-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

.. فسيُنفقونها ثم تكون عليهم حسرة

حسين لقرع
  • 844
  • 1
.. فسيُنفقونها ثم تكون عليهم حسرة
ح.م

الأخبار القليلة المتسرِّبة إلى حدِّ الساعة من اجتماع الثلاثة أيام بين مسؤولين إماراتيين وأمريكيين وصهاينة وسودانيين بأبو ظبي بشأن تطبيع السودان، تثير الكثير من الغضب والشعورَ بالمرارة والأسى.

في هذا الاجتماع، طلبت السودان شطب اسمها من القائمة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب ومنحَها 10 ملايير دولار لإنعاش اقتصادها، مقابل تطبيعها مع الاحتلال، وردّ الصهاينة بعرض 10 مليون دولار فقط على السودانيين؛ ما يدلّ على الازدراء الشديد الذي يكنّه الصهاينة للمطبّعين العرب، وهم يستحقون ذلك؛ فمن يهُن ويبيع مواقفه وقبلة المسلمين الأولى بأثمان بخسة، فلا ينتظر سوى الإذلال والهوان.

أما أمريكا فقد عرضت مبلغ 500 مليون دولار، على أن تعيد السودانُ 350 مليون دولار على شكل تعويضات لعائلات ضحايا تفجيرات كينيا وتنزانيا التي ارتكبتها “القاعدة” سنة 1998 وهي مقيمة بأراضيه، فضلا عن ضحايا ضرب المدمّرة الأمريكية “كول” بسواحل اليمن في سنة 2000؛ أي أن السودان لن تحصل في النهاية سوى على 150 مليون دولار فقط من الأمريكيين!

ومقابل هذا العرض المالي الصهيوني والأمريكي الهزيل الذي يحمل في ثناياه الكثير من الاحتقار والإذلال، فقد كان العرضُ الإماراتي “سخيّا” مقارنة بهما؛ إذ عرضت مساعداتٍ بقيمة 600 مليون دولار على شكل وقود للسودانيين مقابل تطبيعهم مع الاحتلال!

في العقود السابقة، كان السودان يحصل على مساعدات من أشقائه العرب لدعم صموده أمام العقوبات الأمريكية، أما الآن فقد تغيّر الوضع وأصبحت دولٌ خليجية ثريّة توظّف أموالها لخدمة الأجندة الأمريكية الصهيونية بالمنطقة، وإغراء الأشقاء العرب بها لجرِّهم إلى التطبيع وخيانة القضية الفلسطينية. أيّ زمن أغبر هذا الذي نعيشه؟! كيف تقبل الإمارات أن تتحوَّل من دعم القضايا العربية ماليا وسياسيا وإعلاميا، إلى دعم الاحتلال ومشاريعه الخطيرة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال توظيف أموالها لإغراء الدول العربية الفقيرة وجرّها إلى التطبيع؟!

يبدو أنّ الأعراب لا يستفيدون من دروس التاريخ؛ بالأمس أنفقوا ملايير الدولارات لتمويل الغزو الأمريكي للعراق بهدف إسقاط صدّام حسين مع أنّه كان يشكّل درعا حصينا لهم من إيران، فكانت النتيجة سقوط العراق كالثمرة الناضجة في سلّة إيران وتحوّله من حليفٍ لهم إلى عدوّ، فكان إنفاقُ أموالهم حسرةً عليهم، واليوم يقعون في خطإ لا يقلّ فداحة؛ إذ أصبحت الإمارات تُنفق أموالها وخيراتها لجلب الدول الفقيرة إلى دائرة الانبطاح الذليل للاحتلال، ولن يعود عليها ذلك إلا بالحسرة والندامة ويكون وبالاً عليها.

وهنا لا يسعنا إلا أن ننصح أشقاءنا في السودان قائلين: الشرفاء لا يبيعون القدس والأقصى بأموال الدنيا كلّها، صحيحٌ أنّكم تعانون الأمرّين من آثار الفقر والعقوبات الأمريكية، لكنّ الحلّ لا يكمن في الاستسلام للعدوّ الذي لا يزال يسوم الفلسطينيين سوء العذاب ويحرمهم أبسط حقوقهم، بل يكمن في حُسن استغلال مواردكم وأراضيكم الشاسعة وثرواتكم المعدنية… التطبيعُ لن يجلب لكم الرخاء، كما لم يجلبه لمصر والأردن بعد تطبيعهما في 1979 و1994، بل ستزدادون فقرا مثلهما إذا لم تعتمدوا على أنفسكم ومواردكم الذاتية، ثم: هل تقبلون بأن تحوِّلوا بلدكم إلى وطن بديل للاجئين الفلسطينيين، كما يشترط الاحتلالُ عليكم، ليصفّي بكم قضيَّتهم؟ هل ترضون بفتح شواطئكم للقواعد الأمريكية، وتغييرِ مناهجكم التربوية، حتى لا تُذكر فيها كلمة واحدة عن فلسطين ووجوب النفير إليها لتحريرها من الغزاة الصهاينة؟

سودانُ الشموخ الذي احتضن قمّة “اللاءات الثلاثة” الشهيرة في أوت 1967: “لا صلح، لا مفاوضات، لا اعتراف”، حرامٌ أن ينهار الآن ويرضخ للاحتلال وأمريكا وعرّابي التطبيع بهذا الشكل المهين ويبيع مقدّسات المسلمين مقابل دراهم معدودات.

أخيرا نسأل السودانيين الذين ثاروا على عمر البشير وساهموا في إسقاطه: كيف ترون بلدكم يُساق إلى التطبيع الذليل، ثم تلزمون صمتا مطبقا؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • موسى ادريس

    الامريكان والصهاينة لاينظرون فقط الى السودان باختقار وازدراء واذلال وهوان ـ بل ايضا لانسون انهم من ذوات البشرة السوداء ـ ومن هنا زاد الاحتقار والاذلال والهوان والازدراء ـ نتمنى على الله الا يرضخ السودان لهذا الفساد والانبطاح واستغلال النفوذ وان يهزم هذه المخططات عن طريق ظهور رجال لايخافون فى الله لومة لائم ويكونون للحق فاعلون وللظلم قاهرون