-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فكرة لحلّ مشكلة الصناعة

فكرة لحلّ مشكلة الصناعة
ح.م

ينبغي تحرير الصِّناعة مِثلَما تم تحرير الفلاحة من القيود البيروقراطية والتعقيدات الجبائية، إذا أردنا لهذا القطاع أن ينطلق. لا أتصور أننا لو أثقلنا الفلاحة بالقوانين والضرائب والشروط، سيبقى مستثمرٌ واحد في هذا القطاع. مفتاح النجاح في قطاع الفلاحة هو الحرّية، والصعوبات التي مازالت تُعطِّل هذا القطاع وتَمنعه من التصدير إنما هي الإدارة البيروقراطية، وما اتصل بها. لولا البيروقراطية لأنتج الفلاحُ أضعاف ما ينتجه اليوم، ولصدّره، ولو عرف القطاع الصناعي نفس التحرير لتكامل القطاعان وتم استحداث صناعة غذائية حقيقية.

مشكلتنا الأساسية تكمن في هذا المستوى؛ الإدارة القائمة على القطاع الصناعي والسياسات المتَّبعة في هذا الشأن لا تُشَجِّع المنتجين الحقيقيين، والقوانين السارية المفعول مازالت تَمنع المبادرة، وتُخيف المقاولين الحقيقيين القادرين على البرهنة على عبقريتهم في الميدان.

أما وأنَّ القرارات مازالت في يد الإدارة، أما وأنَّ مسؤولا في بنك أو في مصلحة ضرائب أو في إدارة مركزية أو محلية يمكنه أن يجعل مشروعَ استثمار ناجح فاشلا، ويوهم إدارته بنجاح الفاشل، فإنَّ الأمور لن تستقيم وكل النيات الحسنة أو الطموحات ستتحطم أمام بيروقراطي مغمور اعتاد على ممارسة سلطته على الآخرين.

لذا، فإنه علينا، ونحن نرى شركات عالمية كبرى تعاني اليوم من عدم القدرة على الانطلاق، ونحن نرى كافة المؤشرات تقول إنه علينا استباق الزمن لكي لا نقع في المحظور، أن لا نتردد في القيام بخيارات غير تقليدية، لمواجهة وضعية غير تقليدية مثل التي نعيشها اليوم.

فكرتي، أنه من غير الممكن علاج الوضع الاقتصادي الراهن في ظل وجود آلة بيروقراطية تَكلَّست ردود أفعالها هذه عقودا من الزمن على نفس النمط من الأداء الثقيل والسيء والمتخلف للأسف، وزادها مرضا اليوم على ما هي عليه، الخوفُ من الوقوع في الخطأ نتيجة نشاط آلة المحاسبة المُبرَّرة وغير المبرَّرة. كما أنه من غير الممكن إصلاح هذه الآلة البيروقراطية المعقدة والمصابة بكل الآفات في ظرف وجيز… وحتى وإن أردنا فإن الغلبة ستكون لها، وسنعرف الانهيار الأكيد بعد حين. ومادام الأمر كذلك، فإنّ الحل غير التقليدي هو المخرج، ويقوم على الإجابة عن سؤال أساسي من قبل الخبراء: كيف يمكن أن نبني صناعة خارج هذه الآلة البيروقراطية الفاسدة، أي بعيدا عن التفكير في إصلاحها، إلى حين إنشاء آلة تسيير جديدة كُلية، فعَّالة وديناميكية تواكب القطاع الصناعي الجديد، وتدعم القطاع الفلاحي بتعزيزات أخرى؟

وأرى أنه لدينا من ذوي الخبرة في هذا الميدان لتحقيق هذا الخيار، خيار صناعة خارج نطاق الآلة البيروقراطية المُتكَلِّسة حاليا. نحتاج فقط إلى قرار سياسي شُجاع. قرار يقول لخبرائنا الذين اجتمعوا منذ أيام قليلة لدراسة بدائل النهضة الاقتصادية: مَكِّنونا من معرفة كيف نُطلِق اقتصادا وطنيا خارج الإطار البيروقراطي السائد. ما الذي ينبغي فعله؟ وكيف؟ وعند الوصول إلى الإجابة لن يبقى سوى التنفيذ. وأظن أن الإجابة ستتوفر، بشرط واحد: الخروج عن الحلول المنطقية التقليدية والتفكير بمنهجية جديدة عابرة للمنطق، وقادرة على الابتكار. وهذا ليس بالأمر المستحيل. وبإمكانه أن يعيد إلينا الأمل في أننا يمكن أن نتعدى الصعوبات القادمة بسلام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • محمد

    دليل واحد على وضع صناعة بلدنا في أي ميدان هو الخبر المبلغ لجوء وزارة الدفاع اليوم إلى شركة روسية تقوم بصيانة عتادها(الحربي وما إلى ذلك).ما يشير لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن إقامة الصناعة ترتكز أولا على أرضية بشرية ذات كفاءة علمية وفنية تستطيع القيام بالتقنيات الأولية لهذا الاختصاص.كيف يمكن أن نبني صناعة متينة والمدرسة لدينا تتخلى عن الأعمال التطبيقية في مناهجها مما يدل على عجزها في تلقين المبادئ الأولية للتكنولوجية.ضف إلى ذلك اعتزال التلاميذ دراسة العلوم الفزيائية والرياضية وما تفرضه من تفكير منطقي وتحليل يضمن مواكبة التقدم العلمي والقدرة على استعمال الأجهزة المستورة والتحكم فيها.

  • Med-tlm

    الصناعة الخفيفة(تجهيزات منزلية إلكترونية-مستلزمات منزلية للزينة-أليات خفيفة و وسائل الصيانة و البناء و التعدين-وسائل فلاحية و مواد الصحةالنباتية...) أو القطع الثانوية التقنية(قطاع الغيار الإلكترونية و الميكانيكية-مستلزمات وسائل الإتصال و الهاتف النقال-مستلزمات الصيانة للآلات الكهرومنزلية...) أو الصناعة التكميلية الغذائية و غذاء الأنعام أو الصناعات الصيدلانية أو الصناعات التحويلية بقطاعيها(الزراعة الغذائية و المياه المعدنية-المعادن الأولية الخام و احتياجات البناء و التعمير) قد توفر لكل منطقة مناصب شغل و دعم للإقتصاد المحلي و قاعدة صلبة للإقتصاد الوطني و ركيزة للصناعات الثقيلة و المتطورة

  • جلال

    الطريق الى التنمية هى في خلق حلقات دراسة وتفكير ومراكز بحث واقتطاع ميزانيات وتكوين جيش من الباحثين والعلماء والمفكرين في كل مجالات الحياة وبعث البعثات السرية والعلنية للأخذ على الشرق والغرب واستعمال جميع الوسائل المؤدية الى ذلك.إننا لم نر بلدا أتت التكنولوجيا الى عقر داره ووهبت لها وإنما عرق وتعب على إقتنائها والبحث عنها واليابان والصين خير مثال على ذلك,امريكا مثلا بها وزارة التجارة والزراعة وهما موجهتان أصلا للتعامل مع الخارج ونحن عندنا وزارة الفلاحة بميزانية ومكاتب ومدراء وجيش من البيروقراطيين ماذا يقدمون أو يفعلون للفلاح لم يساعدوه حتى في تسويق منتوجه وقس على ذلك, يجب تحرير المبادرات