-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فرصة سانحة لإصلاح ذات البين

سلطان بركاني
  • 514
  • 0
فرصة سانحة لإصلاح ذات البين
أرشيف

عيد الفطر، منّة ربانية لأمّة الإسلام، يأتي مباشرة بعد رحيل شهر الصيام والقيام، ليخفّف على الصّالحين وطأة وداع شهر الخيرات والبركات والرّحمات، ويدخل البهجة والسّرور على قلوب عباد الله المسلمين بما وفّقوا له من قربات في الشّهر الفضيل، وليتطلّعوا إلى سعادة تدوم في الدّنيا والآخرة لا سبيل إليها إلا بمجاهدة النّفوس على لزوم طاعة الله والسّعي فيما يرضيه.

يوم العيد، يوم تهليل وتكبير وصلوات، وشكر لله على التّوفيق لصيام رمضان وقيام لياليه النيّرات، يقول ربّ البريات: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون))، وهو أيضا يوم فرح للمؤمنين والمؤمنات، بما وفّقوا له من طاعات وقربات، وما تسابقوا عليه من خيرات. فرح سيدوم انشراحا في الصّدور وسعادة في القلوب، إن هم ثبتوا على ما كانوا عليه في رمضان، ولكنّه سرعان ما يتحوّل إلى ضيق وحسرات، إن هم رجعوا إلى إضاعة الطّاعات وغشيان المحرّمات.

ولعلّ هذه الفرحة لا تكتمل إلا إذا سعى العبد المؤمن في تحقيق غاية أخرى من أهمّ الغايات التي شرع لأجلها الفرح والسّرور في يوم العيد، ألا وهي إصلاح ذات البين؛ فالعيد يوم تصافٍ وتصالح؛ وتراحم وتسامح؛ كم من أرحام وأواصر فرح الشّيطان بقطعها ينبغي للمؤمن أن يغيظ اللّعين ويقتله حسرة في هذا اليوم بوصلها.. إنّ الرّحم لتدعو الله أن يصل من وصلها ويقطع من قطعها.. كم من مصلّ لا يعبأ الله بصلاته، وكم من صائم لا يعبأ الله بصيامه، وكم من متصدّق مكثر للصّدقات وبينه وبين الله حجاب، لأنّه قطع الرّحم التي أمر الله بوصلها، لأنّ بينه وبين أخيه المسلم عداوةً وشحناء. يقول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: (تفتح أبواب الجنّة في يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفر لكلّ عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا).

يوم العيد فرصتك أخي المؤمن فلا تفوّتها.. تصالح مع إخوانك الذين نزغ الشّيطان بينك وبينهم، ومن كان له عليك مظلمة فتحلّل منه اليوم قبل أن لا يكون درهم ولا دينار ولا متاع. إنّه لعيب وحرام أن يعادي الأخ أخاه لأجل دراهم معدودة، أو لأجل شجار نشب بين الأبناء، أو لأجل أيّ عرض من أعراض الدّنيا الزّائلة. فلا حول ولا قوة إلا بالله يوم يعادي الابن أباه لأجل الدّنيا، ولا حول ولا قوة إلا بالله يوم يعادي الأخ أخاه لأجل الدّنيا، ويحلّ رمضان ويرتحل ولم يتصالحا، ثمّ يأتي العيد ويمضي ولم يتصالحا!. إنّ النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- يقول: (لا يحلّ لامرئ مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، ومن هجر فوق ثلاث فمات دخل النّار). فلنتّق الله في أنفسنا، ولنصلح ذات بيننا، ولا تغربّن شمس هذا اليوم وبين اثنين منّا عداوة وشحناء.

ينبغي لكلّ مسلم يرجو الله والدّار الآخرة، يعلم بين أقاربه أو جيرانه أو خلاّنه عداوة أو خصاما، أن يسعى في استغلال ساعات يوم العيد ليكسر حواجز البغضاء التي بناها الشّيطان بين عباد الله المؤمنين.. في ساعات يوم العيد ترقّ القلوب وتهفو الأرواح وتذوب كثير من الدّغائل، وهي فرصة سانحة لا يحتاج معها العبد المؤمن لإصلاح ما بينه وبين إخوانه أو ما بين أقاربه وجيرانه وخلانه إلا أن يخزي الشّيطان ويبادر، ويخلص قبل هذا وذاك النية لله بأن يرجو ما عنده، يقول الحقّ سبحانه: ((إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)) (النّساء، 35).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!