-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عينٌ على الخارج وأخرى على الداخل

صالح عوض
  • 421
  • 1
عينٌ على الخارج وأخرى على الداخل
ح.م

من الواضح أنَّ مجتمعاتنا في حَراك دائم ولم تستقرّ بعد على وِجهة محدَّدة وقد أخذت منها التجارب المختلفة قسطا وافرا من عمرها، إلا أننا باستمرار وقعنا في مسلسل التجارب والأخطاء والعودة إلى البدء من جديد مبعثرين إنجازات كان من الممكن الاستفادة منها.
إنه لأمرٌ منطقي أن يحدث ما حدث في مجتمعاتنا العربية؛ ذلك لأننا رزحنا تحت نير الاستعمار ردحا طويلا، وكنا قبيل الاستعمار في حالة تخلف وتجمد ثقافي وعلمي وحضاري… ما يعني أن روح الإبداع والبناء تعطلت لدينا قرونا عدة.. وجاءت حركات التحرير الوطني بشعلة إيمانها واندفاعها لافتكاك حرية الشعوب العربية وطرد المستعمرين وحققت انتصارات معتبرة كان أروعها بلا شك انتصار الثورة الجزائرية التي عادت قدوة لحركات التحرر في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا..
والمستعمِر الذي اضطر عنوة إلى الخروج من ديار العرب والمسلمين مُهانا مدحورا لم يستسلم للهزيمة بل انسحب ليأخذ قسطا من الراحة يداوي جروحه ويخطط لمرحلةٍ قادمة يشغِّل فيها كل أدواته وعناصر سياسته.. ومن هنا اجتمع المعامل الاستعماري مع معامل القابلية للاستعمار وأنشأ لنا حالة معقدة من الجمود والتيبُّس.
هذا ما يجعل الحَراك الشعبي الذي يظهر هنا أو هناك رغم قمع كثير من الدول العربية له، ورغم محاولات تهميشه وحرفه عن مساره، إنما هو التفاعل الطبيعي المنطقي والرد الموضوعي المنبثق من ضمير المجتمع وروحه.. وهكذا يصبح الحَراك الشعبي مع تطوُّره ونضجه سبيلا حقيقيا للخروج من دائرة التخلُّف والتجمُّد والذلّ.
ولكننا نسرع هنا إلى القول إنه لا يكفي هذا المبرر الأخلاقي والمنطقي لتحرك الناس نحو مطالبهم في حياة حرة شفافة مبنية على العدالة والحقوق الثابتة للمواطنين سياسيا واجتماعيا.. لابد من تميز حالة من الوعي السياسي والاجتماعي والقدرة على إدارة الحوارات الداخلية والحكمة القادرة على استخلاص النتائج المفيدة.. وهنا تُطرح الأسئلة على الجميع: حَراكٌ لماذا؟ أين نحن الآن على سلم الحضارة؟ ما الذي نريد فعله في المستقبل القريب والمتوسط والبعيد؟ وما هي الرؤية للآخر المتربص بنا الدوائر؟ أين نلتقي معه وأين نفترق؟ ما هي رؤيتنا لطبيعة النظام الاقتصادي والسياسي؟ رؤيتنا للعالم المحيط بنا وعلاقتنا مع الدائرة العربية والإسلامية والدول الصديقة..؟ كلُّ هذا يطرح أسئلة أكثر منه أجوبة لأننا لابدّ أن نفكر في الأسئلة لنفكر في كيفية إيجاد الحلول المحتمَلة وغير المحتملة.
إنه لأمرٌ محزن أن ترى سباق الأحزاب وتحركها المحموم في حلبات التنافس على المواقع والوزارات وسواها من الامتيازات والعطايا.. لكنك تُصدَم عندما لا ترى أحدا منها يهتمُّ بملفات الحياة الحقيقية لتنظيف الميكروبات وتقوية الأجسام وتغذية العقول وتوفير الرفاه للمجتمع والأفراد.
وأيُّ برنامج لأيِّ حزب أو أي قوة سياسية لابد أن يشمل رؤية اقتصادية وعملية ورؤية في مجال البحث العلمي ومراكز الدراسات وذلك هو الضمانة للتقدم خطوة من دائرة الفوضى والتحلل من منهجية التجارب والأخطاء…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Amine HK

    ما هي الإنجازات التي بعثرها العرب و كان بإمكانهم الإستفادة منها؟ و ما هي الحلول غير المحتملة؟ المستعمر يخرج دائما منتصرًا، بل خرج العرب منهزمين و متخلفين ثقافيا و سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا.