على ولد عباس أن يرحل قبل الرئاسيات المقبلة، لأنَّ مدة صلاحياته تجاوزها الزمن، والإطار عليه أن يبقى ضمن الأطر.. والإطار مكانه التعليق وحمل الصورة، ولعل هذا ما لم يفهمه أو يهضمه الكثير.. أو يهضمه في الأخير على مضض كما فعل سعداني.. وعباس الطبيب.. عندما.. مرض…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!