-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عُقدة المُقدّس!

محمد حمادي
  • 728
  • 1
عُقدة المُقدّس!
أرشيف

في الوقت الذي تعمل فيه مخابر البحث في ميدان التربية والتعليم بالدول التي تمتلك ناصية التكنولوجيا على ابتكار الطرائق البيداغوجية الناجعة لنقل المعارف لتلاميذ مختلف الأطوار التعليمية، بهدف الرفع من التحصيل العلمي لديهم وضمان جودة التعليم، ندير نحن البوصلة في كل مرّة نحو القرآن الكريم؛ فتتعالى أصوات أشباه الباحثين والفلاسفة والمفكرين، مُنادية بحجب آيات من المقرّر الدراسي لمادة التربية الإسلامية، بدعوى أنّ فهمها يُستعصى على تلاميذ بعقول صغيرة، لا يدركون معنى العقيدة والوجود وخلق الكون!
لكن لماذا نتعامل دائما مع التلميذ في الطور الابتدائي على أنّه غبي وعاجز عن الفهم؟ ألم يكن أطفال “الزمن الجميل” يلتحقون بالكتاتيب ويتعلمون أبجديات القراءة والكتابة ويحفظون سورا من الذكر الحكيم، وحتى طريقة الوضوء والصلاة قبل ولوجهم المدارس النظامية؟ ألا يوجد أطفال نوابغ بعدد من الولايات أتموا حفظ 60 حزبا من كلام الله وزادوا عليها أحكام التلاوة والتجويد وحتى التفسير؟ ألم ترفرف راية الوطن خفاقة في المحافل الدولية بفضل أطفال حصدوا الجوائز الأولى في الحفظ وأحكام التلاوة؟ أليست آيات القرآن معينا ينهل منه التلميذ مفردات العربية، فيثري مخزونه اللغوي منها؟
الحقيقة هي أنّ المعلم المتمكن من فنّيات إيصال المعرفة لتلامذته لن يجد صعوبة في شرح بعض صور القرآن الكريم، كونه يملك الطرائق والمفاتيح التي ينفذ بها إلى عقولهم؛ فيقنعهم بالحجة والدليل والبرهان، في شكل أمثلة مستوحاة من محيطهم، تدل على عظمة الخالق، وهي كلها أساليب تدخل ضمن العملية البيداغوجية، التي ينبغي أن تتحكم في أدواتها هيئة التدريس.
للأسف، أصبحت المدارس مستهدفة، عبر معارك وهمية تستهدف القرآن الكريم، من طرف بعض النخب التي تدعي الانفتاح على العالم الآخر، مردّدة أسطوانة العيش المشترك وحوار الأديان، ونبذ التعصّب والتطرّف، وكأنها تريد قرآنا على مقاسها، خاليا من الآيات التي تمس الديانات الأخرى، وتلك التي تحضّ على الجهاد، أو بالأحرى تريد حذف القرآن كاملا وتعليم أبناء الجزائر نشيد “لامارسياز” كي تهدأ النفوس المريضة وترضى عنها اليهود والنصارى!
هؤلاء الباحثون والمفكرون والفلاسفة ومن سار على نهجهم من أدباء “قلّة الأدب” ممن يتبنون خطاب التنوير، لديهم عقدة من المقدّس ولا يتوانون عن تدنيسه في كل مرّة عبر دراساتهم وأبحاثهم وكتاباتهم، التي تقطر حقدا وذمّا لكل ما هو عربي ومسلم. هذه الثلّة الضالة ممن تضع نفسها في مقام النخبة، ترى في القرآن رمزا لتخلف المسلمين، فتحاول بكل ما أوتيت من طروحات هدامة سلخ أفراد هذه الأمة من هويتهم وغسل أدمغتهم، وملأها بأفكار مسمومة.
إذا كانت طروحات هذه النخب المزيّفة صحيحة، عليها بالإجابة عن الأسئلة التالية: لماذا تطورت بلدان أعجمية على غرار أندونيسيا وماليزيا على كافة الأصعدة، فامتلكت ناصية العلم والتكنولوجيا، وحققت الاكتفاء الذاتي في التغذية، وها هي تهدي زائريها منتجعات سياحية ساحرة، ينعمون فيها بالراحة والسكينة؟
هل منع القرآن الكريم ماليزيا من تشييد برجي التوأم في العاصمة كوالا لمبور ليكون معلما سياحيا تتوق شعوب العالم لزيارته بغرض التقاط صور للذكرى؟
هل حال كتاب الله دون تطور أكبر دولة إسلامية؟ ألم يشيّد الأندونسيون مئات الآلاف من المساجد وسط العمارات الزجاجية التي تناطح السّحاب؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عبد المالك - الجزائر العميقة

    بارك الله فيك أستاذ .. لقد حدثني هذه الأيام مسؤول عن إحدى الجمعيات المكلفة بتهيئة الأطفال دون السادسة ويعلموهم من ضمن البرامج تحفيظ القرآن و أحكام التجويد واللغة والنحو والصرف .. يقول عندما يدخل أطفال جمعيتنا إلى السنة الأولى تجد مدير المدرسة نفسه يوصي المعلمين المقبلين على التفتيش بجمع أطفال جمعيتنا في قسم واحد ويقدم نفسه أمام المفتش فيخرج هذا الأخير مذهولا من مستوى التلاميذ .. في حين أن الأطفل الغير دارسين للقرآن قبل الدخول إلى المدرسة فنتائجهم دون المستوى ، أما عن إستهداف القرآن فهم أولا يساهدفون اللغة العربية ومن بين الأسلحة الرجوع إلى الدارجة ( الإشهار ) والتركيز على تعلم الأمازيغية