-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فرصتنا لنذوق حلاوة الخشوع

سلطان بركاني
  • 3496
  • 0
فرصتنا لنذوق حلاوة الخشوع

إضاعة الخشوع في الصّلاة وفي الحياة داء يعانيه كثير من المسلمين في هذا الزّمان، لكنّ قليلا منهم يحملون همّ مداواة قلوبهم وأرواحهم من هذا الدّاء الخطير. وربّما تتوالى أيام رمضان على العبد المؤمن، ويصلّي التراويح في المسجد، ويسمع آيات القرآن تتلى بأعذب الأصوات، لكنّه لا يجد للخشوع أثرا في قلبه وروحه، ولا يتحسّر لقسوة قلبه وغفلة روحه عمّا يطرق سمعَه من آيات لو أنزلت على جبل لصار ترابا.

إنّه لحقيق بنا ونحن نعيش ليالي العشر الأواخر من رمضان، أن نتلمّس أحوالنا ونسأل أنفسنا: من منّا تألّم وتحسّر لأنّه لا يخشع في صلاته؟ من منّا يخشى أن تردّ عليه صلاته لأنّه أضاع خشوعها؟ من منّا بكى لذلك؟. الواحد منّا إذا استطاع أن يصلّي الصّلوات الخمس لأوقاتها ظنّ أنّه قد أدّى ما عليه، فيرضى عن نفسه وينسى أهمّ شيء في الصّلاة، ألا وهو الخشوع. ربّما يسمع الشابّ موعظة عن المحافظة على الصّلوات في أوقاتها فيلين قلبه ويتوب إلى الله من إضاعة الصّلاة، ويصلّي الصّلاة لوقتها ليوم أو يومين أو ثلاثة، ثمّ يعود إلى ما كان عليه. لماذا؟ لأنّه لم يذق بعد لذّة وحلاوة الخشوع في الصّلاة. ووالله ثمّ والله لو ذقنا حلاوة الخشوع ما تجرّأ الواحد منّا على النّوم عن الصّلاة ولا على تأخيرها إلى آخر وقتها، ولو كنّا نخشع لله في صلواتنا لبقيت آثارها لساعات وساعات بعدها، ولنهتنا عن الفحشاء والمنكر.

إنّ الخشوع في الصّلاة -أخي المؤمن- هو جنّة الدّنيا والآخرة، يقول ابن تيمية عليه رحمة الله: “إنّ في الدّنيا لجنّة من لم يدخلها لم يدخل جنّة الآخرة”، فأيّ غفلة وأيّ حرمان أعظم من أن تحرم نفسك دخول هذه الجنّة، تشكو ضيق المعيشة، وكثرة الأحزان، وتفاقم الهموم والغموم، والحلّ بين جنبيك؛ إنّه الخشوع في الصّلاة، يقول أحد الصّالحين: “إنّه لتمرّ بالقلب ساعات يكاد يطير فيها من الفرح”. إنّها السّعادة التي لا تكدّرها ولا تعكّر صفوها هموم الدّنيا وغمومها، السّعادة التي جعلت أحد الصّالحين يقول: “إنّي لأدخل في الصّلاة فأحمل همّ خروجي منها”؛ يتمنّى ألاّ تنقضي الصّلاة، يتمنّى أنّ لحظات حياته كلّها صلاة، فبالله عليك أخي المؤمن؛ أرضيت لنفسك أن تدخل في الصّلاة وأنت تتمنّى أن تنقضي بسرعة، إذا صلّيت خلف الإمام استطلت قراءته وركوعه وسجوده، وإذا صلّيت وحدك نقرتها نقر الغراب. ما الذي فعلته بنفسك أخي المؤمن؟ إنّك مهما جمعت من أموال ومتاع فلن تجد السّعادة التي تجدها إذا صلّيت ركعتين بخشوع وخضوع لله تعالى، تحسّ فيهما أنّ روحك تصّعّد في السّماء إلى الملكوت الأعلى، تحسّ أنّك قريب إلى ربّك ومولاك، تشعر بالحاجة إلى البكاء من شدّة الفرح. تتمنّى المزيد من تلك السّعادة، تشعر بطعم الحياة الحقيقية حياة الرّوح التي تسعد باتّصالها ببارئها وخالقها.

جاهد نفسك أخي واستعن بالله وادعُه أن يرزقك الخشوع في صلاتك وفي حياتك. العشر الأواخر فرصتك لوضع أوّل خطوة على طريق الخشوع فلا تفوّتها.. اجعل الخشوع هدفا من أهدافك في هذه الحياة، ولا ترض لنفسك إلا ببلوغه أو الموت على طريق طلبه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!