فلتذهب ملياراتهم إلى الجحيم

المدعوون إلى ورشة البحرين يدركون تماما أنها خطوة أساسية في مشروع صفقة القرن، ولكنهم يدركون كذلك أن هذه الخطوة لا يمكنها أن تُنجز شيئا على الأرض وأن كل يدٍ تقترب منها ستلاحقها لعنة الخيانة كما لاحقت أبا رغال وابن العلقمي وسواهما من الخونة وبائعي ضمائرهم.

فلتذهب ملياراتهم إلى الجحيم.. هم لا يعرفون أن فلسطين مباركة وأهلها مرابطون بحكم آيات الله سبحانه وتعالى وأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.. وأنها غير خاضعة للمساومات ولا للحسابات الوقتية.. هم لا يعرفون أنَّ فلسطين قد وقع المسلمون والعرب على تملكها عبر مائة قرن من الزمن بدمهم وعرقهم فامتزجت بحبّات ترابها أجسادُهم وأرواحهم..

عندما ينقطع الحكام عن فهم لغة التاريخ وخصوصية الجغرافيا يكيلون كل شيء وكأنه قطع نقدية أو براميل نفط.. وكما كان سهلا عليهم ضخ النفط العربي بأبخس الأثمان إلى مصافي نفط الغرب الاستعماري ويعيدها إليهم بمشتقاتها ومنتوجاتها بأسعار خيالية.. وكما فتحوا بلدانهم لشبكات التجسُّس العالمية، وكان سهلا عليهم أن يضعوا أموالهم في خزائن الأجنبي يستثمر ويترقى وهم يكتفون بأرقام في البنوك.. وكما تجاوزوا كل حدود الأخوَّة العربية والإسلامية عندما ظاهروا عدو الأمة التاريخي والاستراتيجي والمتفق عليه الكيان الصهيوني على العرب الفلسطينيين فكالوا الاتهامات للفلسطينيين من خلال أجهزة إعلامهم وخرجات سياسييهم.. في هذا السياق ظنوا أن المقدسات يمكن إهداؤها للأجنبي فسقطوا سقطة العمر ليوضعوا بهدوء وثبات في قائمة أبي رغال.

لم يستطع أبو رغال أن يرى وجه عبد المطلب وهو يلتقي أبرهة الحبشي المحاصِر لمكة والعازم على هدم الكعبة.. ولم يغنه أنه أصبح صديقا للقوة الغاشمة، وبعد أن أغرى أبرهة لم يجد أبو رغال من سبيل إلا الهروب من المشهد.. وتسقط أولى ركائز الجريمة.

هزم الله أبرهة الحبشي وحاق المكر السيء بأهله وانزوى أبو رغال من المشهد وذهبت الفيلة هباءً منثورا.. وظل وجه عبد المطلب مشرقا وشرف الكعبة مصانا وقلوب المؤمنين بالله عامرة.. وهكذا مع فلسطين الأمر سيكون جلاءً واضحا؛ فبعد أن سجَّل مؤتمر البحرين القادم دناءة القوم وسقوطهم المريع في الحمأة الآسنة، ها هو يسجِّل ارتباك معلمهم في البيت الأبيض والذي تأتيه الضربات بغير ما يكون في حسبانه.. والحياة مليئة بالتغيرات والتطورات في الأمة والعالم وهناك تشكُّل جديد للبشرية وقواها وجماعتنا في ورشة البحرين في غيبوبة.

أما الذين تسيل لعابهم ملياراتُ الدولارات فينخرطون في الصفقة واللعبة من المفترض أن ينتبهوا الآن إلى أنهم يوقعون على خاتمتهم المدوّية ولينظروا إلى كل من حاول المساس بالقدس بأذى.

لم نعُد نطلب منكم الوقوف معنا في فلسطين ولا أن تسكتوا، فهذه مطالب عزيزة ولم تعد وجيهة.. بل أصبحنا ندعوكم فقط إلى عدم الوقوف في صف الأعداء.. ومن يتولَّهم منكم فإنه منهم.