-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عن الوزيرة والسفير!

قادة بن عمار
  • 1637
  • 4
عن الوزيرة والسفير!

قصة تعيين مغني الراي الشهير “كادير الجابوني” سفيرا للتراث الفني الجزائري، وبقدر ما أثارته من جدل كبير عبر منصات التواصل الاجتماعي فإنها تكشف مرة أخرى حالة التشتت التي توجد عليها الحكومة عموما، أو بعض الوزارات على الأقل، حالة وصفها الرئيس تبون نفسه بالقول إن “الحكومة فيها وعليها”!

صحيحٌ أن وزارة الثقافة سارعت إلى احتواء الجدل بنفي الخبر، لكن وكما يقال “لا دخان بلا نار”؛ فالمغني المذكور نشر فيديو يُثبت صحة أقواله وبأنه تم اختياره فعلا ليكون سفيرا للتراث، بل واستدعته الوزارة رسميا وقامت بالتكفل به والإشراف على حلّته وشكله وطريقة تصويره، وهذا من دون أن يأخذ فلسا واحدا عما اعتبره واجبا وطنيا، والحقيقة أن كادير الجابوني ظهر أفضل وأذكى من الوزارة الوصية بهذا الموقف، وإن اختلف الناس حول تعيينه أو طريقة غنائه، أو حول شخصه أصلا!

لكن وبما أن الأمر لا يزال غامضا، فلا مفرَّ من طرح بعض الأسئلة على غرار: لماذا سارعت الوزارة إلى نفي الخبر جملة وتفصيلا بدلا من الدفاع عن خيارها أو شرح قرارها حتى لا نقول تحمُّل مسؤوليته؟ لماذا تضمَّن بيان النفي أيضا دعوة لاحترام المثقفين والفنانين؟ هل هذا يعني أن كادير الجابوني وما يغنِّيه يشكل، من وجهة نظر الوزارة، وصمة عار للثقافة والمثقفين؟ فلماذا اختياره منذ البداية إذن؟!

الظاهر أن المشكلة، تتمثل في عدم فهم وزارة الثقافة لمعنى الثقافة أصلا!

هنالك سوء فهم لطبيعة النشاط الذي يجب أن تقوم به وزارة مهمة كالتي تشرف عليها الآن الدكتورة مليكة بن دودة، وهي الهيئة التي تم تأطيرها بكثير من المستشارين والمثقفين والمفكرين مؤخرا، إذ أقامت عدة نشاطات في الأسابيع الماضية، لكنها انتهت جميعا إلى لا شيء، أو لا حدث، بل لم تحقق أيّ صدى اجتماعي، وبقيت حبيسة الجدران في القاعات التي نُظمت فيها، على غرار المنتدى الأخير حول الروائي عبد الحميد بن هدوقة، وقبله، الندوة التي تم تخصيصُها لفكر مالك بن نبي رحمه الله.

لقد أغرقت الوزارة نشاطاتها بالرسميات المملّة، وأحاطت ندواتها بكثير من الخطابات التقليدية التي سئم منها الجميع، وباتت في عُرف حتى منتجيها “مسخا لغويا” لا يسمعه أحد، على شاكلة الخطابات التي تلقيها وزيرة الثقافة في كل مناسبة، من أجل استعراض بلاغتها الفلسفية، والتي تبيّن بأنها تعاني فقرا كبيرا في المحتوى وإفلاسا شديدا من حيث التواصل، وإلا كيف نفسِّر مشكلتها الأخيرة مع النساء، حين تحدثت عن طبق الكسكس باعتباره حاميا للأمن القومي، بل واعتبرت المرأة التي لا تجيد طهيه “خطرا على أسرتها وبلدها”؟!

ومثلما قالت وزارة الثقافة في بيانها لنفي تعيين المغني الجابوني، فإن تمثيل الجزائر لا يحتاج إلى ألقاب رسمية ومسمّيات، لكن وفي المقابل، على الوزيرة أن تدرك أيضا بأن تسيير الشأن العام، يجب أن لا يتوقف عند حدود حصولها على لقب رسمي، بل يجب أن يكون متبوعا بعمل كبير وملموس، وأن يشكّل تعيينُها ونشاطها إضافة للمشهد العام وليس فقط مجرد احتفاء بالرسميات والشكليات.

نقول هذا الكلام ونخشى أن تكون وزيرة الثقافة في الحكومة، من جماعة “عليها” وليس “فيها” التي تحدَّث عنها الرئيس!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • خليفة

    عندما يتعذر على مسؤولي الثقافة عدم التمييز بين الغث و السمين ، و بين الجد الهزل ،و بين المعقول و اللامعقول ،في الثقافة ، عندها لا تنتظر تواجد ثقافة حقيقية و فعلية في بلادنا.

  • محمد

    لو كانت وزارة الثقافة وحدها التي تجسد التخلف والعجز القائم بالبلد لقلنا إن الشعب الجاهل الذي ليس له لغة وطنية يتشبث بها ويحترمها لاتفقنا أن ذلك طبيعي.لكن ما عدا بعض الشخصيات ومن بينها الوزير الأول فحكومتنا في مجملها لا تستحق الذكر بين أمم العالم.فليعلن ما خفي علينا من كان متابعا لشؤوننا العامة الوزارات التي تقوم بواجباتها المنصوص عليها في القوانين المؤسسة لها.البرنامج الذي شرحه لنا الوزير المكلف بالتخطيط لم نرى له صدى في جميع الوزارات بل هناك وزارات لا نعلم ضرورة وجودها مثل وزارة الصناعة والداخلية والخارجية والفلاحة والتعليم بنوعيه.كلهم صامتون ينتظرون وحي سيدهم الغائب بمرضه.ماذا بقي لنا؟التخلف

  • لزهر

    لا بد أن تتذكر الوزيرة. أنه
    عندما تُداهمك الحرب الأهلية لمدة عشر سنوات.
    و بعدها تفشي سوئ الأخلاق و النهب و السلب و ظهور اللصوص في كل مكان لمدة عشر سنوات أخرى
    أين هي الثقافة وما محلها من الأعراب عند الوزيرة
    يقول الفيلسوف الروماني إميل سيوران
    إذا إعتنقتْ مجموعة من اللصوص أسطورة
    فأنتظروا مذبحة.
    من الخيال إذا إعتقدت الوزيرة أنه ما زالت هناك ثقافة.

  • ابن الجبل

    لو كنت مسؤولا لحذفت عدة وزارات ، أو جمعت عدة وزارات في وزارة واحدة ، كوزارة السياحة والثقافة والاعلام الخ...! حيث هناك وزراء لا أثر لهم ولا لنشاطهم . أليس الغاؤها يوفر لنا عدة مليارات ؟!. بلد يعيش أزمة اقتصادية واجتماعية وصحية عدد وزرائه يقارب الأربعين وزيرا أو أكثر، زيادة عن نوابهم وممثليهم؟؟ !!.