-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“فطريات” حول الحَراك!

“فطريات” حول الحَراك!
الشروق

خوض الجزائريين دفعة واحدة في كل الأمور، على منصات التواصل الاجتماعي، فيه الكثير من اللغط والغلط، وتحويل بعض القضايا إلى حملات جارفة تُربك ما بقي من السلطة قد يعطي نتائج وخيمة، فإذا كنا نؤمن بأن المتهم الأول والرئيس، في أزمات الجزائر، هي السلطة، فلا يمكن أن نقول بأن كل من في السلطة متورط.، وإذا كنا نؤمن بأن أحد ضحايا السلطة هو المواطن، فلا يمكن أن نُلبس كل المواطنين ثوب الضحية، ويجب الاعتراف بأن الجميع اشترك في الجريمة في بعض زواياها، ولا يمكن أن يتحوّل الشعب إلى آمر، والسلطة إلى مطبّق، وإلا حدثت فوضى بسبب اختلاف آراء الناس إلى حدّ الخطوط المتوازية التي لا تلتقي.

بعض المواطنين أعلنوا عن رفضهم القاطع لإقامة المهرجانات الثقافية، وخاصة الدولية منها، مثل أيام الفيلم العربي في وهران ومهرجان تيمقاد الفني، وبلغت بهم “الجرأة” حدّ تهديد الساهرين على هذه المواعيد بأعمال شغب، وليس المقاطعة فقط، وآخرين طلبوا من الشركات الوطنية ومن الهيئات المحلية توقيف الإعانات المقدمة للأندية الجزائرية في لعبة كرة القدم نهائيا، وهددوا أيضا بمنع اللاعبين الوافدين من مختلف الجهات من التدرب وطردهم من الملاعب ومكان إقامتهم، وأُعلنت حملات تطالب بمقاطعة دراسة اللغة الفرنسية والموسيقى والرسم، وتوقيف ما أسمته بـ”تبذير” المال، في أداء مناسك العمرة، بحجة أن المال يذهب إلى خزينة المملكة العربية السعودية، وطالب آخرون بإلغاء وزارات المجاهدين والثقافة والرياضة نهائيا، واقترحوا تحويل الأموال التي تصبّ في هذه المهرجانات وهذه القطاعات في بناء المستشفيات والجامعات والمخابر، وغيرها من الحملات التي استجاب لبعضها من يسمون بـ”مسئولين” في مختلف الوزارات والجماعات المحلية.

صحيح أن المهرجانات الفنية والتظاهرات الثقافية التي عرفتها الجزائر في العشريتين الأخيرتين واستنزف فيها الملايير، لم تحقق أي صحوة ثقافية، ولكن المشكلة لم تكن أبدا في الثقافة، فكل شعوب العالم من دون استثناء، بما فيها المملكة العربية السعودية تفتح مسارحها ودور الثقافة فيها، لكل الإبداعات الفنية العالمية، وهناك من الجزائريين من ينشطون خارج الوطن أكثر من نشاطهم في البلاد، وما يُبذّره الجزائريون من أموال في إنجاز المشاريع الاستشفائية والعلمية الفاشلة، أضعاف ما أنفق على حفلات “كاظم الساهر” و”صابر الرباعي”، وملايير الدولارات التي ضاعت والحيتان الكبيرة التي سرقت أموال التنمية، كانت تختبئ خلف المشاريع الصحية والعلمية، ولم يُجرّ أي مسئول ارتبط بهذه المهرجانات إلى المحاكمة، لأن ميزانيتها هي دائما مجهرية، مقارنة بمهرجانات البلدين الجارين تونس والمغرب.

تشخيص “الداء” الإقتصادي والأخلاقي والسياسي في “نوتة” أو “موّال” انطلق من جميلة الأثرية أو وهران، أو في “وليمة” أقيمت على شرف وفد ثقافي قادم من بلاد التشيك أو العراق، هو مراوغة للنفس، وقبر لأي حلّ ممكن، أو “أفغنة” بلاد هي في الأصل خاضت حراكها لتفك القيود وليس لتشدّ من الرباط. فما ينفقه الجزائريون بذخا ونغما ورقصا في أعراسهم الفردية، يفوق ما تنفقه وزارة الثقافة طوال السنة في مهرجاناتها الفنية القليلة والفاشلة، وما يبذله مشجعو الكرة من مال وجهد في تنقلاتهم الطوفانية ما بين المدن والبلدان، وما يخربونه من منشآت قاعدية يفوق ما تنفقه السلطات من أموال على اللاعبين، وما هذه الحملات المطالبة بالوقف الفوري للمهرجانات الفنية والنشاطات الرياضية وأداء مناسك العمرة مثنى وثلاث ورباع، إلا محاولة فاشلة لعلاج عضو من البدن، دون العضو المريض.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • بن عاصم

