-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في ذكرى الإمام الإبراهيمي

في ذكرى الإمام الإبراهيمي

مرت البارحة ذكرى وفاة رجل عالم لم يعرف تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر مثله إلا قليلا من الرجال وأنا لا أستنقص من قيمة الرجال، ولا أستهين بشأنهم، ولكن مقادير الله – عز وجل- تجعل الناس درجات ودركات، فربك يخلق ما يشاء ويختار، ولا يسأل عما يفعل سبحانه.
هذا الرجل العالم هو الإمام محمد البشير الإبراهيمي، الذي نذر نفسه نذرا شرعيا أن يكون للجزائر من “عهد التمائم إلى عهد العمائم”، لأنه علم أن هذه الجزائر، التي كانت جمعا فضمت كل أنواع الحسن، كانت له “ما خطة الغرس وماشطة العرس”.
لم يكن الإمام محمد البشير الإبراهيمي فيما قام به للجزائر، وعمله من أجلها مانا ولا مستكثرا، وإنما اعتبر ذلك “واجبات قام بها الكرام، وخاس بعهدها اللئام”.
إن آية ذلك هو أنه لم ينل من الجزائر إلا ما تمنى، وهو أن يحوز في ثراها الطيب الطاهر قبرا بعد أن لم يملك من أرضها شبرا ولا قصرا، لا عن عجز، ولا عن قصور، ولكن تعففا، حتى حسبه الجاهلون غنيا.. وكان غنيا حقا، لا غنى المال الذي قد يتساوى فيه كثير من الناس، ولكن غنى النفس والمروءة وهذا الغنى لا يحصل عليه إلا أولو الهمم العالية، والذمم الغالية.
لقد أصبح الذين لم يخطوا بأيديهم حرفا “أصحاب معالي وسعادة”، وتقبلوا في الدنيا في النضرة والنعيم، بعدما تعلقت قلوبهم بها، وما عملوا إلا من أجلها، وبعدما فعلوا في “إخوانهم المجاهدين” مالم تفعله فيهم فرنسا من تقتيل، وتشريد، وتغييب وتعذيب. فسوق يلقون غيا يوم يقول الإبراهيمي: “هاؤم اقرأوا كتابيه”، وتوضع الموازين القسط، ويقول المبطلون يا ليتنا نردّ فنعمل غير ما عملنا، فيقال لهم: اخسأوا، لقد أذهبتهم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها..
إن الذين يؤذون الإمام الإبراهيمي، ومنهم كبير “السفهاء” لا يأتونه من جهات علمه، وتعليمه، وإصلاحه، وفهمه، ونزاهته، لأن ما بين وبينهم في هذه الأمور كما بين “نملة” وجبل، ولكن يأتونه مما يسمونه “الوطنية”، وهم أجهل بمعاني الوطنية الحقيقية، ولا يفهمون منها ولا يعرفون إلا ما يسمونه “العمل المباشر” وهذا النوع من العمل شارك فيه حتى حيوانات الجزائر من الخيل والبغال والحمير.. وإلا فكل عمل الإبراهيمي جهاد في جهاد.. وإن كانوا هم أنفسهم لم يقدموا شيئا فيما يسمونه “العمل المباشر”.
إن سبب تكالب المتكالبين على الإمام الإبراهيمي وتقوّلهم عليه إنما سببه الجهل والحسد، وهما داءان أدوأ من جميع الأدواء، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.. ومن لم يشفه الله منهما، فلا شفاء له.
رحم الله الإمام محمد البشير الإبراهيمي الذي لم يعمل إلا لأمرين، وأحسب أنه أحرزهما بعلمه وعمله، وهما “رضى الرب ورضى الشعب”؟. ورحم الله الشاعل الفحل محمد العيد آل خليفة، بلبل الجزائر الصّداح القائل في هذا الإمام:
قل لـ “لبشير” رفعت هامة أمة ذلّت، وشعب كان قبلك حاملا
تالله لا أوافيك حقك كله مهما نسجت لك المديح غلائل

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • محمد العربي

    رحم الله معلّمنا و قدوتنا الشيخ الابراهيمي وجزاه عنّا خير الجزاء وجزاك انت استاذنا الفاضل عن هذه الالتفاته الطّيبه لأخد ى هامات الجزائر التي يريد لها خصوما قصدا ان تدفن في طي النسيان يس فقط بسبب الجهل و الحسد كما تفضّلتم بذكره بل بسبب معاداتهم لمنهجه الصحيح وهو المنهج الاسلامي القويم

  • عاشور

    يا جزائر لم املك من ترابك في حياتي مترا فهل تمنحينني حين وفاتي لقبر شبرا
    رحم الله الشيخ البشير ..........

