-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عودة السُرّاق!

جمال لعلامي
  • 716
  • 0
عودة السُرّاق!
أرشيف

لا أدري لماذا لا يزداد “تشراك الفم” عن الأسعار والمضاربة وفوضى الأسواق إلا إذا عاد رمضان، والحال أن هذه “الفوضى المنظمة” تقتل المستهلكين طوال السنة، ولعلّ الفرق الوحيد بين الأمرين، أن شهر التوبة والغفران، يتحوّل مثلما تعوّد عليه الجزائريون، إلى فرصة للسرقة والنهب وإدخال الأيدي إلى الجيوب، وبعدها كلّ الألسنة تردّد “إن الله غفور رحيم”!
منذ أن “خلقت” وزارتا التجارة والفلاحة، واللغة المكررة والكلمات المتداولة، هي نفسها لا تتغيّر وتعود كلما عاد شهر الصيام والقيام، ويبدأ المسؤولون في هذه الوزارتين، يطلقون الاتهام والسهام، موازاة مع ارتفاع أسهم “اللهيف” و”اللهفة”، فتصبح السرقات في هذا الشهر الكريم تنافس العبادات، ويضيع المواطن بين ما هو كائن وما يجب أن يكون!
حتى مصالح المراقبة وقمع الغشّ والجودة، لم تعد “تخلع”، وصدق تاجر من الزمن الجميل، عندما قال لي، إن “الكونترول كان يخوّف”، ولذلك كانت التجار “عديمو الذمة” يسارعون إلى غلق محلاتهم، لأن أغلبهم يعلم علم اليقين، بأن العون سيلقي عليهم القبض، في واحدة من التجاوزات والمخالفات!
اليوم أغلب التجار “لا يهربون”، لا أدري لماذا؟.. هل لأنهم عشرة على عشرة؟ أم لأن العون “صديقهم”، أو لأن لهم من يُنقذهم؟.. أم لماذا يا ترى؟.. لقد تغيّرت المفاهيم وتبدّلت المعايير، ولذلك أصبح الاحتيال شطارة، والنصب مهنة، والخداع ممارسة تجارية لا تختلف كثيرا عن استيراد الموز والثوم بأسماء الموتى والمزلوطين ممن لا يملكون عشاء ليلة!
كان بالإمكان مراقبة التاجر في زمن “لوناكو”..الموزّع الوحيد للسلع والمواد الاستهلاكية، أمّا الآن مع انفتاح السوق وفوضى الاستيراد، من الصعب، بل ربما من المستحيل، أن يتمّ “توقيف” التاجر المشبوه مع سبق الإصرار والترصّد، لأن المشكلة لم تعد في التجزئة فقط، وإنما في الجملة، وفي البواخر المحمّلة بالحاويات وبلوبيات الاستيراد أنفسهم، والقوانين المراقبة لهم، وأيضا في المستهلكين الذين لم يعودوا مثلما كانوا عليه في زمن القناعة!
عندما تصبح الإشكالية والشبهة في التاجر وليس التجارة، وفي المراقب وليس الرقابة، وفي المستورد وليس الاستيراد، وفي المستهلك وليس الاستهلاك، فمن الطبيعي أن تعمّ الخروقات، وتصبح السرقة جزءا من النشاط المصرّح به في السجّل التجاري، والأخطر من ذلك، أن يُرغم المسروق على أن يكون سارقا، لاسترجاع حقه المهضوم!
الخطير أن الجميع “والف” ما يحدث قبيل وخلال رمضان، ولذلك تكيّفنا جميعا، فزاد عدد الطماعين والانتهازيين والمستفيدين، ممّن يسرقون الصيّام نهارا باسم الرزق والتجارة، ويتزاحمون ليلا على القيام علهم يمحون ما تأخر وما تقدّم من ذنوب!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!