    ما أعيب على كثير ممن يضعون أنفسهم في خانة المتبصرين و المرشدين، أنهم يضخمون ما هو جزئي او تافه من المظاهر ويتناسون ما يكاد يعمي الأبصار. بل أكاد أجزم أن منهم من يتخصص في ترصد الثغرات و العثرات ليعمل على تسويد المشهد أو تسريب المغالطات. فالاسراف في نفقات الاعراس مثلا وان كان منبوذا الا أنه ينهك جيب صاحبه ليس إلا. أليست هذه حكومة تصريف للأعمال، ليكتفوا بذلك إلى يأتي من يعرف كيف يبني للثقافة صرحا. سيدي عليكم بأم المواضيع. الشعب هرم من الاستبداد بينما بقايا العصابة قابعة على صدره. أعينوا شعبكم على التحرر وتذكروا أنه ليس لأبناءكم بلد غيره، إما سيعيشون أحرارا وإما مقهورين مثل و بعون أباءهم.

  • omar

    ياجماعة انا متشائم
    الجميع يركب موجة الحراك (بدون استثناء)
    وفي نفس الوقت العلماني يرفض الاسلامي والعكس صحيح بينما يرى الوطني انه البديل الامثل..
    نحن لسنا مؤهلين لحكم ديمقراطي لاننا بصراحة لاتحترم الرأي الاخر (المخالف)
    اذكر انه لما فاز الفيس في انتخابات ديمقراطية وصف الهاشمي شريف الاغلبية التي انتخبت على الفيس بالغباء وقال (هذا شعب غبي) ومنذ ايام قال مقران ايت العربي كلاما فيه اعتراض على ماسيفرزه الصندوق لان في ذلك قمع للاقلية في نظره ..ان هؤلاء بممارساتهم يقولون من حيث لايشعرون (تحيا الدكتاتورية)

  • *

    كيف ؟؟
    صار الشعب بذر اكتر من الحكومة!!!!!!
    من يبذر معروف .. ريا ا او عدم تفكير جيد للبعض ولانعمم
    احمد الله لم ابذر في اي مناسبة لا بعرس ولا برقص كما تقول ولم اخرب اي منشاة لا عامة ولاخاصة بالعكس احيانا نحتاج للضروريات العادية ولانجد تيسيرا ...
    الله يهديك

  • دوادي

    السلام: صدقت طرح سليم

  • الاطلس الصحراوي

    الى الغير مدركين والذين تملكهم العاطفة والنية ..يجب ان تفهموا و تكملوا مسيراتكم القوية التي بداتموها لكي نتخلص من الباءات ..اما حكاية محاسبة الفاسدين هي فقط تصفية حسابات بين الغصابة 01 و العصابة 02 وهذه الامور هي من صلاحيات رئيس شرعي منتخب .من يحب الجزائر ان لا تستمر في الغرق بين بقايا النظام الفاسد

  • ياسين

    اقول هذه الكلمة و سأبقى أكررها إلا أن يثبت العكس :"أن السفينة التي يدعي غالبية ركابها العبقرية و "الفهامة" أكيد سيكون مصيرها الغرق، إم لم تتداركهم رحمة الله"؟

  • صالح بوقدير

    الخنفوس الاليكتروني الممول من العصابة الفاسدة هوالذي يذهب ذات اليمين وذات الشمال لإغراق الرأي العام بالتفاهات ومحوالة دفع الشارع إلى الصدام مع قوات حفط الامن لإفشال سلمية الحراك لكن الحراك على وعي تام بمكر العصابة الفاسدة وأذرعها خاصةوأن أهدافه واضحة وشرعية ولا غبار عليها فلا يحيد عنها مهما كانت العراقيل فليس المحكم كالمتشابه.