-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فوز أردوغان.. ضمان التوازن الإقليمي

فوز أردوغان.. ضمان التوازن الإقليمي

لم يكن فوز الطيب رجب أردوغان مُفاجئا، في انتخابات رئاسية، تعدُّ منطلقا جديدا في نظام رئاسي دستوري على أنقاض نظام برلماني دام عقودا في تركيا، في ظل نهج سياسي “علماني”، فرض عليها الانطواء والعزلة، والتبعية في منظومة حلف شمال الأطلسي.
تركيا التي عانت من سياسة الانطواء في عهود مضت، أحيت مع مطلع القرن الـ21 ومجيء حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان “نظرية العمق الاستراتيجي” لما تمتلكه من موقع جغرافي حيوي، وتاريخ مازال يُلقي بمؤثراته على الحاضر، ونظرة منهجية جديدة لاحتواء تعقيدات الواقع الراهن، جعلها المالكة لقدرات التحرُّك في كل الاتجاهات، انطلاقا من محيطها الجغرافي نحو دول الجوار في الشرق الأوسط.
وما كان أحدٌ يتوقع عودة القوى التقليدية منذ عهد كمال أتاتورك، إلى مركز القرار السياسي، في مرحلة راهنة تحاصرها تعقيداتٌ دينية مذهبية وسياسية وأمنية، في سباق انتخاب رئاسي لن يغير في نهج سياسي تفرض الضرورة بقاءه الآن في أكثر المناطق جذبا للقوى الخارجية.
الشرق الأوسط يعدُّ منطقة جذب لمختلف القوى الراغبة في السيطرة على المواقع الاستراتيجية في العالم، بما يشكل تحديا جديدا أمام تركيا في ظل المتغيرات والتحوُّلات الإقليمية.
ومنح العامل الديني التاريخي عمقا لمقومات الدور الإقليمي التركي الحديث الذي يقابل الدور الإيراني القائم على “إيديولوجيا” يتحصن النظام الرسمي العربي من خطرها على الأمن القومي.
بلغت منطقة الشرق الأوسط أوج صراعات لم تشهدها من قبل، في ظل تنامي مشاريع إقليمية، لها أجندات توسعية، تتحرك على هدي ديني- طائفي في مناطق نفوذ، فتحت نقاط التماس بين القوى المتصارعة في أكثر المناطق خطرا على الأمن الإقليمي والعالمي.
وما تتمتع به تركيا من ديناميكية حيوية تعزز دورها الإيجابي المتنامي في الشرق الأوسط، وضبط إيقاع الخوف من تصاعد المخاطر الأمنية، صار يقلق القوى الكبرى التي تثير الأزمات السياسية أو الدبلوماسية، بغية تحجيم هذا الدور الجديد الذي يغلق أبوابا أمام توغل خارجي، لا يسمح بنشوء قوة أخرى.
لقد خرجت تركيا من الدور الهامشي التبعي لحلف شمال الأطلسي، بعد تحمُّلها أعباء حفظ الأمن الغربي، دون مكاسب تُذكر جعلها في آخر قائمة الدول الأوروبية المنتعشة اقتصاديا وأمنيا.
واختارت وجهتها نحو الشرق الإسلامي، بعد الابتعاد زمنا طويلا عن لعب أي دور إيجابي فاعل في منطقة الشرق الأوسط، المبتلية بتأثيرات قوى إقليمية وعالمية.
وأخذت تركيا دورها المتميز في هذا المشهد الراهن، قوة إقليمية يدرك العالم أهميتها، بما تمتلكه من أدوات مؤثرة، لها قدرة مواجهة التطرف الأصولي، دون المساس بمبادئ دين حنيف تهدده الانشقاقات الطائفية.
وحققت توازنا، يستند إلى مركز قوة حقيقي، في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب في مناطق وجوده، وتشديد تمركزها في حدودها الإقليمية، في إطار تعزيز دورها الأمني، والسيطرة على بؤر التوتر الأمني، بغية استعادة استقرارها.
وتماشيا مع سياقات تطور دور تركيا الإقليمي، ونظامها السياسي المتجدد، بهوية إسلامية، منفتحة، هل تضحى نموذجا ملائما لدول الشرق الأوسط، في سياستها الإصلاحية والاقتصادية..؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • عبد الله المهاجر

    بسم الله
    - تركيا يشرف على اقتصادها اليهود والماسونيين ,, وسياحة الفسق والفجور
    وهي حكومة كافرة ,,
    أما الشعب التركي فهو مغلوب على أمره

  • !!!

    يهللون لفوز أردوغان في دولة علمانية لكنهم يُكفرون من يُنادي بها في الجزاير..!

  • RG

    تركيا بلد عادي كأي بلد أخر
    من بلدان العالم المتخلف
    مشكلتكم أنكم تباعين الغير
    يعني تحبون تقليد الأخرين
    وكأنكم في عقولكم معطلين
    ما هي هي تركيا أصلا
    كم تحبون المبالغة والمديح
    أنا لا أريد أن أشبهكم أبداً

  • نايت

    الروجي المتخونج ينتقد رقم 90 بالمائة في الانتخابات في بلاده ، لكنه يجهش فرحا و تصيبه القشعريرة اذا تعلّق الأمر بنفس الرقم في تركيا , و يرى أنه نصر من الله و فتح مبين

  • الطيب ــ مجرد مقارنة عابرة ــ

    * تركيا على عكس الجزائر نجحت إلى حد كبير داخليًا من خلال تقوية نفسها بـ :
    1/ تركت المسؤولية الكاملة لشعبها ليقرر مصيره بكل حرية و شفافية .
    2/ التمكين لكل كفاءاتها على اختلاف توجهاتهم من تفجير طاقاتهم مما انعكس ايجابًيا على اقتصادها و حولها إلى قوة اقتصادية كبيرة في ظرف وجيز .
    * الجزائر على عكس تركيا و الحق يقال لها مواقف خارجية ايجابية تتفرد بها و تُحسب لها و كثيرًا ما تنطبق هذه المواقف مع إرادة شعبها إلى حد ما .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الداخل التركي مع الخارج الجزائري يمكن أن يصنع النموذج القريب جدًا من إرادة الشعبين .