  • مختار

    كما "نذر البعض" حياتهم للحديث عن بعض ما يسمونهم علماء ونحن نعلم أنهم لم يكونوا كما يدعي من يكتب عنهم ويمدحهم إلى الثمالة

  • أبو نيف ضاد

    ..من الأمم رجالٌ يخلّدهم التّاريخ بمواقفهم الجريئة كقلاع للحقّ..و منهم من هم أمّة بحدّ ذاتها قد تخصّ أولي العزم من الأنبياء و الرّسل..و منهم من صالح عباد الله المؤثّرين بفكرهم و حكمتهم و لو على ذمم و ديّانات أخرى..الإمام المعلّم البشير الابراهيمي نحتسبه للجزائر من هؤلاء القامات العاملين..

  • عبدالحميدالسلفي

    وللشيخ البشير الابراهيمي رحمه الله في ذلك الباب الاوسع.

  • merghenis

    •رحم الله الشيخ البشير الإبراهيمي رحمة واسعة.
    •تذكير بمقال الأستاذ الحسني ـــ العنوان :الإمام الإبراهيمي والثورة ــ التاريخ : 2017/11/02
    قراءة التعاليق لتتوضح بعض الأمور وحتى عنوان لردعلى إتهامات.

  • جميل يسري

    لقد همزت و لمزت بقولك (كبير “السفهاء”) فإن كنت تقصد الشيخ فركوس فلقد خبت و خسرت و ما ضر فركوس الإبراهيمي و لا آذاه و لا زعم أنه أعلم منه وأما وطنيتكم اليوم فليست من وطنيةالبشير في شيئ إن وطنية البشير زمن الإستدمار تنادي بوطن جزائري مستقل بذاته يختلف عن فرنسا المستدمرة في دينه و لغته و تاريخه كما قال بن باديس " الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا.. بل هي أمة بعيدة عن فرنسا.." أماهذه الوطنية التي تدّعونها اليوم و توالون فيها و تعادون فهي وطنية زائفة و لو امتدت الأيام بالإبراهيمي لكفر بها لأن محتكروهابدلوا و غيروا وهم يتاجرون بها في وطن اقتفى آثار فرنسا شبرا بشبر

  • عنقود حكمة

    هو مبصر للحقائق بطريقته الخاصة التي تميز بها ، لكنه ليس بـ عالم بـ قدر ما هو مثقف مطلع في زمانه ، و أسلوبه يدل على أنه يحاول أن يفسر الحقائق لصالح مبادئه التي أستقرت في نفسه و أستقر بها ، فأصبح يرى أنه مكلف بتعليمها على أنها علم يكاد يكون وحي يوحى ، ماذا لو قلت لك بأنه هو نفسه كان طوال عمره يحاول أن يجد تفسير لكل ما تعلمه ، وماذا لو قلت لك بأنني أستطيع إختصار كل ما تعلمه في بضعة أسطر ، الموضوع بسيط لا يوجد رقم بعد رقم تسعة ، تسعة حبات تين معقودة في خيط واحد أحملها في يدي كعنقود عنب ، وكل حبة تين لها إسمها , فإن عرفت إسم الأولة عرفت إسم الثانية و الثالثة وهكذا إلى الحبة التاسعة , عنقود حكمة

  • محمد

    الأب الروحي لثورة الجزائر المباركة . طيب الله ثراه وأدخله أعلى درجات الجنة ..
    من يفعل ذلك فئتان...
    فئة أولاد فرنسا التي تحاول سلخ الجزائريين من إنجازاتهم وشعورهم بالفخر والحرية بما حققوه من طرد للمستعمر ..وتحاول سلخ الهوية الجزائرية من الإنتماء للإسلام والأصالة.
    والفئة الثانية هي فئة عملاء آل سعود ممن لايملكون في رصيدهم إنجاز واحد سوى التقتيل والتدمير وبث الفرقة وتقسيم الناس والتساهل في دماء المسلمين والتشدد فيما غير ذلك من طيبات الحياة المباحة. وإدعاء الحقيقة المطلقة ، بل وإدعاء أنهم وكلاء الله في الأرض بمايحاولون قوله.
    هاتان الفئتان متعاديتان في الظاهر لكنهما متحالفتان في الباطن.

  • احمد

    لا ينكر فضله و مكانته عند الشعب الا صبي أو غبي أو امرؤ وراءه خفي

  • عبدالحميدالسلفي

    السلام عليكم.
    بل هي الولاية في الدين التي لا تنال إلا بالعلم واليقين.
    وأعظم علم معرفة رب العالمين بأسمائه وصفاته وأفعاله في الجلب
    وتجسيد ذلك كله في الطلب,
    فيكتب لك القبول برضوان الله وحده
    فتحبب عند الخيرين من الملائكة والعالمين وجنده.

  • Med Drifi

    رحم الله الرجل الذي ادرك في اخر ايامه ان الجزاءر لم يتغير فيها شيء برغم خروج عسكر فرنسا فمات تحت الاقامة الجبرية ... قال عن الذين يحكمون اليوم : الانجليز اول الشر و اوسطه و اخره.